بعد 39 عامًا على حرب تشرين الاول/اكتوبر 1973، ما زالت إسرائيل تشعر بصدمة الكارثة التي كادت تحل بها، في الوقت الذي كشف فيه عن وثائق جديدة أثارت الجدل حول مسببات الحرب.


القدس: بعد اكثر من ثلاثة عقود على حرب تشرين الأول/اكتوبر 1973، يعود طرح اسئلة مثل: كيف امكنمفاجأة اسرائيل في ذلك الوقت؟ وكيف تعرض الجيش الذي كان يعد الاقوى في الشرق الاوسط لانتكاسة مماثلة في الايام الاولى من الحرب؟ وكيف تتأكد من أن سيناريو مماثلاً لن يحدث في المستقبل؟ وسط حالة عدم الاستقرار في المنطقة وخصوصًا مع تهديد اسرائيل بتوجيه ضربة للمنشآت النووية الايرانية.

السادات مجتمعاً مع قيادة الجيش المصري خلال الحرب

ويرى الجنرال الاحتياط شلومو جازيت رئيس الاستخبارات العسكرية في الفترة ما بين عامي 1974 و1988 أن الفشل الاسرائيلي في تشرين الاول/اكتوبر 1973 أتى بسبب اخطاء في القيادة العسكرية وايضًا بسبب الشعور بالنشوة عقب حرب الايام الستة في حزيران/يونيو 1967.

وتحدث جازيت في مقابلة مع فرانس برس عن quot;الخطأ التكتيكيquot; للاستخبارات العسكرية التي ظلت تعتقد بأن الحرب quot;غير محتملةquot; حتى اللحظة الأخيرة، بالاضافة إلى quot;الخطأ الاستراتيجيquot; لكل المجتمع الاسرائيلي الذي كان يعتقد بأن الدولة العبرية اصبحت لا تقهر.

وقال جازيت: quot;اذا ما اعادت الغالبية في إسرائيل انتخاب الحكومة الحالية وحدث شيء مع ايران ستندم عليه في ما بعد، فليس عليها سوى أن تلوم نفسهاquot;، وليس الجيش أو الاستخبارات.

وكان يشير إلى احتمال أن يأمر رئيس الوزراء اليميني بنيامين نتنياهو بضرب إيران التي يتهمها بالسعي الى حيازة السلاح النووي.

ويقول افرايم هليفي، الرئيس السابق لجهاز الموساد (المخابرات)، إنه من عام 1998 حتى عام 2002 فإن المفارقة كانت في أن اسرائيل لم تفتقر ابدًا لمعلومات حول خطط quot;الاعداءquot; بل على العكس كان لديها quot;كم كبير من المعلومات لدرجة أننا كنا مقتنعين بأننا كنا متقدمين بوقت كافٍquot;.

وكانت المفاجأة عندما قامت مصر وسوريا في السادس من تشرين الاول/اكتوبر 1973 في الساعة الثانية ظهرًا في يوم الغفران اليهودي ببدء هجوم ضد الجيش الاسرائيلي المنتشر على طول قناة السويس وعلى خط وقف اطلاق النار في هضبة الجولان.

وقبل خمس ساعات فقط من انطلاق العمليات، اعلن المسؤولون الاسرائيليون التعبئة العامة بعد أن اقتنعوا اخيرًا بأن الحرب باتت وشيكة.

وما زال الجدل محتدماً حتى الآن حول امكانية أن يكون المسؤولون الاسرائيليون وقعوا ضحية لمناورة مصرية نفذها رجل اعتبرته اسرائيل افضل عميل لها في المنطقة، وهو اشرف مروان زوج ابنة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر الذي مات بظروف غامضة في شقته في لندن عام 2007.

اشرف مروان مات وترك خلفه لغزاً محيراً

وكان مروان الذي لم يعرف إن كان عميلاً مزدوجًا أو أنه خدم اسرائيل بولاء ـ حذر بالفعل - في اللحظة الاخيرة من أن الحرب ستندلع.

ورأى الخبير السياسي اوري بن يوسف بأنه لا يجب أن تغطي قضية التجسس على quot;الحقيقة الاساسية بأن الحكومة الاسرائيلية لم تفعل شيئًا لتجنب حرب لم تعتقد أنها ستقومquot;.

وبحسب بن يوسف، فإن رئيسة الوزراء في تلك الفترة غولدا مئير رفضت تصديق الرئيس المصري انور السادات عندما اعرب عن استعداده لتوقيع اتفاق حالة quot;غير حربquot; مقابل استعادة صحراء سيناء المحتلة، أو عندما هدد بالدخول في حرب.

وهو يشكك في أن اسرائيل اخذت العبرة من ذلك.

وبالنسبة للمؤرخ توم سيغيف فإن الرأي الاسرائيلي quot;ازداد وعيًا بأن ذلك كان خطأ سياسيًا كبيرًاquot;، وليس فقط عسكريًا.

ومع ذلك، فإنه يعتبر بأن الجدل الذي يندلع كل عام في ذكرى الحرب quot;بات تقليدًا معتادًا في تناول كارثة وطنية، ويكشف عن عدم القدرة بعد 39 عاماً على التصديق بأن الامر كان ممكنًاquot;.

ونجحت اسرائيل بفضل تفوقها العسكري في تفادي الهزيمة خلال الحرب، الا انها فقدت 2650 جنديًا.

ولكن استراتيجية السادات أدت الى بدء عملية سلام بعد زيارته الى اسرائيل عام 1977، ومن ثم التوصل الى اتفاقات كامب ديفيد التي انسحبت اسرائيل بموجبها بشكل كامل من صحراء سيناء المصرية عام 1982.

وفي المقابل، حصلت اسرائيل على quot;سلام باردquot; مع مصر، وهو ما اقترحته عليها القاهرة قبل الحرب.