افيون (تركيا): في وسط الاناضول في غرب تركيا تقع مدينة افيون التي اشتهرت لقرون بانتاج الافيون ومنه اخذت اسمها لكن سكانها انقسموا مؤخرا بين مؤيد ورافض لقرار المحافظ فرض قيود على بيع الخمور، وهو انقسام يعكس حال المجتمع التركي منذ وصول الاسلاميين الى الحكم قبل عشر سنوات.
وفي ايار/مايو اصدر محافظ افيون المحافظة التي تحمل نفس اسم عاصمتها، قرارا يقضي بحظر بيع وشرب الكحول quot;في اماكن العمل والحدائق العامة والمنتزهات وامكان التخييم والنزهة والشوارع وامام الصرافات الالية وفي المعالم الاثرية والمباني المتروكة ومواقف السيارات ووسائل النقل العام والسيارات الخاصةquot;.
وينص القرار على عقوبات وغرامات بحق المخالفين بينها مثلا غرامة قدرها 169 ليرة تركية (حوالى 75 يورو) بحق كل من يضبط في منتزة حاملا زجاجة جعة.
وهذا القرار الصادر عن محافظ عينته حكومة رجب طيب اردوغان، يسري على مدينة افيون البالغ عدد سكانها حوالى 170الف نسمة كما يسري ايضا على عموم المحافظة، والهدف المعلن من ورائه هو الحفاظ على الصحة والنظافة العامة.
ولكن في بلد يشتهر بالعرق مشروبا وطنيا، فان قرار فرض قيود على بيع الخمور واستهلاكها لم يمر مرور الكرام، ولا سيما بالنسبة الى المعارضة التي ترى خلفه دوافع سياسية بحتة.
وفي هذا يقول يالجين غورغوز المسؤول في المحافظة عن حزب الشعب الجمهوري، الحزب المدافع عن علمانية الجمهورية التي بناها مصطفى كمال اتاتورك فان quot;حزب العدالة والتنمية (الحاكم) يستخدم الكحول ذريعة للوصول الى هدفه المتمثل باسلمة المجتمع (...) وتحويل تركيا الى ايران ثانيةquot;.
ويؤكد غورغوز ان هذا الحظر ناجم عن عقيدة دينية لا غير وقد ادى وللمفارقة الى زيادة استهلاك الكحول في المدينة. ويقول quot;الحظر لا ينفع شيئا. الناس يواصلون الشربquot;.
ويوافقه في رأيه هذا بائع الدخان والخمور حقان كارانفيل. ويقول quot;المنع يؤدي دوما الى مفعول عكسي ورد فعل هستيري لدى الناسquot;، مؤكدا ان مبيعاته زادت وتجارته توسعت منذ صدور قرار المحافظ.
وبالاضافة الى المتاجر، لا يزال بامكان الفنادق الفخمة المتناثرة في اطراف المدينة حيث الينابيع والحمامات الساخنة ان تقدم لنزلائها المشروبات الروحية. وكذلك الامر بالنسبة الى آخر حانة لا تزال في المدينة التي كانت حتى قبل عشر سنوات تضم حوالى 15 حانة.
وفي هذا يشكو صاحب الحانة فاتح بنكر من ان quot;السلطات لم تعط اي ترخيص جديدquot; لبيع الكحول، مضيفا ان السلطات في انقرة زادت خلال السنوات الاخيرة وبنسب كبيرة جدا الضرائب المفروضة على بيع الكحول، وكل هذا تحت شعار quot;حماية الصحة العامquot;.
ويضيف وقد خلت حانته من الزبائن quot;عندما اقرر التوقف عن العمل لن يعود في هذه المدينة اي حانةquot;.
لكن اذا كان بنكر وامثاله يعارضون هذه القيود المفروضة منذ خمسة اشهر فان العديد من سكان افيون يدافعون عنها.
ومن هؤلاء الحاج السبعيني علي اوزلر. ويقول لفرانس برس وقد ارخى لحيته على غرار الكثير من المتدينين quot;فليشربوا كما يحلو لهم في بيوتهم، ولكني لا اريد ان يشرب الناس ويفتلعون مشاكل امام متجريquot;.
ويبدو ان سلطات المحافظة لا تعول على قرار المحافظ لتغيير السلوك المجتمعي بقدر ما تعول على quot;ضغط الشارعquot; وتأييد سكان المدينة المسلمين والذين يقول غالبيتهم انهم ملتزمون دينيا.
وينطبق الامر على الكحول كما على مسائل اكثر حساسية مثل ارتداء الحجاب.
وبعدما تعلمت الدرس مما جرى في 2008 حين اندلع سجال ضخم في البلاد اثر محاولتها السماح بارتدائه، اكتفت الحكومة الاسلامية العام الماضي بتخفيف القيود المفروضة على ارتدائه في الجامعات.
وفي هذا تقول غونور كايا طالبة الحقوق في انقرة لوكالة فرانس برس quot;حتى العام الماضي كنت مجبرة على نزع حجابي عند بوابة الكلية بشكل مهين، اليوم يمكنني متابعة الدروس من دون خلع حجابيquot;، معربة عن املها في الغاء quot;كل القيودquot; المفروضة امام ارتداء الحجاب في الوظائف العامة. وتقول quot;اريد ان اصبح قاضية او مدعية عامة ولكن مع الحجابquot;.
لكن حماة العلمانية يؤكدون ان هذا الامر quot;خط امرquot; لا يمكن المساس به.
التعليقات