سمحت الحكومة البريطانية لطبيب عراقي اشترك في عمليات تعذيب بشعة كان يشرف عليها جلاوزة الرئيس السابق صدام حسين، بمزاولة الطب داخل المستشفيات البريطانية. ورغم أن ملفه قد أحيل على إحدى وحدات جرائم الحرب المتخصصة، إلا أن المجلس الطبي العام ما زال يبرئه، ويعمل الآن في ويست ميدلاندز.

طبيب عراقي ارتكب جرائم تعذيب في عهد صدام يزاول المهنة في بريطانيا

القاهرة: تفاصيل مثيرة كشفتها اليوم صحيفة quot;الدايلي ميلquot; البريطانية بعدما أماطت النقاب عن أن الطبيب العراقي محمد قاسم البياتي، الذي سبق له المشاركة في عمليات تعذيب بشعة كان يشرف عليها جلاوزة الرئيس العراقي السابق صدام حسين، يزاول الآن مهنته كطبيب داخل المستشفيات البريطانية.

وفيما اعتبرتها الصحيفة بمثابة quot;الفضيحة المذهلةquot; بالنسبة إلى دائرة الهجرة، فقد سمح مسؤولو الحدود البريطانية لمجرم الحرب المشتبه فيه بأن يعالج الآلاف من المرضى البريطانيين. وسُمِح له كذلك بأن يعمل كطبيب في المستشفيات العامة من قِبل حكومة حزب العمال عام 2004.

ولم تفلح المراجعات في الكشف عن سابق عمله لحساب وكالة الاستخبارات العراقية سيئة السمعة، التي أدارت البلاد في عهد من الإرهاب خلال سنوات حكم صدام حسين. وكان يخفف البياتي من الآلام التي يشعر بها ضحايا التعذيب، كي يتم تعريضهم لمعاملة أكثر ترويعاً. واتصل البياتي عام 2007 بوزارة الداخلية البريطانية ليعترف بماضيه المروع، بحيث يتمكن من طلب اللجوء. لكن ذلك لم يمنعه، بصورة لا تصدق، من الاستمرار في كسب عشرات الآلاف من الجنيهات من خلال عمله في أحد المستشفيات في ويلز. والآن، ورغم أن ملفه قد أحيل على إحدى وحدات جرائم الحرب المتخصصة، إلا أن المجلس الطبي العام ما زال يبرئه، ويعمل الآن في ويست ميدلاندز.

هذا وقد تم الآن فقط الكشف عن تلك التفاصيل من جانب وزيرة الداخلية، تيريزا ماي، التي quot;رُوِّعَتquot; بعد اكتشافها ما كان يحدث. وبالفعل، أمرت بفتح تحقيق عاجل، وتسعى إلى إحداث تغييرات في القواعد المعمول بها في هذا الشأن، لمنع تسلل حالات مماثلة عبر الشبكة مستقبلاً. وهي الواقعة التي رأت الصحيفة أنها ستطال كذلك العاملين في وحدة جرائم الحرب في وكالة الحدود البريطانية.

وأوردت الدايلي ميل في هذا السياق عن مصادر من الوايتهول قولها إن تلك القضية quot;تظهر حالة الفوضى الكلية التي عانتها وكالة الحدود البريطانية خلال سنوات حكم حزب العمالquot;. وجاءت تلك الواقعة في أعقاب موجة الجدل التي أثيرت مطلع الأسبوع الماضي بعدما فشلت وكالة الحدود البريطانية في منع الشيخ المتطرف، رائد صلاح، من دخول البلاد. ومن الجدير ذكره أنه طوال سنوات حكم الرئيس صدام حسين، تعرضت أعداد لا تحصى من العراقيين للتعذيب والتشويه والحسن. وكانت من أشهر الطرق التي تستخدمها الشرطة العراقية السرية مع المعتقلين العراقيين إبان الحقبة السابقة: قلع العينين، وثقب الأيدي بمثقاب كهربائي، والتعليق من السقف، والصدمة الكهربائية، والاغتصاب وغيره من أشكال الاعتداء الجنسي، والضرب على باطن القدمين، وعمليات الإعدام الوهمية، وإطفاء السجائر في الجسد، والحمامات الحمضية.

واطلعت الصحيفة على معلومات ذات صلة بتفاصيل تلك الواقعة تفيد أيضاً بأن البياتي وصل إلى بريطانيا بتأشيرة زائر، مدتها ستة أشهر، في كانون الثاني / يناير عام 2000، بعد 9 أعوام على نهاية حرب الخليج الأولى، التي تمخضت عن استمرار صدام حسين في الحكم. وقام المسؤولون بتمديد إجازته للبقاء مرتين، حتى يتمكن من مباشرة التجهيزات الطبية بوصفه طبيبا.

وفي كانون الثاني/ يناير عام 2004، بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق، حصل البياتي على تصريح عمل، وتم توظيفه في مستشفى بولفرهامبتون، واستمر هناك حتى شباط/ فبراير عام 2007. وفي تلك الفترة، طلب البياتي اللجوء. وفي آذار/ مارس عام 2007، صرح البياتي خلال المقابلات التي أجراها معه مسؤولون من وكالة الحدود البريطانية أنه كان يعالج الأشخاص بعد خروجهم من جلسات التعذيب، وأنه كان يعلم أن الضحايا يعودون إلى التعذيب، لكنه لم يكن يشعر أن بمقدوره فعل شيء. وبعد مرور شهر، أحيل ملفه على الوحدة الخاصة بجرائم الحرب. ومنذ العام 2008، يعمل البياتي بدوام كامل كمسجل موقت وأحياناً كمستشار في ويست ميدلاندز.