الوضعية تبدو صعبة للوصول إلى حل توافقي بين أطراف الصراع في قضية الخطوط الجوية الجزائرية، كما كان يأمل المدير العام للشركة. وعلق الحقوقي أحمد الدحماني على هذا الوضع بكونه يعكس وجود quot;البلاد في أزمة عامة وعميقةquot;، كما لاحت في الأفق بوادر تأسيس جمعية في باريس تدافع عن مستعملي الخطوط الجوية الجزائرية.


الحقوقي أحمد الدحماني

بوعلام غبشي من باريس: لايزال التوتر يسود أجواء الحوار بين إدارة الخطوط الجوية الجزائرية الحكومية وعمال الملاحة التابعين لها، ما يمكن أن يعيد الأزمة إلى نقطة الصفر في حال رفض مسؤولي الشركة تلبية مطالب المضربين.

وأكد وزير المواصلات الجزائري عمر تو أنه لا يمكن زيادة الأجور لهؤلاء العمال، معتبرًا ذلك مسًا بمالية الشركة، ما يعرضها لمشاكل في هذا الخصوص، كما دعا إلى quot;التفاوض عوض القيام بإضراب في كل مرةquot;.

وأشار المسؤول الحكومي إلى معاناة الجالية الجزائرية الأخيرة في المطارات الأوروبية قائلاً: quot;أتصور حرمان المهاجرين...كان يمكننا أن نتفادى كل هذا، لماذا أضيعت أربعة أيام؟quot;، يتساءل الوزير في إيحاء لمدة الإضراب.

مفاوضات في وضعية صعبة
قالت مصادر فرنسية، الأحد، إن هذه المفاوضات بين الطرفين توجد في وضعية صعبة بعد رفض المدير العام لشركة الطيران الجزائرية مسألة الزيادة في الأجور، مفضلاً الحديث عن quot;حل وسطيquot; بين الجانبين. وذكرت المصادر نفسها أن المؤسسة الجزائرية، التي تكبدت خسارة مالية قدرها رئيسها بـ 17.3 مليون يورو، تعهدت للمسؤولين النقابيين بعدم إقدامها على تسريح العمال المضربين، كما هددت بذلك في وقت سابق.

ويطالب عمال الملاحة، الذين يعملون لحساب المؤسسة المذكورة، زيادة الأجور بنسبة تصل إلى 20 %، وتغيير القانون الأساسي الذي يحكمهم حتى يساير في مضامينه القوانين الخاصة بالطيارين. وعمال الملاحة الجوية هم العناصر التي تعمل جوًا على متن الطائرات، إلا أن القانون الذي يحدد ما لهم وما عليهم، في علاقتهم بالمشغل، مشابه لباقي العمال الذين يعملون على الأرض، وهو ما يرفضه المضربون كذلك.

مسافرون جزائريون يبيتون في مطار أورلي
وكان مسافرون جزائريون وجدوا أنفسهم محاصرين في مطار أورلي في باريس، وهناك من قضى منهم ثلاثة أيام كاملة في ردهاته لعل الأمور تستقيم ويطير نحو بلده لقضاء العطلة الصيفية برفقة العائلة، إلا أن شركة الطيران المعنية في الشروع في نقلهم لم تنجح حتى اليوم الرابع أي الجمعة.

وبلغ عدد هؤلاء المنتظرين عند شبابيك المطار، بحسب أرقام نشرتها صحف فرنسية، ألف وخمسمائة منتظر أو مسافر، وكتبت صحيفة 20 دقيقة المجانية التي تصدر في العاصمة الفرنسية، واصفة هذه الأجواء quot;الخطوط الجوية الجزائرية تخلق سوقًا في مطار أورليquot;.

ومن أصل 14 رحلة جوية كانت مبرمجة، تمت رحلة واحدة الأربعاء وسط سخط عارم لدى المسافرين الجزائريين أو الفرنسيين من أصل جزائري، حيث ظلت هذه الجموع تردد quot;نريد طائرات...نريد طائرات...quot;، فيما أحاطت الشركة المعنية نفسها بالصمت.

quot;صور لا تشرف السلطة في الجزائرquot;
قال الفاعل الحقوقي أحمد الدحماني، معلقًا على هذه الوضعية لإيلاف، quot;إنها تعكس وضعية الحصار العام الذي توجد عليه اليوم الجزائر. صراع اجتماعي يتطور، ويعطي صورة يرثى لها، بفضل وسائل الاتصال الحديثة، عن بلد في أزمة عامة وعميقةquot;. وأعاب الأستاذ الجامعي الجزائري على حكومة بلاده أنها quot;لم تتخد بسرعة القرارات اللازمة، لاسيما الدخول في مفاوضات مع ممثلي العمال المضربينquot;.

كما يعتبر بنوع من المرارة أن ذلك يفسر quot;الاحتقار العميق الذي تكنه الحكومة الجزائرية لمواطنيها حيثما كان مقر إقامتهمquot;، مضيفًا أن quot;عائلات جزائرية تركت لحالها بدون مساعدة ولا معلومة في المطارات الفرنسيةquot;. وسجل المنسق العام للجمعيات الحقوقية المغاربية في باريس أن quot;وسائل الإعلام الأجنبية والفرنسية التقطت هذه الصور، التي يرثى لها، بفرح كبير، صور لا تشرف سلطة جزائرية غير مسؤولةquot;.

تكشف هذه الوضعية، بحسب الدحماني، أن quot;الهجرة الجزائرية في فرنسا غير مهيكلة، تائهة وغير منظمة، وتوجد تحت رحمة السلطات بمستوى يعكس صورة جزء من المجتمع الجزائري الذي يقوم بردود فعل عوضًا من القيام بما يمكنه أن يغير الأشياءquot;، على حد تحليله.

في تقويمه لأداء الحركة النقابية المستقلة بعد هذا الإضراب، يقول الدحماني، لقد quot;برهنت على قدرات حقيقية للتعبئة، لكنها تبقى رغم ذلك مهمشة وبدون إمكانيات بإرادة من السلطة الجزائرية التي تفضل التفاوض مع الاتحاد العام لعمال الجزائر التابع لها...quot;، بحسب تفسيره.

في موضوع متصل، ظهرت البوادر الأولى لتأسيس جمعية تدافع عن مستعملي الخطوط الجوية الجزائرية، وستضع ضمن أولوياتها مطالبة هذه الشركة بتعويض المسافرين الجزائريين الذين اشتروا التذاكر ما بين التاسع والسادس عشر من الشهر الجاري، وتقديمها اعتذارًا للركاب الذين عانوا المحنة الأخيرة.

وستنظم الجمعية لقاء إخباريًا خلال شهر أيلول-سبتمبر قبل أن يعقد الجمع العام في عنوان مقابل لمقر الخطوط الجوية الجزائرية في باريس في السابع عشر من الشهر نفسه. وستنكب هذه الجمعية، بحسب معلومات حصلت عليها إيلاف، على تدارس كل الأمور التي تهم المسافرين الجزائريين في علاقتهم بالشركة نفسها، ودعت الجالية الجزائرية بالمناسبة إلى الانتساب إليها بكثافة.