نظمت وكالة المخابرات المركزية الاميركية حملة تطعيم كاذبة في المدينة التي كان اسامة بن لادن يختفي فيها للحصول على عينة من الحمض النووي لزعيم القاعدة في خطة معقدة ، كما كشف تحقيق اجرته صحيفة الغارديان.

وقام عملاء الوكالة في اطار التحضير للغارة التي استهدفت مخبأ بن لادن في ايار/مايو ، بتجنيد طبيب باكستاني مسؤول لتنظيم حملة تطعيم في مدينة ابوت آباد مع اطلاق quot;المشروعquot; في أحد الأحياء الفقيرة من المدينة لتبدو الحملة حقيقية ، بحسب مسؤولين باكستانيين واميركيين وسكان محليين.

وقالت الصحيفة ان الاستخبارات الباكستانية اعتقلت الطبيب شاكل افريدي بتهمة التعاون مع عملاء المخابرات الاميركية.

وجرى التفكير في حملة التطعيم بعدما تمكنت الاستخبارات الاميركية من رصد ساعي القاعدة المدعو ابو احمد الكويتي وتعقبه الى ما اتضح انه مجمع سكن بن لادن في ابوت آباد الصيف الماضي. وظلت وكالة المخابرات المركزية تراقب المجمع بواسطة الاقمار الاصطناعية ومن منزل آمن في المدينة لكنها كانت تريد التأكد من وجود بن لادن في المجمع قبل تنفيذ عملية خطيرة على أرض بلد آخر.
وكان المخططون يرون ان عينة من الحمض النووي لأطفال بن لادن في المجمع يمكن ان تُقارن مع عينة من اخته التي توفيت في بوسطن عام 2010 لتقديم دليل يؤكد وجود العائلة. لذا فاتح عملاء في الوكالة الطبيب افريدي مدير الدائرة الصحية في خيبر الواقعة في منطقة القبائل على الحدود الافغانية.

وتوجه الطبيب الى مدينة ابوت آباد في آذار/مارس قائلا انه حصل على تمويل لاجراء حملة تطعيم مجانية ضد التهاب الكبد بي. وتجاوز الطبيب السلطات الصحية في ابوت آباد ليغدق المال بسخاء على موظفين صغار في المدينة شاركوا في العملية دون ان يعرفوا شيئا عن علاقة الحملة باستهداف بن لادن. وكان الموظفون الصحيون من القلائل الذين تسنى لهم دخول مجمع بن لادن في السابق لاعطاء قطرات مصل ضد الشلل لبعض الأطفال.

وأوعز الدكتور افريدي بنشر ملصقات دعائية في انحاء ابوت آباد بشأن حملة التطعيم. وفي آذار/مارس اجرت فرق صحية عملية التطعيم في ناوا شير احد الأحياء الفقيرة على اطراف المدينة. ويُعطى اللقاح المضاد لالتهاب الكبد بي في ثلاث جرعات عادة يفصل شهر بين الأولى والثانية. ولكن الطبيب عاد الى ابوت آباد في نيسان/ابريل وبدلا من اعطاء الجرعة الثانية في الحي نقل الفرق الصحية الى ضاحية بلال تاون حيث يعيش بن لادن.

ولا يُعرف على وجه التحديد كيف كان الطبيب يخطط للحصول على الحمض النووي من التلقيحات رغم ان افراد الفرق الصحية يمكن تدريبهم لسحب بعض الدم بالحقنة بعد اعطاء اللقاح.

وقال مسؤول باكستاني ان العملية كلها كانت غير نظامية. ولاحظ ان ضاحية بلال تاون منطقة ميسورة ولا تحتاج الى حملة تطعيم مجانية. وتساءل عما يفعله مدير صحة خيبر في ابوت آباد.

وتمكنت ممرضة تدعى باختو واسمها الكامل مختار بيبي من دخول مجمع بن لادن لاعطاء اللقاح. وقالت مصادر متعددة ان الطبيب الذي كان ينتظر في الخارج طلب منها ان تأخذ معها حقيبة يد فيها جهاز الكتروني. ولا يُعرف على وجه التحديد ماذا كانت وظيفة الجهاز وإن كانت الممرضة تركته في المجمع. كما لا يُعرف إن كانت وكالة المخابرات المركزية تمكنت من الحصول على عينة من الحمض النووي لزعيم القاعدة ولكن احد المصادر اشار الى ان العملية لم تتكلل بالنجاح.

ورفضت الممرضة باختو مختار بيبي التي لم تعرف الغرض الحقيقي من حملة التطعيم التعليق على البرنامج.

وعلمت الاستخبارات الباكستانية بنشاطات الطبيب خلال التحقيق في الغارة الاميركية التي اسفرت عن مقتل بن لادن. ورفضت اسلام آباد التعليق على اعتقال الطبيب افريدي ولكن مسؤولا كبيرا قال لصحيفة الغارديان ان من الطبيعي ان يُعتقل اشخاص يعملون لحساب جهاز تجسس أجنبي.

والطبيب افريدي واحد من عدة اشخاص اعتقلتهم الاستخبارات الباكستانية للاشتباه بمساعدتهم وكالة المخابرات المركزية ولكنه الوحيد الذي يُعتقد بأنه ما زال رهن الاعتقال.

ورفضت وكالة المخابرات المركزية الاميركية التعليق على مؤامرة حملة التطعيم.

وتشهد العلاقات الباكستانية الاميركية ترديا مطردا منذ الغارة على مجمع بن لادن في مطلع ايار/مايو الماضي. وازدادت العلاقات ترديا باعلان واشنطن حجب 800 مليون دولار من المساعدات العسكرية لباكستان في خطوة قال مراقبون ان واشنطن تريد ان توجه بها رسالة مؤدها ان اسلام آباد لا تتعاون بجدية في مكافحة الارهاب.