أثارت مسودة قانون الانتخابات الليبية الذي نشرته اللجنة الانتخابية سجالات حيوية بين الليبيين الذين يتطلعون إلى المساهمة في انتقال ليبيا نحو الديمقراطية.


لندن: نشرت اللجنة الانتخابية الليبية مسودة قانون الانتخابات لمناقشته في اوساط الرأي العام تمهيدا لأول انتخابات بعد نظام القذافي، المقرر اجراؤها صيف هذا العام. واثارت المسودة سجالات حيوية بين الليبيين الذين يتطلعون إلى المساهمة في انتقال ليبيا نحو الديمقراطية.

وتغطي مسودة القانون الذي يقع في 15 صفحة قضايا مهمة مثل الحد الأدنى لعمر الناخب، والشروط التي يتعين ان يستوفيها المرشحون للجمعية التأسيسية المؤلفة من 200 عضو ستكون مهمتهم الرئيسية كتابة دستور جديد للبلاد.

كما تخصص مسودة القانون 10 في المئة من مقاعد الجمعية التأسيسية للنساء، في اشارة إلى استجابة من صاغوا المسودة لأسابيع من الانتقادات الشعبية اللاذعة التي اتهمت الحكومة الانتقالية بإهمال حقوق المرأة.

ولكن محللين لاحظوا إن الوثيقة تغفل معالجة قضايا عديدة يمكن ان تلقي بظلالها على الانتخابات مثل الصيغة التي ستُعتمد في تقسيم البلاد إلى مناطق انتخابية وتوزيع عدد المقاعد على كل منطقة. كما أن مسودة القانون لا تقول شيئا عن تأسيس الأحزاب السياسية التي كانت ممنوعة في نظام معمر القذافي.

ولم يعلن المجلس الانتقالي الليبي المعايير التي اعتمدها في اختيار ممثليه العاملين باسم دوائر بلدية محددة، أو آلية اختيار عدد الممثلين عن كل مدينة.

وستتولى الجمعية التأسيسية ذات الأعضاء المئتين التي ستنبثق عن الانتخابات، كتابة دستور جديد والإشراف على الاستفتاء على الدستور، ومراقبة عمل الحكومة إلى حين اجراء اقتراع ثالث لانتخاب حكومة دائمة كما ينص الدستور الجديد.

وأشاد رئيس المجلس الإنتقالي مصطفى عبد الجليل، بالتجربة الجديدة في النقاش الشعبي للدستور كخطوة اولى نحو حكم اكثر شفافية. وقال عبد الجليل في مؤتمر صحافي مساء الاثنين إن كل شيء مفتوح للنقاش بشأن العملية الإنتخابية.

وحدد مشروع القانون الانتخابي اكثر من 20 فئة من الأشخاص الممنوعين من الترشح في الانتخابات المقررة في حزيران(يونيو)، كما قال اعضاء في المجلس الانتقالي الليبي.

ومن بين الممنوعين مسؤولون عملوا في الأجهزة الأمنية لنظام القذافي، ولجانه الثورية والمحكومون بتهم جنائية، والليبيون الذين عملوا سفراء أو قناصلة في نظام القذافي.

ولكن فئات أخرى من الممنوعين اثارت تساؤلات بين الخبراء القانونيين، حول ما إذا كانت لغة القانون ونبرته ستثير احتقانات اجتماعية بين الليبيين الذين قاتلوا في الثورة وكثيرين لم يتخذوا موقفا مع هذا الجانب أو ذاك.

وعلى سبيل المثال ان احدى مواد القانون تمنع ترشح من انتفعوا ماليا من النظام السابق، أو نالوا دبلومات أو شهادات جامعية عن غير استحقاق في اشارة على ما يبدو، إلى مسؤولين ربما استغلوا مناصبهم لتأهيل اطفالهم إلى درجات وظيفية أعلى.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن الخبير الليبي المختص بالقانون الدستوري مسعود القانوني ان هذه المعايير يمكن ان تُستخدم ضد ثلاثة ارباع البلد متسائلا quot;كيف نسير على طريق المصالحة الوطنية باستبعاد هذه الأعداد الكبيرة من مستقبل البلادquot;.

وبعد ساعات من نشر مسودة القانون الانتخابي على الانترنت، انطلقت مناظرة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي ظهرت بوصفها جزءاً مهما من الخطاب المدني. ونالت مسودة القانون اهتماما كبيرا من المدونين وعلى تويتر بوصفها خطوة اولى على طريق الديمقراطية.

وحظيت بنصيب وافر من النقاش حصة النساء واللغة المبهمة، التي يبدو انها تنص على منع اصحاب الجنسية المزدوجة من الترشح. ونشر الكثير من المغتربين الليبيين الذين قاموا بأدوار متميزة في جمع التبرعات والقتال مع الثوار تعليقات على الانترنت عبروا فيها عن غضبهم على ما يرون انه تحيز في كتابة القانون ضد آلاف المواطنين المقيمين في الخارج، بعدما أُجبروا على العيش في المنافي بسبب معارضتهم النظام السابق.

وعلق ليبي على الفايسبوك قائلا إن من كتبوا الدستور بدأوا بداية خاطئة بتخصيص 20 مقعدا فقط للنساء من اصل 200 مقعد، وانتهوا بالتمييز ضد الليبيين الذين يحملون جنسيات أخرى.

وحُددت فترة اسبوعين لليبيين كي يقدموا ملاحظاتهم وتعديلاتهم على القانون إلى اللجنة الانتخابية وهي عملية ستجري على الانترنت ايضا بواسطة البريد الالكتروني. ومن المتوقع ان يُعلن القانون الانتخابي بصيغته النهائية في 23 كانون الثاني(يناير) بعد ان تنتهي اللجنة من مراجعة المقترحات والملاحظات التي تلقتها بشأن المسودة.