لافتة إعلانية كبيرة من حملة أحمد شفيق الإنتخابية

بعد مشاعر الفرحة التي عاشتها مصر بالمشاركة في أول انتخابات تعددية حرة في تاريخها، كان لنتيجة الاقتراع وقع الصدمة على أنصار الثورة الذين وجدوا أنفسهم عالقين بين مطرقة الإسلاميين وسندان النظام السابق.


بات من المؤكد أن جولة الإعادة في الإنتخابات الرئاسية ستكون بين مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، والمرشح المحسوب على النظام السابق أحمد شفيق، وأصبح على المصريين أن يختاروا ما بين المر والأمر منه، ما بين الإسلاميين أو العسكر، بعد أن فقدوا رفاهية الإختيار التي أتيحت لهم في الجولة الأولى، فأهدروها، وتفرقت أصواتهم بين ثلاثة مرشحين يمثلون التيار الإسلامي والثورة، فصعد أحمد شفيق للمركز الثاني فجأة.

إنتحار وكارثة

ووفقاً للمحلل السياسي رفعت سيد أحمد، فإن المصريين الآن في مأزق شديد القسوة، فصار عليهم أن يختاروا ما بين الدولة الدينية أو العسكرية، أو ما بين الإخوان ونظام مبارك، مشيراً إلى أن كليهما مر.

وقال لـquot;إيلافquot; إن صعود أحدهما إلى سدة الحكم يمثل كارثة على مصر والمنطقة العربية، موضحاً أنه في حالة صعود شفيق فإن هذا يعني فشل الثورة المصرية التي كانت نموذجًا يحتذي به في الثورات العربية، وسوف يؤثر بالسلب وبشكل مباشر على الثورة السورية التي ما زالت تناضل من أجل حريتها وإسقاط نظام بشار الأسد القمعي، لاسيما أن القوى الإستبدادية في المنطقة سوف تشير إلى التجربة المصرية وتقول لشعوبها الراغبة في الحرية، إن المصريين ثاروا ضد مبارك ثم عادوا واختاروا تلميذه في إنتخابات نزيهة وشفافة.

وحول تأثير صعود الإخوان للرئاسة، قال سيد أحمد إن ذلك يعني أن الثورة أيضًا فشلت في تحقيق أهدافها، وإقامة دولة مدنية ديمقراطية، تحتوي الجميع وتعلي مبدأ المواطنة، إضافة إلى أن الجماعة سوف تكرس من جهودها للسيطرة على البلاد بكافة الأشكال، وسوف تستخدم الدين من أجل خدمة مصالحها، ولفت إلى أنه يجب على المصريين أن يقرروا مصيرهم الآن، رغم أن الإختيار صعب وبمثابة إنتحار في كلا الحالتين.

المربع صفر

وحسب وجهة نظر بهاء الدين شعبان، وكيل مؤسس الحزب الاشتراكي المصري، فإن المصريين في وضع صعب جداً، مشيراً إلى أن هذا الوضع عاد بالثورة إلى الوراء إلى نهايات عصر مبارك، عاد بالثورة إلى المربع رقم صفر.

وقال لـquot;إيلافquot; إن هناك حالة من الإحباط واليأس لدي غالبية المصريين، لا سيما الذين شاركوا في الثورة، كانت لديهم أحلام واسعة في الديمقراطية والدولة المدنية وتحقيق مطالب الثورة، لافتاً إلى أن كلا الفريقين المتنافسين الآن على الرئاسة، ليسا من الثورة، أحدهما يبحث عن مصالحه الخاصة، ويسعى الى التكويش على السلطة، والآخر يسعى الى إعادة إنتاج نظام مبارك، ونبه إلى أنه ليس من خيار أمام المصريين إلا إستكمال ثورتهم، لأنهم لم يقوموا بها من أجل إسقاط مبارك والصعود بتلميذه رئيساً، ولم يقوموا بها من أجل صعود الإخوان أو سيطرتهم على الدولة.

وأشار شعبان إلى أن نتائج الإنتخابات الرئاسية وضعت جميع القوى السياسية في مأزق أيضاً، لاسيما أن الشعب اختار ما بين الإخوان والنظام القديم، مشيراً إلى أنه يجب على الأحزاب والقوى الثورية إعادة التفكير في برامجها وكيفية مخاطبة الجماهير، ولمّ الشمل والقضاء على التشرزم، لاسيما أن هذه الفرقة تصب في صالح عودة النظام السابق بمنتفعيه وفاسديه، ونبّه شعبان إلى أن كل مَن صوت لصالح شفيق في الجولة الأولى خان الثورة، ولم يقف إلى جوارها، محذراً من أن الجميع بمن فيهم من صوتوا لصالحه سوف يخسرون كثيراً، لأن الثورة جاءتمن أجلهم.

خطر حقيقي

لافتة لمرشح الإخوان محمد مرسي

ويرى حسين عبد الرازق، عضو المجلس الرئاسي لحزب التجمع اليساري، أن سيناريو ما بعد جولة الإعادة صعب للغاية، وأوضح لـquot;إيلافquot; أن هناك خطراً حقيقياً على مصر في حالة صعود الإخوان أو أحمد شفيق الى الرئاسة، متوقعاً حدوث صراع شديد بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية في حالة وصول شفيق الى الرئاسة، وسوف يستمر الصراع بين الإخوان والرئيس إلى ما لانهاية ويلقي بظلاله على مصر كلها، مما يتطلب ثورة جديدة.

ولفت إلى أنه في حالة صعود الإخوان للرئاسة، فإن الجماعة تكون قد سيطرت على مصر كلها ووضعت جميع السلطات في يدها بدءاً من البرلمان مروراً بالحكومة وإنتهاء بمؤسسة الرئاسة، وبذلك يكون قد تم خلق حزب وطني جديد، ولكنه يحمل إسماً جديداً، ويعمل تحت ستار الدين، ويشدد على أنه يجب على أي منهما أن يقدم ضمانات جدية تؤكد حفاظه على مبادىء الثورة في حالة الوصول الى الرئاسة.

السيىء والأسوأ

ويشير الناشط السياسي شريف صادق، عضو إئتلافات شباب الثورة، إلى أن المصريين يختارون الآن ما بين السيىء والأسوأ، وقال لـquot;إيلافquot; إن هذا المأزق الشديد تسبب فيه مرشحو الثورة الذين رفض أي منهم التنازل لصالح الآخر، وفضل مصالحه الشخصية على حساب مصالح الوطن وتنكر للثورة، لافتاً إلى أنه لو اتحد عبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي لصعد أحدهما إلى كرسي الرئاسة من الجولة الأولى، أو لصعد إلى جولة الإعادة مع مرشح الإخوان.

وأضاف صادق قائلاً إنه رغم أن اختيار الإخوان صعب للغاية على القوى الثورية، لا سيما أن الجماعة خذلت الثورة كثيراً ووقفت إلى جانب المجلس العسكري، إلا أن القوى الثورية مضطرة للوقوف إلى جوارها.

وأوضح أن الإخوان فصيل سياسي تختلف معه القوى السياسية والثورية في بعض الأحيان، لكنه ذاق ويلات التعذيب والإعتقال طوال الـ 60 عاماً الماضية، وشارك في الثورة، ولولا وجود شباب الإخوان أثناء موقعة الجمل لانتهت الثورة، وقضيّ عليها، ولنصبت المشانق لشباب الثورة، وأكد صادق أن الإختيار الآن صار بين الثورة ونظام مبارك، ولن تقف القوى الثورية إلى جوار نظام مبارك، لا مفر من إختيار الإخوان.