مسلمون ومسيحيون موحدون أثناء الثورة

عاد شبح الفتنة الطائفية ليطلّ برأسه في مصر من جديد، رغم أن آخر حادثة لم يمض عليها سوى أسبوعين، حيث وقعت مناوشات طائفية أسفرت عن مقتل مسلم وإصابة آخر، بسبب تحرش شاب مسيحي بفتاة مسلمة. وسرت شائعات عن إحتراق كنيسة ماري مينا جراء الحادث ثبت عدم صحتها في ما بعد.


القاهرة: روى شهود عيان أن شاباً مسيحياً قام بالتحرّش بفتاة مسلمةفي ضاحية شبرا الخيمة في القاهرة، موجّهاً لها ألفاظاً بذئيةً، مما دعاها إلى الإتصال بأشقائها الذين حضروا إلى الشاب الواقف أمام محل مملوك لوالده.

وأضاف شهود العيان لـquot;إيلافquot; إن الشاب إتصل بوالده أيضاً، فحضر حاملاً سلاحاً نارياً أطلق منه طلقات عدة استقرت إحداها في رأس رجل مسلم، بينما كان يمر من الشارع، فتوفي على الفور، وأصيب آخر بجروح خطرة، وكلاهما ليسا طرفين في الخلاف. فيما أصيب الشاب المسيحي بطعنة في البطن بسكين أحد أقارب الفتاة.

فقد أفاد محمد فريد من أهالي المنطقة لـquot;إيلافquot; إن الواقعة بدأت عندما اعترض شاب مسيحي طريق فتاة مسلمة أثناء مرورها من أمام المحل التجاري المملوك لوالده، فاتصلت بأشقائها وأسرتها، حيث حضروا إلى المكان حاملين العصي والسكاكين، لتأديب الشاب الذي تجرأ على التعرض للفتاة، رغم أنه يعلم أن أسرتها من أصحاب النفوذ والشكيمة في المنطقة.

وأضاف فريد، وهو شاب حاصل على إجازة في التجارة، ويعمل في شركة قريبة من الشارع الذي شهد الحادث، أن الشاب عندما شاهد أسرة الفتاة قادمين إليه، اتصل بوالده الذي كان يباشر العمل في محل آخر مملوك له، فحضر حاملاً سلاحاً نارياً، وأطلق أعيرة نارية عدة في الهواء بقصد إرهاب أسرة الفتاة.

لكن إحداها استقرّت في رأس أحد المارة فلقي مصرعه في الحال، وأصيب آخر بطلق ناري أيضاً، وهو في حالة خطرة. وأشار فريد إلى أن الشاب ووالده عندما شاهدا سقوط الرجلين في الشارع مضرّجين في دمائهما سارعا بالفرار، إلا أن أحد أشقاء الفتاة لاحقهما، وطعن الشاب بسكين ونقل إلى المستشفى للعلاج، وأحرقوا المحلين التجاريين المملوكين لوالد الشاب.

شائعات إحراق كنيسة

ووفقاً لسمير عدلي من أهالي المنقطة، فإن إطلاق الرصاص أثار الذعر بين الأهالي، واتصل بعضهم بالشرطة والجيش، وحضرت قوات ضخمة، وحاصرت المنطقة وفرضت حظر التجول في الشارع الذي شهد الحادث.

وقال عدلي لـquot;إيلافquot; إن القوات فرضت كردوناً أمنياً ووضعت دبابات وحواجز أمنية حول كنيسة مارمينا عقب سريان شائعات تزعم أن مجموعات كبيرة من المسلمين في طريقهم إليها لإحراقهما، إحتجاجاً على مقتل الرجلين المسلمين.

وأشار إلى أنه تم القبض على والد الشاب المسيحي وتجري النيابة تحقيقات معه، فيما ألقي القبض على أفراد أسرة الفتاة المسلمة أيضاً. ولاتزال القوات تحيط بالكنيسة، وتنتشر بكثافة في المنطقة خشية وقوع أعمال عنف بين الجانبين.

إعمال القانون

ودعا المستشار نجيب جبرائيل محامي الكنيسة إلى إعمال القانون في أي حادث له صبغة طائفية، وقال لـquot;إيلافquot; إن الواقعة تعتبر جنائية، ولا علاقة لها بالطائفية، مشدداً على ضرورة التعامل بالقانون، ونبذ الجلسات العرفية.

وأضاف أن النظام السابق كان يتعامل مع الملف الطائفي بطريقتين، الأولى أمنية قمعية، والأخرى ودية، حيث يتم إعتقال أطراف الأزمة وتعذيبهم أو التنكيل بهم، وإجبارهم على توقيع صلح عرفي، فيما يظل quot;إللي في القلب في القلبquot;.

ولفت جبرائيل إلى أن ثورة 25 يناير قامت من أجل العدالة وتأسيس دولة القانون والمؤسسات. ونفى جبرائيل أن تكون الكنيسة تعرضت للأذى، مشيراً إلى أن ما قيل حول إحراقها مجرد شائعات. بل تعرض المحلان التجاريان المملوكان لوالد الشاب للحرق.

ونبه جبرائيل إلى أن نحو 95% من الحوادث الطائفية تكون بسبب أنثى، مرجعاً ذلك إلى ارتباط القضية بالشرف والعرض، موضحاً ان كثيرًا من الجرائم تقع بدافع الشرف، وفي حالة إضافة الطائفية لها تشتعل الأزمة بشكل أكبر. ودعا الجميع إلى تعقل وإعمال الحكمة وضبط النفس في مثل تلك القضايا.

لجان شعبية وقوات أمن لحماية الكنيسة

لم يكن شباب الثورة بعيدين عن الحادث، حيث شكل شباب إتئلاف الثورة وشباب إتحاد أقباط ماسبيرو لجاناً شعبية لحماية الكنيسة مع قوات الشرطة وقوات الجيش، حسب قول جمال رمزي عضو إتحاد ماسبيرو لـquot;إيلافquot;.

وأضاف أن العديد من الشباب شارك مع قوات الشرطة والجيش في حماية الكنيسة، حيث شكلوا دروعاً بشرية حولها في أعقاب سريان شائعات تدّعي أن المسلمين سوف يخرجون من صلاة الجمعة ويتجهون نحو الكنيسة لإحراقها.

وأشار رمزي إلى ان اللجان مستمرة في حماية الكنيسة حتى الآن quot;صباح السبت 27 أغسطس الجاريquot;، و نبّه إلى أن الحادث يتكرر باستمرار في الشوارع، حيث يتم التعرّض للفتيات دائماً، لكن حالة الإنفلات الأمني وإنتشار السلاح الناري بأيدي المصريين، وكثرة الحوداث الطائفية من هذا النوع خلال الفترة الماضية أدى إلى تطوره بهذا الشكل وسقوط قتيل وجريح.

أشهر الحوادث الطائفية قبل الثورة

وشهدت مصر نحو 159 حادثاً طائفياً، وقعت خلال الأربعين عاماً الأخيرة، وتحديداً منذ العام 1972، عندما حاول بعض المتطرفين إحراق منزل كان الأقباط يعملون على بناء كنيسة على أنقاضه، وذلك في حي الخانكة التابع لمحافظة القليوبية، وهو ما عرف تاريخياً بـquot;أحداث الخانكةquot;.

وفي العام 1981 شهدت منطقة الزاوية الحمراء في القاهرة،سقوط نحو 81 قتيلاً، معظمهم من المسيحيين، وإحراق عشرات المحال التجارية والمنازل المملوكة للأقباط، بسبب محاولة إنشاء كنيسة بدون تصريح أيضاً.

وفي 31 ديسمبر عام 1999، شهدت قرية الكشح التابعة لمحافظة سوهاج في جنوب مصر حادثاً، راح ضحيته 21 شخصاً، معظمهم من المسيحيين، فضلاً عن إحراق عشرات المنازل والمحال التجارية، بسبب خلافات تجارية بين مسلم مسيحي.

وفي صباح الأول من يناير 2010، قتل ستة مسيحيين ومسلم واحد، في مدينة نجع حمادي في محافظة قنا، على يد أحد المسلمين التابعين لقيادي في الحزب الوطني الحاكم المنحلّ. وفي بداية العام الحالي 2011، وقع تفجير أمام كنيسة القديسين في الإسكندرية، خلف نحو 23 قتيلاً و79 مصاباً.

أكبر الحوداث بعد الثورة

بعد إنتصار الثورة وإزاحة الرئيس السابق حسني مبارك عن الحكم، وفي شهر مارس الماضي، وقع حادث هدم كنيسة في قرية صول مركز أطفيح، بسبب علاقة بين امرأة مسلمة ورجل مسيحي، ليكون أول حادث طائفي بعد نجاح الثورة.

وفي منتصف أبريل الماضي، وقع حادث إمباب،ة الذي راح ضحيته 13 قتيلاً و240 مصاباً. وتلت ذلك الحادث نحو عشرة حوادث متفرقة لم يسقط فيها قتلى، وكانت السبب فيها إعتناق فتيات مسيحيات الدين الإسلامي. أشهرها قضية نانسي وكرستينا، التي لم تنته بعد، حيث تصرّ الفتاتان على أنهما إعتنقتا الإسلام بمحض إرادتهما، وتصّر أسرتاهما على أنهما تعرضتا للإختطاف، وأجبرتا على إعتناق الإسلام.