القاهرة: تشهد الجمعية التاسيسية المكلفة وضع دستور جديد لمصر يعكس افكار ومبادىء الثورة التي اطاحت العام الماضي بالرئيس حسني مبارك خلافات حادة بين اعضائها من الاسلاميين الذين يشكلون الغالبية في هذه اللجنة وبين الليبراليين انصار الدولة المدنية.

وقدمت اللجنة التاسيسية المكونة من مائة عضو الاربعاء مسودة غير كاملة للقانون الاساسي المقرر ان يحل محل دستور 1971 الذي اوقف العمل به بعد ثورة 25 يناير.

ودعا محمد البلتاجي، عضو اللجنة والقيادي في جماعة الاخوان المسلمين، مدشنا حملة اطلق عليها quot;اعرف دستوركquot;، جميع المصريين الى المشاركة في صياغة الدستور من خلال تقديم مقترحات او تعديلات او اضافات.

لكن البلتاجي حرص على توضيح ان quot;كل ما نعرضه للحوار المجتمعي هو قراءة اولية حيث ان اللجنة التأسيسية لم تناقش مجتمعة اي شيء بعدquot;.

وحتى الان لم يرشح شيء عن المواد المتعلقة بالسلطة القضائية وبدور القوات المسلحة، فيما تدور نقاشات حادة بشان بعض المواد الاخرى.

وقال محمد سعد جاويش العضو السلفي في اللجنة التأسيسية ان المادة الثانية التي تقول ان quot;الاسلام هو دين الدولة والعربية لغتها الرسمية ومبادىء الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريعquot; كانت quot;موضع الكثير من النقاشاتquot;.

وكان السلفيون يطالبون في البداية بتغيير الاستناد الى quot;مبادىء الشريعة الاسلاميةquot; ليصبح الى quot;احكام الشريعة الاسلاميةquot; او quot;الشريعة الاسلاميةquot; فقط.

ثم طالبوا بان يكون الازهر هو مرجعية الدولة في تفسير الشريعة.

الا ان انصار الدولة المدنية رفضوا هذين الاقتراحين خشية ان تستخدم يوما هذه الصلاحية التي ستمنح للازهر، الذي يمثل حاليا الاسلام الوسطي المعتدل، في تقييد الحريات المدنية اذا ما سيطر السلفيون على هذه المؤسسة الدينية العليا.

كما ان ذلك سيكون بمثابة اعطاء quot;هيئة غير منتخبة ولا تخضع للمحاسبةquot; حق التحكم في القوانين، كما حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش.

وترى هذه المنظمة غير الحكومية ان المسودة تضمن بعض الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية لكن هناك quot;مقترحات اخرى تتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الانسان وتشكل تهديدا جديا لمستقبل حقوق الانسان في مصرquot;.

وتنطبق هذه الحالة على المادة 36 التي تقول ان على الدولة ضمان المساواة بين الرجل والمرأة quot;بما لا يخالف حكم الشرعquot;. ويطالب المدافعون عن حقوق المراة بالغاء هذه الاشارة الى مخالفة الشرع خشية ان تستخدم كذريعة للمساس بحقوق المرأة.

وتعبيرا عن الانقسامات القائمة في هذا الشأن اكد العضو الليبرالي في اللجنة التأسيسية ايمن نور لصحيفة الاهرام الخميس عدم التوصل بعد الى اي اتفاق على المواد المتعلقة بالمرأة والاسرة وتأجيل النقاش الى الاسبوع المقبل.

واستنادا الى عدد كبير من اعضاء اللجنة فانها تتجه في المقابل الى اجماع على اعتماد نظام حكم مختلط يجمع بين النظامين الرئاسي والبرلماني. وقال احد اعضاء اللجنة ويدعى صفوت البيادي لفرانس برس quot;لا نريد رئيس فرعون بعد الانquot;.

ويرى محمد البلتاجي ان اللجنة يجب ان تنهي عملها قبل 12 كانون الاول/ديسمبر المقبل ليطرح الدستور الجديد على الاثر في استفتاء شعبي.

الا ان مستقبل الجمعية التاسيسية، التي رفعت ضدها عدة شكاوى قضائية، معلق عمليا على قرار المحكمة الادارية العليا المقرر ان تعلن في 16 تشرين الاول/اكتوبر الجاري حكمها بشان حل الجمعية.

وقد دعت عدة احزاب وقوى سياسية الى التظاهر اليوم الجمعة للمطالبة بتشكيل جمعية جديدة افضل تمثيلا لطوائف المجتمع.