quot;سوق الحلالquot; في فرنسا بات إشكالية صعبة على من يدعون إلى تأطيره قانونيا، فمبدأ علمانية الجمهورية الفرنسية لهم بالمرصاد. ورغم ذلك فإنهم يلحون على أنّ المخرج التشريعي هو الوحيد القادر قادر على وضع حد للتجاوزات الذي يشهدها منذ سنوات.


جناح مخصّص لبيع quot;اللحم الحلالquot; في أحد المتاجر الفرنسية

باريس: دعا منتخبون محليون،عن الجمعية الوطنية للمنتخبين المحليين المتنوعي الثقافات، المنتخبين الكبار من النواب الفرنسيين إلى التوقيع على عريضة للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية حول سوق الحلال في فرنسا، وذلك لتسليط المزيد من الضوء على الممارسات التي يعرفها القطاع في غياب قوانين تنظيمية له.

و جاء في مقدمة هذا النداء، الذي توصلت إيلاف بنسخة منه، أن quot;الحق في الاستهلاك يضمن العديد من المبادئ، منها الحق في التوصل بالمعلومة لحمايته من الدعاية الكاذبةquot;.

وتأسف أصحاب النداء لكون هذا quot;المبدأ لا يُحترم وإن كان الاحتيال التجاري يعاقب عليه بموجب القانون، ففي حالة quot;تجارة الحلالquot;، تمارس في غياب تشريعات واضحة ودقيقةquot;.

وكانت إحدى القنوات الفرنسية فجرت، مع بداية شهر الصيام، خبايا هذا السوق، من خلال تحقيق صحافي استعرض ممارسات لا تحترم الشعائر المتعارف عليها في هذا الخصوص، ما خلف ضجة كبيرة في أوساط مسلمي فرنسا ولدى وسائل الإعلام الفرنسية.

وهذه الممارسات، طبقا لتصريح كمال حمزة وهو أحد موقعي النداء،quot;تعددت بخصوصها الكتابات الصحفية، التحقيقات والشهادات التي أجمعت برمتها على وجود ممارسات مشكوك فيها بل مسجلة لعدد من التجاوزاتquot;.

حيثيات النداء

عن سبب المطالبة بلجنة تحقيق برلمانية، يجيب كمال حمزة،إنه quot;لأجل تأطير هذا السوق الذي يعرف فراغا قانونيا حقيقيا وغير مقبول،لأنه يهم 6 ملا يين من المستهلكينquot;.

و هذه اللجنة، يضيف حمزة في حوار خاص لإيلاف: quot;يمكن لها في بادئ الأمر أن تسلط كامل الضوء على المخالفات، وبعدها يمكن أن تقدم توصيات بالإمكان أن تكون موضوع قوانين لتأطير هذا السوق،ا لذي ترك بين أيدي مقاولين تقل لديهم النزاهة في بعض الأحيانquot;.

ويعترف حمزة quot;بصعوبة هذه المعركةquot;، إلا أنه يستطرد quot;لكننا لسنا بسذج، لأننا نعلم أننا سنواجه بمبدأ العلمانية. ولذلك نريد أن نذكر أنه لم نرد في أي لحظة المساس بهذا المبدأ، لكن من المفروض حماية مستهلكين التي تمارس تجاوزات بحقهم و يزداد قلقهم يوما بعد يوم، وينتظرون من المشرع تحركات ملموسة لتنظيم هذا السوقquot;.

وزاد قائلا quot; في كل الأحوال، هل يمكن أن يقبل أن يكون في بلدنا نوعين من المستهلكين، أولئك الذين يجب حمايتهم والآخرون الذين يمكن أن تمارس بحقهم تجاوزات؟ لم يعد بإمكاننا القبول بغض الطرف عن هذه الممارسات، لأن رواج سوق من هذا النوع في تصاعد مستمر، يقدر بخمسة مليار يورو،عدم تأطيرها سيؤدي إلى تفضيل الربح والانتقاع الذاتي على حساب المصلحة العامةquot;.

طرق أبواب السياسيين

معلقة إشهارية لـquot;منتوج حلالquot; في فرنسا

إحالة هذا الملف على السياسيين حصل بعد أن مل هذا المنتخب ومن معه من انتظارات المؤسسة الدينية الوصية، quot;فمنذ سنوات والمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية يحدثنا عن ميثاق ،تصنيف جودة يؤطر سوق الحلال،إ لا أن هذا الأمر تأخر، بحسب كمال حمزة.

واستعرض محاورنا جملة من التجاوزات التي يعرفها القطاع، والخطير في كل هذا عندما تسوق مواد غذائية على أنها حلال إلا أنها في واقع الأمر عكس ذلك.

وسبق لوسائل الإعلام الفرنسية أن عرت العديد من هذه التجاوزات منها المتعلقة باللحوم، ومادام quot;أن لحوم الحلال ولجت العالم الصناعي، يجب تأطير تسويقهاquot;.

وبهذه العملية، يعتقد كمال حمزة،quot;أننا اليوم ألقينا بحجرة في بركة مائية، حيث استطاعت أن تحرك السلطات العمومية كما هو شأن السلطات الدينية. ويجب أن نستمر في هذا الضغطquot;.

ويراهن حمزة ومجموعته على quot;الدخول البرلماني، لأنه سيكون حاسما باعتبار أن كل منتخب محلي يعرف برلمانيا في الجمعية الوطنية أو مستشارا في مجلس الشيوخquot;، وقال: quot;في انتخابات مجلس الشيوخ سنطلب من المرشحين التزاما بهذا الشأن، نتمنى تطوير تصنيف الجودة في المستقبل، والذي بإمكانه أن يصبح، بفضل تقنين جيد، شعارا للجودة الفرنسية في هذا المجالquot;، مذكرا بالمعارك التي خاضها مربو الدجاح بنفس الهدف سنة 1965.

مزيدا من الشفافية

هشام الفاسي الفهري، مستثمر في مجال سوق الحلال، بالنسبة له هذا السوق اليوم بفرنسا quot;مشابه من حيث تنظيمه لما كان عليه سوق quot;الكشيرquot; قبل ما يزيد عن عشرين سنة، حيث كانت العديد من مؤسسات تصنيف الجودة، ولم يكن المجال مراقبا ما جعل العديد من المواد تباع باسم الكشير إلا أنها في حقيقة الأمر ليست كذلكquot;.

وقال الفاسي الفهري معلقا على وضعية سوق الحلال: quot;منذ عشر سنوات...تتدخل العديد من هيئات التصديق على الجودة، البعض منها بتطبيق صارم للنصوص، والبعض وفقا لقراءاته لها، والبعض الآخر له قدرة كبيرة على غض الطرف عن تصرفات الفاعلين الصناعيينquot;.

وبحسب هذا المقاول، يعود الفضل في الكشف عن العديد من التجاوزات منذ سنة لموقع إلكتروني اختص في هذا المجال يدعى quot;كنزة بوان أورجquot;، زيادة على quot;تعبئة الجمعيات والمستهلكين المسلمين الذين لا يقبلون بأن يخدعواquot;، على حد قوله.

وقدم الفاسي الفهري مجموعة قضايا في هذا الشأن عرفتها الساحة الإعلامية الفرنسية، منها quot;الفضيحة الشهيرة لشركة نيسلي التي اكتشف في أحد منتجاتها quot;الحلالquot; لحم الخنزير، ما فرض عليها سحبه من الأسواق بسبب الضجة التي أحدثتهاquot;.

هناك فضيحة أخرى، يقول ضيفنا، quot;تتعلق بالدجاج المصدر إلى السعودية والذي لم يكن يذبح وفقا لما تمليه الشعائر الدينية، وإنما عن طريق آلة تقطع رؤوس الآلاف من الدجاج في ساعة من الزمنquot;.

وتحدث ضيفنا بلسان المستهلكين الذين يطالبون، بحسب قوله في الوقت الحالي quot;بالمزيد من الشفافية، حتى يستهلكوا وجباتهم في احترام تام لمعتقداتهم. ولذلك فهذا السوق الذي كان يشد مهنيي المواد الغذائية يسير في اتجاه التحول إلى سوق عادي، واحترام تعاليم الإسلام فيه ستصير القاعدة و ليس الاستثناءquot;.

ويرى الفهري أن هذا السوق لا تزال مدرة بالنسبة quot;للمقاولين المحترمين ومبدعي الماركات و المقاولات، مستدركا،quot; لكن التوزيع يجب أن ينظم بشكل أحسن، فالمقاولات التجارية الكبرى تفضل المواد المتعددة الجنسيات التي لا تحترم القواعد، والمسلمون هم من يؤدون الثمن في هذه الحالةquot;.

وهذا ما يدفع إلى التفكير في خلق سلسلة للمحلات التجارية ستباع فيها مواد quot;مضمونة الحلالquot;، وكل المواد التي لا تحتاج إلى تصنيف على أنها كذلك، سيتأكد من أنها لا تحتوي على أي مادة حرامquot;.