كان الاحتجاج الذي نظمه أردنيون أمام البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية، شاهداً على الأثر المضاعف للاضطرابات السياسية الحاصلة في الشرق الأوسط. كما كشف عن بعض الانقسامات العميقة الموجودة في داخل العالم العربي وبين المواطنين الفلسطينيين أنفسهم.


عمّان: لم تكلل بنجاح تلك الجهود التي بذلت من أجل تنظيم مسيرة مليونية أمام السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأردنية، يوم الخميس، بعد أن تم تطويق ما يقرب من 200 متظاهر مناصرين للقضية الفلسطينية من جانب عدد مماثل من أفراد الشرطة الأردنية وضباط أمن في قطعة أرض شاغرة تقع على بعد ميل واحد من البعثة الدبلوماسية.

وعلى الرغم من تدني نسبة المشاركة، إلا أن الاحتجاج كان شاهداً على الأثر المضاعف للاضطرابات السياسية الحاصلة الآن في الشرق الأوسط. كما كشف عن بعض الانقسامات العميقة الموجودة داخل العالم العربي وبين المواطنين الفلسطينيين أنفسهم.

وأدت المخاوف من احتمالية نشوب موجات من العنف، وبخاصة بعد الاقتحام الذي تعرضت له السفارة الإسرائيلية في القاهرة الأسبوع الماضي، إلى قيام السفير الإسرائيلي في الأردن ومعظم موظفي السفارة الإسرائيلية بالمغادرة إلى إسرائيل قبل يوم واحد فقط من المسيرة المؤيدة للفلسطينيين، كإجراء احترازي.

وتوقع ناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية أن يعود السفير والموظفون إلى العمل يوم الأحد المقبل.

وأشارت صحيفة النيويورك تايمز إلى أن نسبة المشاركة جاءت مخيبة للآمال بالنسبة إلى كثير من المشاركين، الذين طالبوا بإغلاق السفارة، وطرد السفير، وإلغاء معاهدة السلام المبرمة بين إسرائيل والأردن عام 1994، كجزء من موجة الهياج السياسي في المنطقة.

وقال سامر أبو غوش، طبيب أسنان، مثله مثل كثير من الأردنيين ذوي الأصول الفلسطينية :quot; هذا عار على الأردن. فقد كنت أتوقع مشاركة عشرة آلاف على الأقل. وقد لاذ السفير بالفرار دون أن يكون هناك ما يدعو لاتخاذه تلك الخطوةquot;.

وأوضح المتظاهرون أن الموقع الذي نظموا فيه مسيرتهم ndash; وهو قطعة أرض شاغرة تقع إلى جوار مسجد الكالوتي في أحد الأحياء السكنية ndash; كان يشهد أنشطة أسبوعية مناهضة لإسرائيل تحت رعاية مجموعة تطلق على نفسها اسم جمعية مكافحة الصهيونية ومناهضة التمييز.

لكن تلك المسيرة تحديداً حظيت بمزيد من الاهتمام، بعد أن دعا منظموها إلى مسيرات مليونية عبر موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك.

ومضت الصحيفة تنقل عن رامي عياش، 23 عاماً، وهو مواطن أردني من أصل فلسطيني من معسكر البقعة للاجئين الواقع شمال عمان، قوله :quot; لا يمكن للمصريين أن يكونوا أكثر دعماً منا للفلسطينيينquot;. هذا وقد هاجم المتظاهرون الشبان الذين شاركوا في مسيرة الأمس السفير الإسرائيلي ووصفوه بـ quot;الخنزيرquot; وقاموا كذلك بإحراق علمين إسرائيليين على الأقل.

ومع هذا، لفتت الصحيفة إلى حالة الانقسام الحاصلة بالفعل بين صفوف الفلسطينيين أنفسهم حول قضايا رئيسة.

وكان الطلب الأبرز في المسيرة التي جرت يوم أمس في عمان هو تحرير كل ما أطلق عليه المتظاهرون دولة فلسطين، أو تلك الأراضي التي كانت تحت الانتداب البريطاني في الفترة التي سبقت عام 1948 وهي الأراضي التي تمتد من نهر الأردن للبحر المتوسط، ونبذ دولة إسرائيل.

ثم تحدثت الصحيفة عن أن ذلك الوقت هو وقت تتزايد فيه أجواء التوتر بين الأردنيين ذوي الأصول الفلسطينية والسكان الأصليين للمنطقة الذين يُعرَفوا بسكان الضفة الشرقية.

وقال زعيم إحدى العائلات ويدعى جعفر أبو حشيش، متحدثاً عن المتظاهرين الذين ينتمي معظمهم لأصول فلسطينية quot; هم ليسوا أردنيين حقيقيين. وليسوا مناهضين لإسرائيل، بل إنهم ضد الأردنquot;.