أوباما أفضل لأنه قادر في السياسة، لهذا يؤيده معظم المعارضين السوريين، لكنهم quot;من تحت الطاولةquot; سيقترعون لرومني لو قيض لهم ذلك، لأنه quot;الحربجيquot; الذي سيتدخل عسكريًا وينهي نظام الأسد، ويرد الروس إلى القوقاز.


لا تتسم العلاقة بين المعارضة السورية وبين الإدارة الأميركية، المنهمكة حاليًا بالانتخابات الأميركية وحملات الترويج لها، بالود والصفاء، أو حتى القبول والتوافق حول إدارة الصراع في سوريا أو مستقبل البلاد، بعد أن وجهت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون انتقادات شديدة للمجلس الوطني السوري، مظلة المعارضة السياسية الخارجية في سوريا، مطالبة بإعادة هيكلته ليضم اقطابًا ورموزًا من الداخل السوري وتيارات سياسية من خارجه.

ومع قرب موعد الحسم في الانتخابات الأميركية، استطلعت quot;إيلافquot; آراء شريحة واسعة من المثقفين والسياسيين المعارضين السوريين، وصولًا إلى شريحة من المقاتلين في الجبهات الأمامية في مناطق النزاع داخل سوريا، لمعرفة وجهة نظرهم في ما يخص الانتخابات الأميركية ومدى تأثيرها على الملف السوري برمته.

آلام الشعب لا وجه أوباما

الكاتبة والأديبة ميس كريدي، المستقيلة حديثًا من هيئة التنسيق الوطنية، إحدى فروع المعارضة في الداخل السوري، قالت لـquot;إيلافquot;: quot;أولى سقطات العمل السياسي هو العمل بدلالة الآخرين. نحن نراقب الوضع الدولي ونواكب مستجداته، لكن المفروض اننا كمعارضة نعمل بأجندتنا الوطنية الخاصة ونتكيف من خلالها مع المتغيرات الدولية. الادارة الأميركية تنفذ سياستها ولا تتبدل بتبدل الأشخاص، فالدول تعمل بأجنداتها وبالتالي مهمتي هو جدولة أجندتي الوطنية، وتسخير القوى الثورية وتحشيدها بهذا الاتجاه بحيث يتبلور الخطاب السياسي الوطني للمعارضة. فمهمة المعارضة استقراء آلام الشعب ومعاناته وصرخاته وتحويلها برامج سياسية، وليس مراقبة تعبير وجه كلينتون أو أوباما أو سواهما، فعندما نرسم بدقة الخطة والمنهج السياسي نعمل على زج المصالح الدولية لخدمة خطنا، وليس ان نتكيف نحن مع تلك التلميحات السياسيةquot;.

أما الصحفي والناشط أحمد دعدوش، فلا يخفي ميله إلى أوباما، بالرغم من تقاعس إدارته في دعم الثورة السورية، quot;فنحن لم ننس بعد ما فعله الجمهوريون في عهد بوش بالمنطقة، ولا يبدو أن خطاب رومني مغايرًا له، وأنا واثق من أن دعم الجمهوريين للثورة لن يصب في صالح سوريا على المدى البعيد بل لتحقيق مصالح إسرائيل فقطquot;.

إلا أنه بالمقابل لا يتوقع أن يؤثر الملف السوري على خيارات الناخب الأميركي، quot;فالاستطلاعات تكشف أن الاقتصاد يهيمن على نحو 65 بالمئة من اهتمامات الناخبين، وفي السياسة الدولية قضايا العراق وأفغانستان هي الأهم الآن لدى الناخبquot;.

المطلوب تهديد جدّي

يعتبر بكر صدقي، الكاتب السوري في صحيفة الحياة اللندنية، أن المشكلة تنبع من الولايات المتحدة وليس من الثوار السوريين، quot;فالسياسة الأميركية تجاه المنطقة في حقبة ما بعد جورج بوش استندت إلى الانخراط في الحوار مع دمشق وطهران لمواجهة تحديات ما بعد احتلال العراق. ولم يظهر بديل متبلور عن هذه السياسة إلى الآن. أعتقد أن الموقف الأميركي المتردد يعود إلى اعتبارات إسرائيلية لا تريد انتهاء نظام الأسد. هذا عامل مهم وإن لم يكن الوحيد. هل ستتغير السياسة الأميركية بشأن المسألة السورية بعد الانتخابات؟ لا أرى تغييرًا حادًا وسريعًا. قد يتطلب الأمر فترة طويلة لرسم سياسة جديدة، سواء فاز أوباما أم منافسه رومنيquot;.

وفيما يخص خيارات الناخب الأميركي، نفى صدقي قاطعًا أن تكون quot;المسألة السورية تحتل حيزًا ذا قيمة في اهتمامات الرأي العام الأميركي المنشغل أكثر بتداعيات الأزمة المالية التي لم تنته بعد، إضافة إلى مسائل أخرى معظمها داخليquot;.

وبخصوص المطلوب والمتأمل من الإدارة الأميركية المقبلة، يقول صدقي: quot;أعتقد أن مجرد التهديد باستخدام القوة من شأنه أن يلجم آلة القتل الجهنمية التي تفتك بسوريا بشرًا وعمرانًا. ومن شأن تهديد جدي أن يدفع بالقيادة الروسية إلى مراجعة موقفها. فبوتين لن يحارب أميركا دفاعًا عن الأسدquot;.

سوريا عنصر مرجح أم مجرد تفصيل مهم؟

من جهة أخرى، يرى الإعلامي والكاتب محمد منصور أن quot;الأصلح يقرره الناخبون دائمًا، وصوت الناخب الأميركي في صناديق الانتخابات هي التي ستقول الكلمة الفصل في النهاية. لكن ثمة شعور بأن الجمهوريين يمكن أن يكونوا أكثر حزمًا في التعامل مع نظام الأسد إذا توافرت النية، والنية مرتبطة بالتأكيد بمصلحة إسرائيل. ولا أعتقد أن الملف السوري هو عنصر مرجح للفوز أو الخسارة. لكنه تفصيل مهم في ملف أوسع هو نفوذ أميركا في منطقة الشرق الأوسط. ولعل إدارة أوباما أدركت أن هذا النفوذ آخذ في التراجع والانحسار أمام الرغبة الروسية في استعادة الحضور الدولي الغائب عن المنطقة منذ أكثر من عشرين عامًاquot;.

يضيف منصور: quot;لعل الساسة الأميركيين يدركون أن نظام الأسد لن يسقط من دون دعم عسكري جدي للجيش السوري الحر، أو تدخل دولي لوقف نزيف الدماء. المطلوب إذن أن تعي أمريكا أن ترك سورية والسوريين لمصيرهم في مواجهة نظام دموي لا يعرف خطوطًا حمرًا خطيئة كبيرة، وربما تكون لها تداعيات أكبر مما تحتمل المنطقة، خصوصًا أن سورية المعروفة باعتدالها الديني ستجد طريقها في لحظة يأس إلى أحضان جهات قد تنشر التطرف!quot;.

الارتباط بأمن إسرائيل

على صعيد آخر، يرى رئيس تحرير مجلة (سوريا بدا حرية)، الصحفي نذير جندلي، أن الحزب الجمهوري هو حزب الحروب والعمليات العسكرية، بينما يركز الحزب الديمقراطي على المصالح والعلاقات السياسية، quot;وقد تساهم هذه النقطة بحال فوز رومني الجمهوري بالتدخل العسكري في سوريا، ولكن يخشى أن يتم ذلك بشكل متهور كما في أفغانستان أو العراق. أما أوباما، والذي تتنبأ الأرقام بنجاحه، فقد يعمل على تكثيف العمليات السياسية للضغط على النظام الحالي في سوريا مع دعم مدروس للمعارضة السورية والجيش الحرquot;.

ويرى جندلي أن الشأن السوري بعيد كل البعد عن الشارع الأميركي خصوصًا، ومنحصر في أروقة السياسة الأميركية ولم يتحدث أي مرشح حتى الان بمشروعه اتجاه الثورة في سوريا باستثناء بعض الجمل الدبلوماسية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

أما الكاتب والمحلل السياسي طارق حمود، فقال: quot; تلتقي برامج المرشحين على ثوابت في السياسة الأميركية تجاه منطقتنا، أهمها أمن إسرائيل، فيما تختلف في تفصيلات تحقيق هذا الأمن، ولذلك الولايات المتحدة غير محكومة بشخص بقدر ما هي محكومة بمنظومة ترتبط عضويًا بمصالحها في المنطقة التي تمثلها إسرائيلquot;.

الحراك الميداني يغير المعادلة

في الموقف من الثورة السورية ومن خلال المناظرة التي حصلت بين المرشحين، يلحظ حمود الاتفاق على إسقاط نظام الأسد، والاختلاف بالآلية، وربما كان أوباما أكثر حذرًا من رومني خاصة في ما يتعلق ببدائل النظام في ظل تشتت رؤوس المعارضة السورية، وتعدد الإيديولوجيات فيها، وبالعموم، فإن هناك quot;قلقًا أمريكيًا لم يعد خافيًا من صعود بدائل غير صديقة للولايات المتحدة، وهو ما سيجعل من السياسة الأميركية في الملف السوري مصلحيًا أكثر منه مبدئيًا كالعادة في لعبة الولايات المتحدة في الأزمات الإقليمية، ويبدو أن الملف السوري سيمثل ورقة مهمة للولايات المتحدة في إستراتيجيتها القادمة للتعامل مع إيران، فمسألة ربط الملف السوري بالملف النووي الإيراني بات مسألة وقت إلى ما بعد ظهور الانتخابات بغض النظر عن الفائز، خصوصًا بعد إدراك الأمريكان ما تمثله سورية بالنسبة لإيران من نقطة ارتكاز إستراتيجية، ولهذا تسير السياسة الأميركية تجاه سورية في المرحلة المقبلة إلى شكل أكثر انتهازية، ولن يكون سقوط 100 او 200 قتيلًا سوريًا يوميًا ذات أهمية للسياسة الأميركية، إلا في حال فرض الحراك الميداني وتمدده على الأرض شيئًا مختلفًا من خلال وقائع على الأرض تفرض على الجميع التعامل معها، ولهذا فإن الموقف من الثورة السورية يبدو متقاربًا، ولن يؤثر عمليًا في سباق الانتخابات هذا من جهة، كما أن الملف السوري ليس ذات تأثير مباشر على الناخب الأميركي، المرتبط بمعادلات ولوبيات تتجاوز مسألة إقليمية طارئةquot;.

لتأخذ الثورة مداها

المطلوب من الرئيس الأميركي أن يترك الثورة تأخذ مداها في الشكل الذي يقرره الشارع السوري، بحسب حمود، وعدم استغلال عذابات السوريين لتحصيل امتيازات إقليمية، وإخراج سورية وما يجري فيها من دائرة الصراع الدولي، فيما يمكن للولايات المتحدة كقطب دولي فاعل التأثير في حراك المجتمع الدولي الإنساني تجاه المأساة السورية.

أما عضو المجلس الوطني السوري المقيم في كندا، بسام القوتلي، فيرى أن quot;المرشح الديمقراطي هو الأصلح لقيادة أميركا، ولكن موقفه المتردد في السياسة الدولية لن يخدم عملية إسقاط النظام في سوريا. إلى الآن هو يتراجع سياسيًا وعسكريًا في الشرق الأوسط لصالح إيران وروسيا ولا يبدو بمنظر الرجل القويquot;.

ولا يعتقد القوتلي أن يشكل الملف السوري عاملًا حاسمًا في الانتخابات الأميركية، quot;فالشعب الأميركي تعب من الحروب المتكررة وأعبائها الإقتصادية ولا توجد خلافات رئيسية بين المرشحين على الموضوع السوري. قد يكون هنالك تأثير أكبر لمواقفهم من قضية إمتلاك إيران للسلاح النوويquot;.

ويختم القوتلي بمطالبة أي رئيس أمريكي مقبل بتقديم quot;الدعم الفعلي للثورة على الأرض والإلتزام بالمساهمة في بناء سوريا مدنية ديمقراطية من دون الأسد ونظام الفساد المحيط بهquot;.

انقسام بين المقاتلين

آراء الثوار المقاتلين في العديد من ميادين القتال في كل من حلب وحمص ودمشق، انقسمت وتباينت إزاء الانتخابات الأميركية، وتحديد الأصلح، من وجهة نظرهم، والأنفع للشعب السوري وقضيته، فمعظم المقاتلين في جبهات التماس والقتال أبدوا لامبالاة واضحة إزاء العملية الانتخابية وما قد تسفر عنه من نتائج، مؤكدين أنهم لا يعولون على أي دعم خارجي أو أي إدارة مقبلة لحسم الأمور في سوريا، وأنهم يعتمدون على ذاتهم، بعد المولى عز وجل لتحقيق النصر الموعود.

(عزيز) مقاتل مع ثوار حلب قال: quot; سواء كان رومني او اوباما فكلاهما لن يقدما شيئاً أو يؤخرا بالنسبة للشعب السوري الذي يعاني منذ ما يقرب من عامين، السلاح هو ما يهمنا، وتأمين حظر جوي على طيران النظامquot;.

أما (عبد المعين)، من مقاتلي الجيش الحر في منطقة ريف حمص، فيرى أن أوباما سوف يتخلص بعد الانتخابات من ضغوط الحملات الانتخابية وسهام خصومه الجمهوريين، وسوف يتفرغ أكبر لمواجهة كل من روسيا وإيران في سوريا والمنطقة، وبالتالي فإنه مرشحه الأفضل في ظل ميل استطلاعات الرأي إلى ترجيح فوزهquot;.

بالمقابل، يرى (عبد الله)، المقاتل في صفوف كتائب الجيش الحر في ريف دمشق، أن quot;رومني رغم عدم خبرته الخارجية، الا انه وعد خلال الحملات الانتخابية والمنظارات بدعم الجيش السوري الحر والمعارضة، وهذا يعني إمكانية حسم المعارك في سوريا، ولو كان الامر لي لانتخبته، رغم انني اتوقع فوز أوباما بجميع الاحوالquot;.