الكلب صديق الإنسان الوفي، إلا أن له وجهًا آخر شرسًا وعدوانيًا، قد نضطر يومًا للتعامل معه، ومن أهم النصائح في ما يمكن عمله لتفادي هجوم كلب شرس وكيفية التصرف إزاء حالة كهذه، التزام الهدوء إلى أقصى حد ممكن، طبعاً إن أمكن.


يسعده... ويبعده

لندن: يقول عشاق الكلاب إنها quot;ثالث المستحيلاتquot;، ويقصدون بذلك quot;الخِل الوفيquot; إلا أنها قد تتحول من حيوانات أليفة وديعة إلى مخلوقات شرسة، قادرة بين لحظة وأخرى على فعل ما لا يحمد عقباه. فما العمل في حال وجدت نفسك وجهاً لوجه أمام أنياب بارزة لا شأن لها بالابتسام؟.

في الثقافة الغربية على الأقل، تتمتع الكلاب بمكانة خاصة، قد يجد الشرقي فهم أسبابها من الصعوبة بمكان، وعلى سبيل المثال فإن الكلب يعتبر quot;أحد أفراد العائلة، وفي مقام أحد أطفالهاquot; في الغرب، فيحرص على إطعامه في المواعيد، ويُهرع به إلى البيطري، إذا لاحت عليه أعراض المرض، ويُحتفى بعيد ميلاده - أو امتلاكه - وتلتقط له الصور التذكارية وتُرسم له اللوحات...

في معرض توضيح هذا السلوك، يقول الغربيون إن الكلب يبقى ملازمًا وفيًا لصاحبه، بينما الأرجح أن ينفضّ عنه أقرب الناس إليه عاجلاً أم آجلاً.

ومن الناس من يمتلكه كجزء من أمنه وأمن داره، وثمة من يقول إن للكلب حاسّة سادسة، ينبّه بها صاحبه لخطر داهم، مثل كارثة طبيعية أو إصابة بسكتة قلبية.

في المقابل فهناك أيضًا من يربّي في الكلب روح العداء، لأسباب تتراوح بين التخويف ونهب الضعفاء وبين المقامرة به في حلبات قتال الكلاب المحظورة.

وقد عرف الغربيون تفضيل بعض الناس للكلاب على البشر، وإن كانوا أقرب الأقربين، كحادثة مشهورة، عاد فيها شاب بريطاني صغير إلى منزله ذات مرة، ليجد أن كلبه من فصيلة quot;الروتوايلرquot; الخطرة هاجم والدته بشكل وحشي، حتى لفظت أنفاسها الأخيرة.

وكان رد فعله لا يتعلق مطلقًا بأمه، وإنما بأن الشرطة ستقضي على كلبه، باعتباره خطرًا على الناس، فترك جثتها حيث هي، وهرع بكلبه إلى أحد أصدقائه يخفيه عنده، ثم عاد مجددًا إلى المنزل، ليبلغ الشرطة بأن دخيلاً ما هاجم والدته بوحشية في مطبخها وقتلها قبل أن يلوذ بالفرار.

وتعجّ الصحافة البريطانية بين الفينة والأخرى بأنباء الكلاب الخطرة التي تهاجم الناس، والأطفال خاصة، بدون أي سبب واضح، وخلال عطلة الأسبوع الماضي نشر خبر عن شخص اعتقل في ضاحية quot;تشينغفوردquot; في شمال شرق لندن، لأن كلبه من فصيلة quot;البول تيرييرquot; هاجم طفلة في السادسة من عمرها أثناء تنزهها مع والديها في أحد متنزهات هذه الضاحية، وأصابها بجروح مريعة في وجهها وعنقها وكتفيها.

ما دفع وسائل الإعلام إلى تسليط الضوء مجددًا على هذه المشكلة، وتداول الخبراء الآراء بشأن ما يمكن وما لا يمكن فعله تجاه تربية الكلاب الخطرة، وتوعية المُربّين والملاك بأخطار التهجين (وهي ممارسة يمكن أن تنتج وحوشًا ضارة).

ورغم أن بريطانيا خالية من داء السعر القاتل - بفضل أنها جزيرة تمكنت من احتواء هذا المرض والقضاء عليه من عقود - فقد تبلغ وحشية هجمات الكلاب حدّ القتل في بعض الأحيان والتشويه و/أو الإعاقة في أحيان أخرى.

إذا رأيت نياب الكلب بارزةً ماذا تفعل؟

النصيحة توفر quot;عضةquot;

وبالطبع فقد وجّهت النصائح عبر وسائل الإعلام والإنترنتإلى العامة في ما يمكن عمله لتفادي هجوم كلب شرس، وكيفية التصرف في حال بدأ، ومن أبرز هذه النصائح:

- تنبّه أولاً لعلامات مهمّة، تشي بأن الكلب قد يهاجم في أي لحظة، ومن هذه أنه نفسه خائف، فيبدو قلقًا مهتاج الحركة، وتبلغ هذه الحالة ذروتها إذا راح يكشّر عن أنيابه حتى تبين لثّته، ومنها أيضًا أن البياض في عينيه يصبح واضحًا للعيان، في هذه الحالة إفعل ما بوسعك لتفاديه، ولكن بدون أن تركض فجأة هاربًا منه، فهذا هو أسوأ ما يمكنك فعله، لأنه مدعاة أخرى لهجومه عليك (لكونك خائفًا وضعيفًا بالتالي)، ولأنه أسرع كثيرًا منك، وسيلحق بك في لمح البصر.

- من أهم وسائل دفاعك أمام كلب ينوي مهاجمتك أن تلزم الهدوء إلى أقصى حد ممكن، وهذا لأن من شأن الكلاب أن quot;تشتم الخوفquot;، فتعلم أنها صارت في موقف quot;القويquot; الذي يفعل ما يحلو له، وبالطبع فإن الهدوء ورباطة الجأش - إذا وجدت إليهما سبيلاً - يتيحان لك التفكير بشكل أفضل في كيفية التصرف والخروج بأقل الخسائر الممكنة.

- في حال بدأ الكلب بمهاجمتك، فمن المهم ألا تصرخ، لأن الكلب سيفسّر هذا على الأرجح باعتباره صوت تحدّيك له، وسيزيد من شدة هجومه عليك، لأنه أيضًا خائف من عواقب صوتك.

- لا تحاول ركل الكلب أو ضربه على نحو آخر، فهو أولاً، لن يحسّ بالألم، لأنه يكثر أثناء الهجوم من إفراز هرمون يسمّى quot;الإندروفينquot;، ومهمته أن يخدّر أحاسيسه الجسدية والعقلية أيضًا، وثانيًا فهو يفسّر هذا على أنك مصدر لخطر أكبر مما كان يعتقد، فتزداد شدة هجومه عليك. ويقول عدد من الخبراء إن ما يوصون به بدلاً من ذلك هو أن يتكوّر الإنسان، ويلصق ذقنه بصدره، ويبقى بلا حراك.

- الكلاب تركز في هجماتها على الوجه والعنق مكان الحنجرة وأعلى الكتفين. قم بحماية هذه الأماكن قدر ما استطعت. وإن لم يتوافر لديك جاكيت أو قميص تجرّه فوقها مثلاً، فعليك حمايتها بكفيك وذراعيك، لأن الجروح في هذه الأخيرة أخف وطأة، خاصة على المدى البعيد من جروح الوجه والعنق.

- إذا تيسّر الأمر لك، فاستخدم شيئًا كالعصا أو لفّ ساعدك بقماش ثقيل، وادفع بأي منهما بين فكي الكلب إلى أقصى حدّ ممكن، لأن هذا يعطّل انطباقهما.

- إذا أحكم الكلب عضته على ساعدك مثلاً، فلا جدوى من محاولة المباعدة بين فكيه لأنهما يصبحان في قوة الفولاذ، قم بدلاً من ذلك بسد منخاريه، فتمنع تنفّسه بأنفه، ويضطر إلى فتح فمه حتى يحصل على الأوكسجين.

- في حال هاجم الكلب شخصًا آخر، طفلاً مثلاً، فلا تحاول البتة انتزاعه منه، لأن هذا سيزيدشدة الهجوم عليه، وبدلاً من ذلك، فلك أن تفعل أشياء، من ضمنها أن تقترب بهدوء (وليس باندفاع فجائي) فتلقي بقميص أو جاكيت أو خرقة على رأس الكلب. فهذا سيربكه، ولو مؤقتًا، وعندها فلا تأخذ الطفل بين ذراعيك، وإنما إجعله خلفك، بحيث تصبح أنت بينه وبين الكلب، وتراجع معه بكل الهدوء الممكن.

- في نهاية حادثة هجوم، لا تواجه أصحاب الكلب أنفسهم، لأنهم في الغالب سينتصرون له، وليس لك، (باعتبارهم مسؤولين عنه قانونيًا في الغرب على الأقل) لذا أترك المكان، ثم اتصل بالشرطة.

- غني عن القول ربما إن عليك في حال تعرّضك لهجوم، أن تغسل مكان الجرح جيدًا، وأن تطلب المساعدة والمشورة الطبيّتين فورًا.