الثورة ثورة شباب وتوق إلى الحرية. ومن وجوه هذه الحرية تعبير بلا قيد أو شرط، تتعاطاه مجلتا quot;أوكسجينquot; وquot;عين على عربينquot; في ريف دمشق، واكبتا الثورة منذ لحظاتها الأولى، وكانتا مرآتها المشرقة.
بعض أغلفة مجلة quot;أوكسجينquot; التابعة للمعارضة السورية |
ملهم الحمصي: في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو الشمال السوري، حيث مواقع الاشتباك المحتدمة في أكثر من منطقة على امتداد سوريا، تدور معركة من نوع آخر في الريف الدمشقي الذي لم يهدأ، على الرغم من محاولات الاقتحام المتكرر للعديد من مدنه وبلداته المتناثرة والمحيطة بالعاصمة إحاطة السوار بالمعصم.
تجربتان غنيتان، حاولنا في quot;إيلافquot; رصدهما لمعرفة ظروف نشأتهما وأهدافهما، التي بدت متشابهة إلى حد بعيد. فكان لنا الحوار الآتي مع القائمين على مجلة quot;أوكسجينquot;، التي تصدر في الزبداني، والقائمين على مجلة quot;عين على عربينquot; التي ترصد واقع البلدة الوادعة والقريبة من دمشق.
توعوية ترافق الحراك
أوكسجين مجلة أسبوعية ثورية توعوية أهلية إرشادية، يعدّها ثوار وثائرات الزبداني، أجمل المصايف السورية وواحدة من أجمل المدن فيها، لتكون متنفساً لهم وعوناً على تثبيت الحراك السلمي للثورة السورية، في ظل تصاعد وتيرة العنف وحدته. لذا كانت quot;أوكسجينquot; من أول المجلات والجرائد التي واكبت انطلاق الحراك الثوري.
فادي رئيس تحرير أوكسيجين، يحدّثنا بإسهاب عن الصعوبات والأخطار التي تواجه محرري المجلة كل يوم، وعن أهداف المجلة وموضوعاتها وعناوينها. يقول: quot;نشأت فكرة إصدار مطبوعة وتبلورت في أذهاننا كمكوّن أساسي من مكونات الحراك الثوري السلمي الذي كان غالبًا على ثورتنا، وكان عددنا لا يتجاوز تسعة أشخاص بين مصمم ورسام كاريكاتير وكتّاب، وكنا ولا نزال نعمل في ظروف أمنية ضاغطة جدًا، إذ نتعامل بأسمائنا المستعارة، ونوزّع المجلة بسرية تامة، ونتواصل عن طريق الانترنت الذي نعاني انقطاعه حينًا وبطئه أحيانًاquot;.
تتناول quot;أوكسجينquot; موضوعات عدة، أهمها الثورة السورية، أخبارًا وتحليلًا ونقدًا، إضافة إلى موضوعات اجتماعية وحقوقية وإنسانية، وصفحة مخصصة للأدب وصفحة للمنوعات وأخرى للتسلية.
ويرى فادي أن المجلة لقيت صدى طيباً عندما صدر العدد الأول، quot;فالجميع يحتاج منبرًا إعلاميًا حرًا بعد سنوات طويلة من قمع الحريات في سوريا، وأوكسجين من أوائل المطبوعات التي صدرت في سوريا خلال الثورة، لذلك تلقاها المهتمون بكثير من الشغفquot;.
مشروع ثوري استنهاضي
في المقابل، تحدثنا أسرة تحرير مجلة quot;عين على عربينquot; عن ظروف نشأتها. فالمجلة عبارة عن quot;مشروع ثقافي ثوري مطبوع وإلكتروني، يسعى إلى استنهاض أبناء عربين وملامسة مشاكلهم وطرحها بكل حيادية واستقلالية، وتوجيههم إلى ما فيه الخير، خصوصًا في ظل هذه الظروف، ويسعى إلى تحويل أهلها إلى خلايا نحل تتفاعل وتنهض بأفكارها من عالم التفكير الى عالم التنفيذquot;.
كما تسعى المجلة، بحسب محرريها، إلى إرجاع الاهالي إلى تاريخهم المشرف ولغتهم الأصيلة، وزرع البسمة على وجوه أهالي عربين الكرام، ومن ثم تعميم مشروع ناجح من نواة عربين ليعم الشام ومن ثم سوريا، فتكون بذلك مجلة رائدة.
كانت quot;عين على عربينquot; فكرة في خاطر أحد الشباب، تبناها الجميع، وقاموا بتمويلها من جيوبهم لغياب أي ممول خارجي. كتابها ومحرروها ومصوروها ورساموها من الشبان والشابات، غالبيتهم من عربين.
تتناول المجلة موضوعات ثورية وثقافية بحسب محور العدد الذي يحدد موضوعه بأكثرية الاعضاء، إلى جانب موضوعات دينية ومشاريع شهرية، وتتقبل أي موضوع يهم أبناء عربين، من دون أن يمس بعقائدهم أو آدابهم. فهي quot;تطرح مشاكلهم وتسعى إلى إيجاد الحلول لها، وتنشر بعض الصفحات الترفيهية التي تزرع البسمة وترسخ الافكار وتحمل مجموعة من العبرquot;، بحسب محرريها الشبان.
لكل سوريا الثائرة
تتشابه ظروف تواصل أسرتي تحرير المجلتين مع كتّابهما ومحرريهما. فالصعوبات مشتركة بينهما في جمع النصوص بسبب سريتهما وثوريتهما، إضافة إلى عوائق الطباعة والتمويل.
يؤكد فادي أن مدينة الزبداني قد تحظى بحصة معقولة من التغطية الإخبارية في أوكسيجين، quot;لكن هذا لا يعني إهمال بقية المناطق، فنحن في كل عدد نتحدث عن نقطة ثائرة، مدينة أو قرية، وفي العدد الأخير تحدثنا عن منطقة اللجاة في درعا، وقبلها عن البوكمال وهكذا... لكن صعوبة النشر على مستوى واسع، بل استحالته في كثير من الحالات، دفعت بكل مطبوعة إلى التخصص الجغرافيquot;.
للناشطين الشبان دور أساسي ومحوري في هاتين المجلتين. فالثورة في الأصل ثورة شباب، وهم الموجودون في الميدان كصحافيين وحقوقيين وأطباء وعاملين في مجال الإغاثة، وهم الذين يقومون بتوثيق الأحداث بكاميراتهم وأقلامهم. فقد صنعت الثورة منهم إعلاميين ومصورين وممرضين.
الجناح السلمي مستمر
أحد المقالات المنشورة في مجلة quot;عين على عربينquot; |
في تقويمه للإعلام السوري الرسمي، يرى فادي أنه يفتقر لأبسط قواعد الإعلام والمهنية. فهو quot;يقلب الحقائق، ويزوّر الوقائع، ويختلق الأكاذيب بشكل فاضحquot;.
يروي فادي: quot;على سبيل المثال، استشهد في الزبداني قبل أيام رجل مسالم ومحايد يشهد له الجميع بالطيبة والوداعة، إثر إصابته بشظية نتيجة القصف العشوائي، فإذا بالفضائية السورية تعلن عن خبر مقتله كزعيم جماعة إرهابية اشتبكت مع الجيش السوري الباسلquot;. أما إعلام المعارضة، فلا يزال quot;يحتاج الكثير من الجهد ليغدو أكثر حرفية وموضوعية، فما زلنا نتعلم ألف باء الإعلامquot;، كما يقول فادي.
الحدث السوري حاضر بقوة في الإعلام العربي، لكن quot;طريقة تناوله في بعض المحطات لا ترضينا أحيانًا، لأنها تساوي بين الضحية والجلادquot;، بحسب فادي، الذي يستغرب حديث بعض الجهات الإعلامية عن الثورة، التي دفعت نحو 30 ألف شهيد، على أنها مجرد احتجاجات، وبعضها الآخر الذي يتحدث عن نزاع مسلح، quot;مع أن ثورتنا في الأصل كانت ثورة سلمية، لكن عنف النظام قاد إلى تشكيل الجيش الحر الجناح العسكري للثورة. أما الجناح السلمي فمستمر، وأوكسجين هي الدليل.
التعليقات