الهدنة في سوريا لم تصمد... والعنف يحصد العشرات في أول أيام العيد

تاريخ النشر: الجمعة 26 أكتوبر 2012 - ساعة 7.30 غرينتش
آخر تحديث: الجمعة 26 اكتوبر 2012 - ساعة 16.35 غرينتش

لم تصمد الهدنة في سوريا وتعرضت للانهيار صباح عيد الاضحى بعد قصف واشتباكات بين الجيشين النظامي والحرّ ما أدى الى سقوط قتلى، يأتي ذلك فيما بث التلفزيون الرسمي صورًا للرئيس الأسد وهو يؤدي صلاة العيد.

دمشق: أعلن المرصد السوري لحقوق الانسان ان اليوم الاول من هدنة الاضحى في سوريا شهد خروقات واسعة الجمعة أدت الى مقتل 47 شخصا.

وأوضح المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مركزا له أن اعمال العنف في مناطق متفرقة من البلاد أوقعت الجمعة 47 قتيلا هم 16 مدنيا و19 عسكريا نظاميا و12 معارضا مسلحا.

وكانت الحصيلة الاخيرة للمرصد اشارت الى وقوع 23 قتيلا في معارك وقعت في ريف دمشق وحمص ومنطقتي إدلب ومعرة النعمان.

وقتل خمسة اشخاص وأصيب 32 آخرون بجروح الجمعة في انفجار سيارة مفخخة في منطقة دف الشوك في جنوب دمشق، بحسب ما ذكر التلفزيون الرسمي السوري.

وأورد التلفزيون في شريط إخباري quot;سقوط خمسة قتلى و32 جريحا في التفجير الإرهابيquot; الذي وقع في حي الزهور في منطقة دف الشوك، واصفا العملية بquot;الخرق الواضح لإعلان وقف العمليات العسكرية الصادر عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحةquot; لمناسبة عيد الاضحى.

ويطلق على الحي اسم حي الزهور او حي الشرطة.

وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان هناك اطفالا بين الجرحى، وان الانفجار اسفر عن quot;تهدم الكثير من المنازل في المنطقةquot;.

واوضح مصدر امني سوري لوكالة فرانس برس ان الانفجار استهدف مساكن لعناصر في الشرطة، وان quot;الاطفال المصابين كانوا يلعبون في الطريقquot;.

وانهارت الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ صباح اليوم الجمعة لمناسبة عيد الاضحى في مناطق عدة من سوريا تشهد قصفاً او اشتباكات، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان.

وقال مدير المرصد السوري في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس quot;انهارت الهدنة في مناطق عدةquot;، مسجلاً في الوقت نفسه تراجعًا في نسبة العنف وعدد الضحايا بالمقارنة مع السابق.

واضاف quot;هناك اشتباكات في حي العسالي في جنوب دمشق والسيدة زينب في ضاحية دمشق، وحوادث في ريف دمشق، واشتباكات وقصف في بلدة تلكلخ في محافظة حمص (وسط) قرب الحدود اللبنانية وقصف على مدينة حمص، واشتباكات في مدينة حلب (شمال)، بالاضافة الى استمرار المعارك في محيط معسكر وادي الضيفquot;.

الا أنه اشار الى أن quot;مستوى العنف اليوم اجمالاً هو اقل مما كان عليهquot; خلال الاسابيع والاشهر الماضية، وquot;كذلك عدد الضحايا الذي نأمل بألا يرتفع. كما أن النظام لم يستخدم بعد الطيران الحربي في القصف.

واستغل السوريون المناهضون للنظام الهدنة الهشة للخروج في تظاهرات عديدة في مناطق مختلفة طالبت بسقوط النظام.

على الارض، قتل ثلاثة اشخاص في قصف وقنص في بلدة حرستا في ريف دمشق، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان، مشيرا ايضا الى سقوط جرحى برصاص القوات النظامية والى عدم حصول quot;اشتباكات حتى اللحظة في البلدةquot;.

وتدور منذ الساعة العاشرة والنصف تقريباً (7,30 ت غ) quot;اشتباكات عنيفةquot; بين القوات النظامية ومجموعات مقاتلة معارضة في محيط معسكر وادي الضيف في محافظة ادلب (شمال غرب).

واعتبر مدير المرصد رامي عبد الرحمن هذه الاشتباكات بمثابة quot;الخرق الاول لوقف اطلاق النارquot;.

واشار الى أن بين المقاتلين المعارضين في المنطقة عناصر من جبهة النصرة الاسلامية المتطرفة التي اعلنت الاربعاء عدم التزامها بالهدنة.

ويطوق المقاتلون المعارضون معسكر وادي الضيف منذ اكثر من اسبوعين بعد استيلائهم على مدينة معرة النعمان الاستراتيجية القريبة من المعسكر وتمكنوا نتيجة ذلك من إعاقة وصول إمدادات الى قوات النظام الموجودة في المنطقة وفي مدينة حلب (شمال).

وذكر عبد الرحمن أن قصفًا مدفعيًا على بلدة دير شرقي القريبة من المعسكر سجل بعد بدء الاشتباكات ومصدره القوات النظامية.

وبعد وقت قصير على تسجيل هذا الخرق، افاد المرصد السوري في بيان عن quot;تعرض حي الخالدية المحاصر في مدينة حمص (وسط) لقصف من القوات النظامية ادى الى سقوط جريحين اثنين وتضرر عدد من المنازلquot;

وكان عضو الهيئة العامة للثورة السورية في حمص الذي يقدم نفسه باسم ابو رامي قال في اتصال مع وكالة فرانس برس عبر سكايب إن quot;هدوءًا ساد مدينة حمص منذ صلاة الصباحquot;، مشيرًا الى أن quot;الثوار ملتزمون بالهدنة طالما لم يحصل اعتداء عليهمquot;.

واضاف ابو رامي الموجود في حمص القديمة وهي من الأحياء المحاصرة من القوات منذ اشهر quot;على الجبهات يرابط المقاتلون مستعدين للرد في حال حصول أي خرق، والقسم الآخر يأخذ قسطاً من الراحةquot;.

وذكر أن تظاهرة خرجت في الحي وهتف المتظاهرون quot;صامدون يا وطننا صامدون، رغم الالم والجراح، صامدونquot;.

وكان هدوء هش ساد مختلف المناطق بعد صلاة الصباح، ما شجع المتظاهرين على الخروج.

وتدخلت القوات النظامية في بعض المناطق لتفريق المتظاهرين، واطلقت النار في بلدة انخل في محافظة (درعا) جنوب، ما تسبب باصابة ثلاثة اشخاص بجروح، بحسب المرصد.

واكد رئيس المجلس العسكري الاعلى للجيش السوري الحر العميد مصطفى الشيخ أن القوات النظامية اطلقت النار ايضًا على متظاهرين في قطنا في ريف دمشق وفي حي القابون في جنوب دمشق، معتبرًا ذلك quot;خرقاً لإطلاق النارquot;.

وقال ردًا على سؤال في اتصال هاتفي مع فرانس برس quot;إن منع التظاهر وإطلاق النار على المتظاهرين يشكل خرقًاquot;، مضيفًا أن المقاتلين المعارضين quot;اكثر هدوءًا من قوات النظام، لاننا نريد اعطاء فرصة لوقف النارquot;.

وشكك الشيخ بنوايا النظام، وقال quot;هذا نظام كاذب. كلما خرج الناس سيطلقون النار. لو تركوا الناس يتظاهرون اصلا، لكان النظام سقط منذ زمن. ولو أن الناس يثقون بتعهد النظام وقف النار، لكان الشعب السوري خرج كله للتظاهرquot;.

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان وناشطون إن التظاهرات سارت في بلدات في درعا (جنوب) وحي هنانو في مدينة حلب (شمال) وريف حلب واحياء الحجر الاسود والقابون وجوبر في دمشق وبلدات وقرى عدة في ريف دمشق وادلب (شمال غرب) وريف حماة (وسط) ودير الزور (شرق) والرقة (شمال شرق).

من جهة ثانية، ظهر الرئيس السوري بشار الاسد على شاشة التلفزيون السوري الرسمي وهو يؤدي صلاة العيد.

وكان الاسد في مقدمة المصلين. وبعد انتهاء الصلاة، سلم الاسد على عدد كبير من الموجودين في المسجد الذي لم يذكر التلفزيون اسمه مبتسمًا، مقبلاً البعض ومتبادلاً الاحاديث القصيرة مع آخرين.

ودعا الشيخ وليد عبد الحق في خطبة ألقاها خلال الصلاة السوريين الى الوحدة الوطنية.

وقال quot;الوحدة الوطنية التي تشتد الحاجة اليها في مثل هذه الظروف الصعبة التي نمر بهاquot;.

واضاف متوجهًا الى السوريين quot;اناشدكم بالله كفوا ايديكم عن بعضكم البعض، فكلكم اخوة (...). كفانا قتلاً لانفسنا ودمارًا لارضنا وسحقًا لاقتصاد بلادناquot;.

وأعلن الجيش السوري الخميس وقف العمليات العسكرية في سوريا اعتبارا من صباح الجمعة وحتى الاثنين، اليوم الاخير من عيد الاضحى في سوريا، محتفظًا بحقه في الرد في حال استمرار اعتداءات quot;الجماعات المسلحةquot;.

كما اعلن المجلس العسكري الاعلى للجيش السوري الحر، ابرز المجموعات المقاتلة المعارضة، الموقف نفسه، متعهدًا برد قاس quot;اذا اطلقت رصاصة واحدةquot; من القوات النظامية.

وهناك فصائل مسلحة لا تحصى في سوريا تابعة لقيادات مستقلة عن المجلس العسكري.

وعبر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن امله في أن تصمد الهدنة، ملمحاً الى عدم ثقته بذلك.

وجاءت الهدنة اليوم بعد ليل من القصف والاشتباكات في مناطق عدة، وبعد يوم دام قتل فيه 135 شخصاً، بحسب المرصد السوري.

على صعيد آخر، دعا رئيس وزراء حكومة حماس في غزة اسماعيل هنية خلال خطبة صلاة عيد الاضحى في مخيم النصيرات في مدينة غزة الى quot;وقف النزيفquot; في سوريا وquot;لترفع اليد الآثمة عن ابناء شعبنا الفلسطيني في سوريا، ولترفع اليد الظالمة عن الشعب السوري الشقيق الذي يبحث عن حريته وكرامته ودولته الآمنة المطمئنةquot;.

ودعمت دمشق حركة حماس لسنوات طويلة ومنحتها امتيازات كبيرة في سوريا الا أن الحركة أعلنت تأييدها لحركة الاحتجاجات ضد النظام السوري.

الجيش السوري يعلن الرد على quot;خروقاتquot;

أعلن الجيش السوري ان quot;مجموعات ارهابية مسلحةquot; قامت بquot;خروقاتquot; لوقف اطلاق النار بالاعتداء على عدد من المواقع العسكرية في مناطق سورية مختلفة اليوم الجمعة، ما استدعى ردا من القوات السورية النظامية.

وجاء في بيان تلي عبر التلفزيون الرسمي السوري quot;في خرق واضح للاعلان عن ايقاف العمليات العسكرية الذي التزمت به القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة قامت المجموعات الارهابية المسلحة (...) بالاعتداء على بعض المواقع العسكريةquot;.

واضاف quot;تطبيقا لنص البيان الصادر عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة (امس) تقوم قواتنا المسلحة الباسلة بالتعامل مع هذه الخروقات والرد على مصادر النيران والتصدي للعصابات الارهابية المسلحة وملاحقة فلولهاquot;.

وعددت القيادة الخروقات بالتفصيل، مشيرة الى انها استهدفت مواقع وحواجز للجيش في دير الزور (شرق)، ودرعا (جنوب)، وادلب (شمال غرب)، وحمص (وسط)، وريف دمشق. واوضحت ان هذه الاعتداءات وثقت حتى الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم (9,00 ت غ).

وكان المرصد السوري لحقوق الانسان افاد عن خروقات عدة لوقف النار اسفرت عن مقتل 23 قتيلا منذ الصباح.

ثلاثة قتلى وثمانية جرحى من الجيش في انفجار سيارة مفخخة في درعا

توفي ثلاثة عناصر من القوات النظامية السورية متأثرين بجروح اصيبوا بها في انفجار سيارة مفخخة الجمعة استهدف حاجزا للجيش في مدينة درعا (جنوب)، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان.

وقال المرصد quot;قتل ما لا يقل عن ثلاثة عناصر من القوات النظامية واصيب ثمانية اخرون بجروح اثر انفجار عربة مفخخة بحاجز للقوات النظامية في شارع هنانو امام مفخر الخطوط الحديديةquot;.

وكان المرصد افاد في وقت سابق عن اصابة احد عشر عنصرا من القوات النظامية بجروح معظمها خطرة.

وقتل خمسة اشخاص واصيب 32 آخرون بجروح في انفجار سيارة مفخخة اخرى في منطقة دف الشوك في جنوب دمشق، بحسب ما ذكر التلفزيون الرسمي السوري.

واوضح مصدر امني سوري لوكالة فرانس برس ان الانفجار استهدف مساكن لعناصر في الشرطة.

وجاء هذان الانفجاران في اليوم الاول من الهدنة التي اعلن الجيش السوري الالتزام بها، وكذلك ابرز المجموعات المقاتلة المعارضة، لمناسبة عيد الاضحى الذي يحتفل به في سوريا لمدة اربعة ايام.

وسجلت خروقات عدة لوقف النار خلال النهار في مناطق مختلفة اسفرت عن مقتل 47 شخصا من ضمنهم ضحايا الانفجارين.