بعد مناظرتهما الثالثة والأخيرة، يستأنف الرئيس الأميركي باراك أوباما وخصمه الجمهوري ميت رومني حملتهما الانتخابية في عشر ولايات اساسية، تمهيدًا للانتخابات الرئاسية في السادس من تشرين الثاني (نوفمبر) القادم.
فور انتهاء مناظرة السياسة الخارجية بين الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما ومنافسه ميت رومني، بدا من الواضح، وفق تحليلات صحافية، أن مهمة رومني كانت تهدف إلى إظهار أن بمقدوره أن يصبح قائدًا عامًا ذا مصداقية، مستعدا للتعبير عن القوة الأميركية من خلال استعراض العضلات وتقليل الارتكاز على التسويات مثلما يفعل أوباما، لكن دون الانحراف إلى ما أطلق عليها أوباما السياسات quot;الخاطئة والطائشةquot; التي كان يسير عليها آخر رئيس جمهوري وهو الرئيس جورج بوش.
لكن في تلك المناظرة، التي استمرت على مدار 90 دقيقة، وانحرفت بعيداً عما إن كان بمقدور الولايات المتحدة أن تتحكم في مجرى الأحداث في منطقة الشرق الأوسط المنقسمة لتركز على أي من الرجلين يمتلك فرصة أفضل لإجبار قادة إيران على التخلي عن برنامجهم النووي دون اللجوء إلى الحرب، حرص رومني على تجنب النبرة الأكثر عدائية التي غالباً ما كان ينتهجها أثناء الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.
وبينما كان يتراجع في بعض الأحيان أمام أوباما، إلا أن رومني كان واضحًا في إعلانه أنه لن يتدخل عسكرياً في سوريا، ولن يبقى لما بعد 2014 في أفغانستان، ولن يندفع للدخول في مواجهة مع إيران. وأنهى حديثه متفقاً على الخطوط العريضة لسياسة أوباما المتعلقة باستخدام الطائرات الآلية التي تعمل من دون طيار والتصدي لانهيار العلاقات مع باكستان التي يقال إنها أكثر الدول الحليفة للولايات المتحدة إحباطاً.
ولفتت في هذا الإطار صحيفة نيويورك تايمز إلى أن رومني كان منوطاً بمهمة سياسية أضيق في النطاق خلال مناظرة يوم الاثنين وهي إظهار أنه يجيد التحدث في مختلف الموضوعات ولطمأنة الشعب الذي سئم من الحرب بأنه لن يجر البلاد لصراعات جديدة.
ومثلما فعل في مناظرتيه السابقتين مع أوباما، حرص رومني على الانتقال إلى الوسط، وذهب إلى القول quot;سيتعين علينا القيام بما هو أكثر من ملاحقة القادة وقتل الأشرار. وسنقوم بتقديم المساعدات لبناء الديمقراطيات وتثبيط الإرهابquot;. وهو ذلك الأمر الذي نادراً ما كان يتطرق إليه من قبل، حيث كان يهتم بـ quot;السلام في الكوكبquot;.
غير أن أوباما كان مركزاً في حديثه، وأكد أن تسيير شؤون العالم الذي كان يشتهي ويمقت القوة الأميركية من قبل يحتاج ما هو أكثر من البيانات ذات الطبيعة العسكرية المتصلة بالدعوة إلى شن هجمات جوية أو التهديد بوقف أو منح المساعدات الأجنبية الأميركية.
كما وصف أوباما منافسه رومني بأنه رجل غير راغب في الاعتراف بالطريقة التي تغيرت من خلالها مفاهيم القوة الأميركية. وبدا من الواضح أن تلك المناظرة الأخيرة التي جاءت قبل الانتخابات بأسبوعين كانت هي الأضعف من حيث الأداء بالنسبة إلى رومني.
وبينما بدا أنه مطلع على عدد من القضايا، وتطرقه في الحديث لأعمال التمرد في مالي وتوبيخ الجماعات المسلحة في باكستان، فإنه كان حريصاً أيضاً على انتهاز الفرصة للعودة إلى القضايا الاقتصادية المتفجرة بالداخل، التي تشكل الركيزة الأساسية لحملته.
لكن سرعان ما انتقل الاثنان بعدها للحديث عن خلق فرص العمل بالداخل ودعم التعليم والمدرسين، حتى قال بوب سكيفر من سي بي سي نيوز ببعض الغضب quot;جميعنا يحب المدرسينquot;.
وبمجرد وصول المناظرة إلى مرحلة الخلط بين الشؤون الدولية والاقتصاد، بدأ أوباما مهاجمة منافسه، قبل أن ينخرط كلاهما في جدل مثار حالياً بخصوص ما إن كانت ستتسبب الدعوة التي اقترحها رومني للسماح لشركة جنرال موتورز بإشهار إفلاسها، دون استثمار حكومي، في إضعاف ديترويت أم لا.
ولاحظت نيويورك تايمز أيضاً الصعوبة التي واجهها رومني في شرحه الطريقة التي سيختلف من خلالها عن أوباما على صعيد الإدارة وتسيير شؤون العمل في الداخل والخارج.
وبدا الاختلاف واضحاً بين الاثنين حين تطرق الحديث للمواجهة التي قد تنشب عام 2013 مع إيران بخصوص برنامجها النووي، وان اتفقا على الجوانب التكتيكية. وختمت الصحيفة بالقول إنه سواء أعيد انتخاب أوباما أو فاز رومني، فإن الولايات المتحدة ستجد نفسها تقوم بتسويات بين قيمها ومصالحها، لأنه لا يوجد لديها عادةً أي خيار آخر.
التعليقات