الباب: حلق الطيران الحربي السوري في اجواء وسط مدينة الباب التي اضطر سكانها المذعورون للبحث بسرعة عن ملجأ، قبل ان يلقي قنابله لتبدد عائلات عدة الى الابد في يوم حزين اخر من الحرب المستمرة في سوريا.
فسيارات الاسعاف كانت تسير بسرعة كبيرة الاحد في شوارع مدينة الباب الخاضعة منذ اشهر لسيطرة المعارضين المسلحين على بعد 35 كلم الى شمال شرق حلب لتشق طريقها بين السيارات مطلقة العنان لصفاراتها بحثا عن ضحايا ذلك اليوم.
وفي السماء كان الطيران العسكري يحلق بحركة دائرية منذرا بالمزيد. في الاثناء كان رجال الانقاذ يفتشون بشكل يائس بايديهم بين انقاض اول منزل اصيب عندما سقطت القنبلة الثانية على مسكن اخر. ثم القى الطيار قنبلته الثالثة على مدرسة قرآنية قرب المنازل الاولى التي اصيبت. وانبعث من الانفجار طيف من الغبار والحجارة والحطام غطى الشارع والمباني المجاورة.
واستمر الهجوم عشرين دقيقة واسفر بحسب مصادر طبية عن سقوط اربعة قتلى وثمانية جرحى. وقد ارتفعت حصيلة اعمال العنف الى 36 الف قتيل على الاقل بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان منذ اذار/مارس 2011 مع بدء الحركة الاحتجاجية التي تحولت الى نزاع مسلح.
ويوم الاحد كان بالنسبة لعائلات الضحايا بداية حياة حداد وتعطش للانتقام. وهو بالنسبة للاصدقاء والجيران الذين نجوا تذكير جديد بان الموت يمكن ان يهبط من السماء في اي لحظة ولا يمكن لاحد ان يكون في مأمن.
وعدنان حمزة (42 عاما) المهندس والاب لثلاثة اولاد خرج من منزله صباح الاحد لترؤس اجتماع لمجلس محلي. وقد اصيب باول قنبلة لكنه فارق الحياة على ما يبدو اثر اصابته بشظايا احدى القنبلتين الاخريين.
وحمل الى منزله ميتا واثر الدماء على رأسه المغطى بضمادات فيما لف جسده بغطاء، ثم وضع ارضا في الغرفة الرئيسية واحاط به اشقاؤه الذين انهاروا لهول المصيبة ولم يقاوموا البكاء. لكن سرعان ما طغى على الحضور شعور الانتقام.
وقال صفوان شقيق عدنان وهو يبكي quot;سانتقم بيدي. كنت معه عندما سقطت القنبلة الاولى. لم يمت على الفور. ثم اصيب بعد ذلك بشظاياquot;. وتابع quot;سأشرب دم بشار (الرئيس بشار الاسد) وساشرب دم الطيارquot;. وقد انتشر خبر موت عدنان في المدينة وبدأ المنزل يغص شيئا فشيئا بالاقرباء. اولا اشقاؤه ثم اصدقاؤه وابناء عمومه.
ثم جاءت النساء ومعظمهن يصحبن اطفالهن، وعمات عدنان وارملته الشابة مع اولادها الثلاثة الذين لا يتجاوز عمر اصغرهم الثلاث سنوات. وانهارت العمات اللواتي ارتدين العباءات السوداء على الجثة ثم بدأن يضربن صدورهن وهن يتضرعن الى السماء.
ووقف الطبيب محمود السايح في الممر خارج الغرفة وقال quot;كنا صديقين منذ 30 عاما. اعطى كل شيء للثورة. وسنحمل المشعل جميعا وسنثأر له من الاسد وزمرته من المجرمينquot;.
التعليقات