شكل الاعلان عن حركة المحافظين الجديدة خيبة أمل لدى المصريين، اذ ان الحركة الجديدة التي شملت 11 محافظاً لم تتضمن أي قبطي او إمرأة. وقد انتقد نشطاء سياسيون تحدثوا الى ايلاف التعيينات الجديدة وأجمعوا على ان ما حصل يؤكد ان النظام القديم ما زال قائمًا رغم أن الرئيس السابق حسني مبارك يحاكم حالياً.


اشتباك بين مؤيد ومعارض للرئيس المصري السابق

كشف الدكتور عصام شرف عن أعضاء حركة المحافظين الجديدة التي شملت تغيير 11 محافظاً وخلت التغييرات من أي تمثيل للأٌقباط أو المرأة أو الشباب، حيث خرج المحافظ المسيحي الوحيد اللواء عماد ميخائيل من منصب محافظ قنا، اذ لم يتمكن من القيام بمهام عمله، نظراً لإعتراض الاسلاميين عليه. وتعرض شرف لإنتقادات شديدة من جانب النشطاء السياسيين، متهمين إياه بالخوف من إثارة غضب الإسلاميين المتشددين، الرافضين لتعيين المسيحي أو المرأة في المناصب القيادية، كما إتهموه بالسير على النهج القديم في اختيار المحافظين من القضاة وضباط الشرطة والقوات المسلحة.

ضباط شرطة وجيش

وشملت حركة المحافظين الجديدة تعيين عدد من ضباط القوات المسلحة في منصب المحافظ، ومن أبرز الوجوه: اللواء طارق المهدي عضو المجلس العسكري و رئيس إتحاد الإذاعة والتلفزيون السابق، محافظاً للوادي الجديد، اللواء خالد فودة صديق محافظاً لجنوب سيناء، اللواء محمد علي فليفل محافظاً لدمياط، اللواء محمود عاصم محافظاً للبحر الأحمر، اللواء جمال أحمد إمبابي محافظاً للإسماعيلية، كما شملت الحركة تعيين عدد من ضباط الشرطة في منصب المحافظ، ومنهم اللواء سراج الدين الروبي محافظاً للمنيا، والذي كان يشغل منصب مدير الإنتربول المصري، ونقل اللواء عادل لبيب من محافظة الإسكندرية إلى محافظة قنا، وهو المنصب الذي شغله قبل توليه محافظة الإسكندرية، وهو لواء سابق في جهاز أمن الدولة المنحل، وتضمنت الحركة تعيين صحافي للمرة الأولى في تاريخ مصر محافظاً، وهو الدكتور عزازي علي عزازي رئيس تحرير جريدة الكرامة، حيث شغل منصب محافظ الشرقية، وبذلك يكون قد حصل الصحافيون المصريون على منصبين في الحكومة الحالية، الأول وزارة الإعلام التي يتولاها أسامة هيكل الصحافي في جريدة الوفد، والذي كان مندوب الجريدة في وزارة الدفاع. وغاب الأٌقباط عن منصب المحافظ في حين تم تعيين قبطي نائباً لمحافظ القاهرة للمنطقة الشمالية، وهو المهندس سمير مرقص.

إنتقادات لغياب الأقباط

وانتقد المستشار نجيب جبرائيل محامي الكنيسة عدم حصول الأقباط على حقهم في مناصب المحافظين، وقال لـquot;إيلافquot; إن ما حدث خطأ فادح، لاسيما أن الثورة قامت من أجل إستعادة حقوق الأقباط الذين شاركوا فيها بفاعلية إلى جوار إخوانهم المسلمين، وقدموا شهداء فيها، وروت دماؤهم أرض ميدان التحرير، مشيراً إلى أنه كان ينبغي تعيين محافظين أو ثلاثة من الأقباط، رافضاً في الوقت نفسه أن يكون للأقباط كوتة، لكنه تساءل: أليس في مصر قبطي واحد يصلح لشغل منصب المحافظ؟

فيما إعتبر المحامي والناشط جورج سمير عدم تعيين محافظ قبطي بمثابة خضوع من حكومة شرف لضغوط الإسلاميين المتشددين، وقال لquot;إيلافquot; إن الإحتجاجات التي خرجت ضد اللواء عماد مخائيل محافظ قنا السابق نظمها الإسلاميون المتشددون في المحافظة، وأدت إلى تجميد حكومة شرف له، ولم يتمكن من ممارسة عمله، متوقعاً أن يكون استبعاد شرف العنصر المسيحي جاء خشية ضغوط الإسلاميين، معتبراً أن ذلك يدل على ضعف وإرتعاشة يد حكومة الدكتور شرف، داعياً إلى ضرورة التراجع عن تلك التغييرات، لأنها لم تلب طموحات الشعب، وليس الأقباط فقط. كما اشار إلى أنها خلت أيضاً من تمثيل المرأة، وكأن نساء مصر ليس من بينهن من تصلح لتولي منصب المحافظ، ونبه إلى أن التغييرات خلت أيضاً من الوجوه الثورية، وإقتصرت كالعادة على ضباط الشرطة وضباط الجيش والأكاديميين والقضاة، والإستثناء الوحيد هو تعيين صحافي محافظاً.

إهدار حقوق المرأة

بدورها، رأت إسراء جمال الناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة، أن حركة المحافظين تأتي في إطار النهج العام لحكومة الدكتور عصام شرف، الذي يتجاهل المرأة، وقالت لـquot;إيلافquot;: رغم أن المرأة شاركت بقوة في الثورة، وكانت جنباً إلى جنب وكتفا الى كتف مع الرجل، وقدمت شهيدات، إلا أنها لم تحصل على حقها بعد نجاح الثورة في الإطاحة بالنظام السابق، بل تم الإنتقاص من المكتسبات التي حصلت عليها بعد كفاح طويل، فقد تم إستبعادها من اللجنة التي وضعت التعديلات الدستورية، ومن تشكيل الحكومة، ومن تشكيل المحافظين، ولم تتول أي منصب قيادي بعد الثورة، ولم تشترك في ندوة أو حوار عام في ما يخص الشأن المصري بدعوة من الحكومة. وأعربت جمال عن دهشتها من موقف الحكومة والمجلس العسكري غير المبرر من المرأة، وتجاهل نضالها في سبيل نجاح الثورة.

النظام القديم ما زال قائماً

وفي السياق ذاته، يرى شريف صادق عضو حركة 25 يناير أن تغييرات المحافظين جاءت على غير ما وعد به الدكتور عصام شرف، وقال لquot;إيلافquot; إن التغييرات الجديدة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن النظام القديم ما زال قائماً، رغم أن مبارك يحاكم حالياً، أو على الأقل ما زالت الحكومة تعمل بالفكر القديم، وأوضح أن معايير إختيار المحافظين ما زالت كما كانت في السابق، فهناك كوتة للأكاديميين، وكوتة للضباط القوات المسلحة، وكوتة لضباط الشرطة، وكوتة للقضاة، مشيراً إلى أنه في السابق كان نظام مبارك يخصص كوتة للأقباط، لكن حكومة الدكتور عصام شرف ألغت تلك الكوتة، وهو تطور خطر.

كما إنتقد صادق غياب الشباب عن حركة المحافظين، رغم أنهم كانوا العنصر الفاعل في تحريك الثورة، وتفجير شرارتها، معتبراً أن ما حدث بمثابة إرتداد للخلف، ومطالباً الدكتور عصام شرف بضرورة تصحيح هذه الأخطاء الفادحة.

خيبة أمل

بدوره، أعرب المركز المصري لحقوق الإنسان عن أسفه من جراء خيبة الأمل التي انتابته بعد إعلان التشكيل الأخير للمحافظين الجدد، وقال إن تشكيلة المحافظين لا تتناسب تماما مع طموحات المجتمع المصري في مرحلة ما بعد الثورة، خاصة وأن هذه التشكيلة يظهر وكأنها تسير على نهج الطريقة التي كان يتبعها النظام السابق ولم تكشف عن أي خطوات جديدة يمكن من خلالها التوقع بحدوث أمر جديد في ما يخص عمل المحافظين.

ويشير المركز إلى أن أكثر ما يثير الدهشة هو الإبقاء على بعض المحافظين في مواقعهم رغم فشلهم منذ اختيارهم في تدعيم أساس التواصل والتفاعل مع مشكلات المواطنين، وانتقد المركز في بيان له، حصلت إيلاف على نسخة منه، عدم تمثيل الشباب في التشكيل الجديد للمحافظين، حيث لم يتم تعيين أي محافظ أو نائب محافظ من شباب الثورة وهي خطوة غير مفهومة وغير مبررة.

كما أعرب المركز، الذي يديره قبطي هو صفوت جرجس، عن خيبة الأمل جراء عدم تعيين أي محافظ قبطي أو امرأة في منصب المحافظ في هذا التشكيل، معتبراً أن ذلك يعد رسالة استسلام من مجلس الوزراء لأفكار الجماعات المتشددة والتي سبق أن اعترضت على تعيين قبطي محافظا لقنا، وسيرا على نهج النظام السابق في عدم اختيار امرأة في منصب محافظ وهو تمييز غير مقبول لمجتمع صنع ثورة كبيرة ضد الظلم والفساد والتمييز.

وهاجم المركز الدكتور عصام شرف لعدم وضع نهج جديد في اختيار كل الأطياف السياسية والاجتماعية للمناصب دون الاكتراث بالأفكار المتشددة والرجعية والتي تحقر من وصول القبطي والمرأة إلى المناصب العليا.

ترسيخ للفساد

الى ذلك، دعا المركز الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء إلى ضرورة ترسيخ مبادئ جديدة في المجتمع تؤكد أهمية اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب عبر الكفاءة والخبرة دون اتباع أي من الطرق التقليدية التي كانت تعتمد على أهل الثقة أكثر من أهل الخبرة وهيمنة الخلفيات الشرطية والعسكرية على المناصب الإدارية ، مؤكداً أن هذه المناصب تتطلب شخصيات متمرسة في العمل الإداري تعرف جيدا كيفية التعامل مع الموظفين ومعاناة المواطنين وكيفية حلها، بينما من ليس له خبرة بمثل هذه الملفات يلجأ لمن يساعده في حلها من داخل الجهاز الإداري المشبع بالفساد.