لا يخفي المسيحيون العرب خشيتهم على مصيرهم إن وصل الإسلاميون إلى السلطة مع تمدد الربيع العربي، ولا يجد الإسلاميون ما ينفي هذه الخشية، لكنهم يدعون المسيحيين إلى الانخراط في لوبي مشترك ضد الصهيونية، لأنها أصل بلاء التفرقة.


أيمن الزامل من عمّان: quot;الإسلاميون والمسيحيون العربquot; ندوة عقدها مركز دراسات الشرق الأوسط، بالتعاون مع المعهد الملكي للدراسات الدينية في العاصمة الأردنية عمّان، شارك فيها الدكتور كامل أبو جابر، مدير المعهد وأمين عام حزب جبهة العمل الاسلامي، وعددٌ من علماء الدين المسلمين والمسيحيين.

وفي سياق الندوة، قال أبو جابر إن الحديث عن الاسلاميين والمسيحيين العرب quot;يضم في ثناياه فرضية أن ثمة إشكالية لا بد من بحثها، لا سيما أنها ليست مشكلة المسيحيين فحسب، بل مشكلة الأمّة بمختلف أطيافهاquot;، متسائلاً عن بركة الديمقراطية التي حلت في المنطقة، وعن نتائجها في العراق وليبيا واليمن وتونس، والمشهد السوري الراهن.

انحياز إلى الأنظمة السابقة
كان من بين المشاركين الأنبا يوحنا قلته، نائب البطريرك للأقباط الكاثوليك في مصر، فأشار إلى أن أبرز الإشكاليات اليوم هي المخاوف التي تعتري رؤية المسيحيين وشعورهم تجاه صعود التيار الإسلامي في المنطقة، مبينًا لمحة تاريخية عن العلاقة بين المسيحيين والمسلمين منذ الفتح الإسلامي، ومظهرًا أهم الخطوط التي ضبطت إيقاع هذه العلاقة.

واعتبر قلته أن موقف رئاسات الكنائس الرسمي من الثورات quot;كان مترددًا، بل كانت هناك أصوات تنحاز إلى الأنظمة القديمة توجسًا من مستقبل مجهول، وخوفًا من فوضى بدأت تمدّ مخالبها في المجتمعquot;.

مزيد من الحوار
في المقابل يرى حمزة منصور، أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي، أن التحدي الأكبر أمام الإسلاميين، ورجال الدين المسيحيين المستنيرين، والسياسيين الملتزمين بثقافة الأمة ومصالحها العليا، quot;يتمثل في الإعداد للمزيد من جولات الحوار، وصولًا إلى برنامج مشترك يتم تبنيه لتعزيز قيم التسامح والتعاونquot;.

كما يشدد منصور على quot;بناء صيغ للعمل المشترك على الصعيدين، الداخلي، بما يسهم في تعزيز الوحدة الوطنية والمشاركة في مشروع نهضوي على المستويين الوطني والقومي، والخارجي لخدمة قضايا الأمة الرئيسة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وذلك لتشكيل لوبي إسلامي مسيحي مؤثر قادر على مواجهة اللوبي الصهيونيquot;.

مخاوف المسيحيين مبررة
وبيّن منصور أن أجواء ثورات الربيع العربي، وصعود الإسلاميين عبر صناديق الاقتراع، ووصول بعضهم إلى مواقع السلطة، quot;أثارت الكثير من التساؤلات والمخاوف حول وضع المسيحيين، وحول حقوقهم المكتسبة، وبعض هذه التساؤلات والمخاوف مشروع ومبرر، فبعد انقطاع الحكم الإسلامي، وبدافع الصراع مع الغرب المستعمر، وتنكره لحقوق الأمة، أصابت لوثة التعصب أفرادًا وهيئات، خلطوا بين المواطن والمحتل، والشريك في المواطنة والحضارة والعدوquot;.

يضيف: quot;إنها حالة شاذة غريبة على التصور الإسلامي، وبعضها يأتي في سياق الحملة المنظمة على الإسلاميين، بل على الإسلام، تقودها قوى خارجية معادية للإسلام، وعلمانيون انسلخوا عن الأديان، فعادوا كل ما يمت إلى الدين بصلةquot;.

في السياق نفسه، دعا منصور إلى إبراز رؤية الإسلاميين ونظريتهم في التعامل مع المسيحيين العرب، quot;لتصحيح مفاهيم خاطئة ترسخت لدى البعض، وطمأنة المسيحيين العرب، الذين هم جزء من نسيج الأمّة، والتأسيس لعلاقة قائمة على المواطنة، وسحب الذرائع من الغرب، الذي كثيرًا ما استغل شعار حماية المسيحيين والمقدسات المسيحية ستارًا لتحقيق أطماع استعمارية في بلاد العرب والمسلمينquot;، على حد تعبيره.