ثمة تحديات تواجه الرئيس المنتخب ثانية باراك أوباما من قبل أن يدخل مكتبه البيضاوي ثانية. فالصين بالمرصاد، وسوريا والملف النووي أيضًا، كما الاقتصاد الأميركي المنهك. قرارات كثيرة مطلوبة من الرئيس الواقف أصلًا على حافة هاوية مالية يحذر الخبراء من وقوع أميركا فيها.


أشرف أبو جلالة من القاهرة: لن تتاح الفرصة أمام الرئيس باراك أوباما ليحتفل بفوزه في ولاية رئاسية ثانية، في ظل ما يواجهه من مشكلات عالمية، تنطوي على تحديات كبرى، بينها برنامج إيران النووي واتساع نطاق حالة عدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط، الذي يثير الصراع الطائفي والفوضى والاضطرابات، بدءًا من سوريا وانتهاءً بشمال أفريقيا.

إلى جانب تلك المشكلات، سيتعيّن على أوباما أن يعيد النظر في سياسات بلاده تجاه الصين، في ضوء قوتها الاقتصادية المتنامية وقوتها العسكرية المنتشرة في المحيط الهادئ.

قرارات سريعة
توقع مسؤولون في إدارة أوباما، متخصصون في شؤون السياسة الخارجية، أن يواجه الرئيس تحديًا متجددًا من بكين، بخصوص استمرار مبيعات الأسلحة الأميركية لتايوان، في الوقت الذي يخشى فيه كثير من المسؤولين الآسيويين أن يتسبب النزاع القائم بين اليابان والصين بشأن جزيرة مرجانية استوائية في بحر الصين الشرقي في تفاقم الأوضاع أكثر، وبالتالي إجبار واشنطن على لعب دور أكبر في هذه المنطقة.

كانت إدارة أوباما تسعى طوال العام الماضي إلى أن تُبعِد تركيز واشنطن الاستراتيجي عن الشرق الأوسط، وأن توجّهه صوب القارة الآسيوية بسبب نمو المنطقة الاقتصادي وتزايد قوة الصين، في الوقت الذي بنى فيه المرشح الجمهوري ميت رومني حملته الانتخابية على توسيع قدرات البحرية الأميركية لاحتواء الصين.

مع هذا، أشار عدد قليل من المحللين الإقليميين إلى أن أوباما سيتمكن من تحويل التركيز الأميركي بشكل كبير بعيدًا عن منطقة الشرق الأوسط على مدار السنوات الأربع المقبلة. سيتعين عليه خلال الأسابيع المقبلة أن يتخذ قرارًا حازمًا بشأن مشاركة الولايات المتحدة في جولة مفاوضات رابعة مع إيران بخصوص برنامجها النووي، فيما يلوّح مسؤولون إسرائيليون بالحاجة إلى التدخل العسكري بحلول الصيف المقبل لمنع إيران من الوصول إلى مستوى القدرات التي تتيح لها تصنيع الأسلحة الذرية.

السبيل لإرضاء إسرائيل
لطالما عوّل أوباما على العقوبات الغربية على إيران لتليين موقفها. وقد تزايدت التأثيرات الخاصة بهذه العقوبات أخيرًا، ما تسبب بانخفاض قيمة العملة الريال الإيراني بنسبة وصلت إلى 40 بالمئة، وهي الضغوطات التي قادت إلى ظهور توقعات باحتمالية أن توافق طهران على التوصل إلى تسوية.

في هذا الصدد، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن روب مالي، الذي يشرف على قضايا الشرق الأوسط لدى مجموعة الأزمات الدولية، قوله: quot;بخصوص إيران، ثمة ميل نحو المضي في اتجاه جديدquot;. لكن على البيت الأبيض أن يقرر ما إن كانت التنازلات الإيرانية كافية لإرضاء إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة العرب والنواب الداعمين لإسرائيل.

تحديات خارجية وداخلية
في غضون ذلك، تتزايد الضغوط على الولايات المتحدة لدعم تدخل عسكري في كل من سوريا ومالي، والبحث عن حلول لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بعد جمود دام قرابة العامين. كما سيواجه أوباما ضغوطًا من أجل تعزيز التواصل مع أميركا اللاتينية، بينما بدأت تبرز المكسيك والبرازيل، باعتبارهما شريكين تجاريين كبيرين لأميركا، من دون نسيان خطر عصابات الاتجار بالمخدرات على الحدود مع المكسيك.

إلى ذلك، أشارت الصحيفة في سياق تقرير آخر إلى الوضعية الاقتصادية الصعبة التي يواجهها أوباما، خلال فترة ولايته الثانية، في ظل حالة عدم اليقين على الصعيدين التنظيمي والمالي، على الرغم من علامات التحسن التي أظهرها الاقتصاد الأميركي على مدار الأشهر القليلة الماضية.

فقد بدأت نسبة البطالة تنخفض دون الـ 8 بالمئة، وعادت أسعار الأسهم إلى الارتفاع، وشهد قطاع الإسكان حالة من الانتعاش، ورجع المستهلكون إلى سابق إنفاقهم على السيارات والكماليات الأخرى، بعد أربعة أعوام من سداد الديون.

تراجع الزخم الصيني
حرصت وول ستريت جورنال على تسليط الضوء على حقيقة ضعف النمو الاقتصادي عمومًا، في الوقت الذي يواجه فيه الكثير من الاقتصاديات الأوروبية حالة من الركود واضطرابات مالية.

ودللت الصحيفة على ذلك بقولها إن الصين، صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بدأت تفقد الزخم الاقتصادي الذي اكتسبته في الأعوام القليلة الماضية، إذ بلغ معدل النمو هناك 7.4 بالمئة خلال الربع الثالث من العام الجاري، مقارنةً بنحو 9.2 بالمئة في العام الماضي.

وبدأت العقود الأميركية الآجلة تتراجع مع انخفاض قيمة الدولار، مترافقة مع الإعلان عن فوز أوباما. كما مددت الأسواق الآسيوية خسائرها في التداول الصباحي بعد تأكيد فوز أوباما.

الركود وراء الباب
بحسب وول ستريت جورنال، جذب السباق الانتخابي اهتمامًا متزايدًا من جانب المستثمرين، لأسباب عدة، من بينها تداعياتها المتعلقة بالإنفاق والضرائب وسياسة الرعاية الصحية.

وقال مدراء ماليون إن من بين أبرز اهتماماتهم قدرة الحكومة الجديدة على تجنب الهاوية المالية، إذ من المقرر تفعيل أكثر من 600 مليار دولار، خاصة بسياسات الزيادات الضريبية وخفض الإنفاق، خلال العام المقبل.

وأضافت الصحيفة أن أوباما، الذي تدهورت علاقاته بقطاع الأعمال خلال فترة ولايته الأولى، على موعد مع قرارات اقتصادية شاقة في غضون الأيام المقبلة. وقال ألين سيناي، كبير الخبراء الاقتصاديين لدى مؤسسة ديسيشن ايكونوميكس، إن الاقتصاد الأميركي سيمضي نحو حالة من الركود في العام 2013، إذا لم تتمكن واشنطن من تفادي السقوط في الهاوية المالية.