مينغورا: بعد عامين على طرد متمردي طالبان واحلال الامن في منطقة سوات، يبقى الجيش الباكستاني مسيطرا اكثر من اي وقت مضى على هذه المنطقة التي كانت في الماضي القبلة السياحية الاولى في باكستان ولا سيما بوجود مخاوف قد تؤدي الى تاجيل عودة السلطة الى المدنيين.

وعاد السياح هذا الصيف الى ضفاف نهر سوات والجبال الرائعة المطلة عليها من الشمال الغربي، بعدما خلت المنطقة من اي حركة سياحية لسنوات بسبب هيمنة حركة طالبان والمعارك بين مسلحيها والجيش، فضلا عن فيضانات مدمرة.

وان كانت المشاهد الطبيعية لم تتغير، الا ان الجديد فيها هو الجنود والآليات العسكرية المنتشرة في مينغورا كبرى مدن سوات الواقعة على سفح الوادي الوعر.

فقد اطلقت اسلام اباد في نيسان/ابريل 2009 هجوما شارك فيه 30 الف جندي ضد عناصر طالبان التابعين لمولانا فضل الله الذين كانوا سيطروا على سوات، وبعد ثلاثة اشهر اعلنت تحرير المنطقة من جميع المتمردين الذين قتلوا او اسروا او فروا.

ويخيم الهدوء على المنطقة منذ ذلك الحين ولم يعلن عن اي حادث فيها هذه السنة.

غير ان الجيش ما زال ينشر في سوات اكثر من 25 الف جندي لملء الفراغ الذي خلفته سنوات من النزاع.

واحتل العسكريون عشرات المباني من بينها مقرات ادارية سابقة ومساكن او فنادق فخمة مطلة على مشاهد خلابة، فاحاطوها بالاسلاك الشائكة وحواجز من اكياس الرمل.

ويجمع السكان الذين التقاهم مراسلو فرانس برس في شوارع سوات على الاعراب عن امتنانهم للجيش بعدما اغاثهم مرتين في السنوات الاخيرة، بطرد متمردي طالبان الذين ارهبوا السكان بالاغتيالات واعمال العنف، وخلال الفيضانات التي حلت بالمنطقة الصيف الماضي.

وقال محمد اقبال تاجر الملابس في مدينة البحرين السياحية التي اجتاحتها المياه quot;لقد بذل الجيش الكثير من الجهد، اعاد بناء الجسور وفتح الطرقات وامدنا بالطعام، فيما الحكومة قطعت الكثير من الوعود بدون ان تقوم باي شيءquot;.

غير ان سكان سوات التي بقيت لفترة طويلة مملكة تتمتع بحكم ذاتي ولم تكن تحوي اي قواعد عسكرية قبل العام 2009، بدأوا يملون وجود الجيش وانتشار مراكز التفتيش التي تعيق تنقلاتهم والهيمنة العسكرية على الشؤون المحلية على حساب ادارة مدنية يجري ترميمها.

وقال عناية الرحمن المزارع الاربعيني quot;يجب ان يبقى الجيش في المنطقة لان طالبان يمكن ان يعودوا، لكن مكانه في الثكنات وليس في الشوارع والطرقاتquot;، وهو رأي يشاطره اياه العديد من السكان المحليين.

ويؤكد الجيش انه خفض اعداد حواجز التفتيش الى خمس ما كانت عليه قبل عام، مشيرا الى انه يعتزم اعادة تسليم سوات الى الادارة المدنية quot;في غضون بضعة اشهرquot;.

لكن الجنرال جويد اقبال القائد العسكري للمنطقة يوضح quot;انها عملية تدريجيةquot;، مشيرا الى انه quot;ما زال هناك ما ينبغي القيام بهquot;.

والواقع ان نقل السلطات فعليا قد يستغرق المزيد من الوقت.

ويعتزم الجيش اقامة ثلاث او اربع ثكنات مستقبلا في سوات، فيما افاد الجنرال اقبال ان اعمال تشييد المباني وحدها ستستغرق ما لا يقل عن سنتين.

ومما يعزز المخاوف تضاعف الاحداث في منطقة دير المجاورة حيث قتل عناصر من طالبان عشرة شرطيين في مطلع حزيران/يونيو. ودير محاذية لولايتي كونار ونورستان الافغانيتين اللتين لجأ اليهما فضل الله ومقاتلوه بحسب مصادر امنية.

واقر الجنرال اقبال بان quot;هذه ظاهرة جديدة تدعو الى القلق .. وقد تترتب عنها عواقب بالنسبة للعملية الانتقاليةquot;.

وابدى رئيس الادارة المدنية في سوات قمران رحمن quot;استعداده لتولي المهامquot;، لكنه اقر بان quot;الجيش هو الذي سيقررquot;.

واضاف quot;ربما يتم ذلك العام المقبلquot; وهو رأي ينم عن تفاؤل بحسب مسؤول في اجهزة الامن المحلية توقع متحدثا لفرانس برس ان تبقى سوات تحت السيطرة المباشرة للجيش quot;لسنتين او ثلاث سنوات اضافيةquot;.