يسعى المتمردون الإسلاميون في الصومال لاستعادة قواهم مجددًا من خلال تواجدهم في الجبال بعد أن طُردوا من وسط البلاد وجنوبها، تمامًا كما حدث مع حركة طالبان أفغانستان في العام 2011.


مقديشو: بعد اخراجهم في خلال سنة من كامل معاقلهم تقريبًا في وسط الصومال وجنوبها، يجمع المتمردون الاسلاميون في حركة الشباب المجاهدين الصومالية قواهم مجددًا ويضمدون جراحهم في جبال منطقة غلغلة في الشمال.
وقال عبد الولي محمد سلدان وهو من الاعيان المحليين: quot;هناك مئات من المقاتلين الشباب، بينهم قادة كبار، في منطقة غلغلةquot;، وquot;معظمهم وصلوا خلال الشهرين الأخيرين (...) فيما يصل كثيرون آخرون كل يوم مدججين بالسلاحquot;.
وقد تراجع مقاتلو الشباب الى جبال غوليس كما فعل طالبان الافغان الذين تراجعوا اثر هزيمتهم في اواخر 2011 الى منطقة تورا بورا، بعد أن تفوقت عليهم القوات الحكومية الصومالية مدعومة من قوة الاتحاد الأفريقي (اميصوم) وقوة اثيوبية، عددًا وعدة، ولم يعد لهم أي معقل مهم منذ خسارة مرفأ كيسمايو اواخر ايلول/سبتمبر الماضي.
وجبال غوليس الصومالية التي تعبر الحدود بين منطقة بونتلاند التي تتمتع بالحكم الذاتي ومنطقة ارض الصومال التي اعلنت استقلالها من جانب واحد، والمعروفة بمنعتها قبل أن تزرعها القوات الاميركية بالقنابل، مليئة بالكهوف ووعرة المسالك.
quot;إنه مكان مناسب لمن يريد الاختباء وقد اقيمت فيها معسكرات تدريب عدةquot;، كما اكد محمد حاجي سوغول احد سكان غلغلة الواقعة على بعد نحو 50 كلم الى جنوب مدينة بوصاصو الساحلية.
واضاف quot;يقال إن قادة كبارًا (من الشباب) وصلوا من جنوب الصومال قبل بضعة اسابيع من خسارتهم كيسمايو مع سيارات بيك آب مجهزة بالرشاشات وعشرات المقاتلينquot;.
وحذر المحللون من أن تعزيز قواعد الشباب في هذه الجبال الواقعة في بونتلاند التي تضم سواحلها معاقل للقراصنة الذين ينشطون بحرًا قبالة سواحل الصومال، انما يدل على أن المتمردين الذين ضعفوا كثيرًا لم ينتهوا بعد.
وذكر اي جي هوغندورن من مركز الابحاث المعروف باسم مجموعة الازمات الدولية quot;إنها ليست نهاية الشباب (...) فقد سبق وعرفوا هذا الوضع عندما كانوا يقاتلون الاثيوبيينquot; الذين تدخلوا في 2006 في الصومال لسحق نظام اتحاد المحاكم الاسلامية الذي يشكل الشباب جناحًا متطرفًا فيه. واضاف quot;أن استراتيجيتهم هي العودة الى حرب العصابات والهجمات غير المتناسقةquot;.
ورأى مارك برايدن المسؤول السابق عن مجموعة المراقبة التابعة للأمم المتحدة بشأن الصومال واريتريا أن الشباب quot;حركة منكسرةquot;. لكنه حذر من انهم يجمعون مقاتليهم باتجاه الشمال تاركين في الوقت نفسه خلايا عملانية في معاقلهم السابقة في الجنوب.
واذا كان الشباب فقدوا على ما يبدو دعم سكان المناطق الريفية المنهكين بفعل دوامات الحروب المتواصلة وموجات الجفاف والمجاعة منذ سقوط الرئيس سياد بري في 1991، فإن مناطق شاسعة غير مأهولة في الجنوب -مثل غابات منطقة جوبا السفلى- توفر ملاجىء للمتمردين.
وتؤكد قوات الامن في بونتلاند وصول عناصر من حركة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة، الى محيط غلغلة لكنها تؤكد في الوقت نفسه أنها لن تسمح لهم باعادة تشكيل قواهم.
وقال ورسام آدن وهو ضابط في قوات امن في بونتلاند quot;إن غلغلة تبقى الخيار الاول كمخبأ للقاعدة في الصومالquot; مشيرًا في الوقت نفسه الى وجود quot;مقاتلين اجانب يدربون الصوماليينquot;.
وكانت منطقة غلغلة لزمن طويل خاضعة لحليف للشباب، هو محمد سعيد اتوم، زعيم الحرب ومهرب الاسلحة المدرج على قائمة عقوبات الامم المتحدة بسبب quot;عمليات خطف وقرصنة وارهابquot;. وقد طردته منها قوات الامن في بونتلاند في اواخر العام 2010 ثم مجددًا في 2011.
quot;ومعظم المقاتلين الموجودين يتحدرون من المنطقة، لكنّ هناك آخرين يصلون من الجنوب الصومالي (...) فيما يراقب الجيش عن كثب تحركاتهم وقريبًا جدًا ستتم السيطرة على المنطقة بالقوةquot; على ما قال ورسام آدن.
ورأى عبدي راشي هاشي من مجموعة الازمات الدولية أن عددًا من المقاتلين انتموا الى حركة الشباب على سبيل المنفعة اكثر منه لاسباب ايديولوجية وقد ينشقون عنها. لكن تبقى نواة صلبة مؤلفة من مئات عدة على الاقل من المتمردين quot;المتشددين على غرار القاعدة والذين يعملون عبر الحدودquot;.
وفي مطلع العام 2012 انتقد الشباب العاجزون عن الصمود في المواجهة المباشرة، بشكل لاذع quot;النفوس العسكرية الجاهلةquot; التي ترى في quot;انسحابهم الاستراتيجي (...) نصرًاquot;.
وحذروا من أن quot;أي قوة مهما كان تفوقها العددي، لم تنجح مطلقًا في تدمير ارادة المقاومة لدى المجاهدين بشكل كاملquot;.