لطالما التصق اسم إريك برنس باسم شركة بلاك ووتر الأمنية الأسود، بعد مجزرة ساحة النسور في بغداد في العام 2007. فقد كلفه ذلك غاليًا إذ فقد عقوده الحكومية الأميركية، فغير مهنته إلى مكافح للقراصنة، ثم إلى باحث عن استثمارات مجدية في أفريقيا.


صنع الأميركي اريك برنس ثروته في العراق بفضل علاقاته السياسية وشركته الأمنية الخاصة quot;بلاك ووترquot;، التي ذاع صيتها السيئ بين العراقيين. ويقود برنس اليوم مجموعة من المستثمرين الصينيين، للبحث عن موارد طبيعية وفرص استثمارية في القارة الأفريقية.

قالت صحيفة ساوث تشاينا بوست، التي أجرت مقابلة خاصة مع برنس، إن بين المستثمرين الصينيين الذين يتعامل معهم في المشروع الجديد شركات صينية ترتبط بالحكومة، من دون أن تذكر أسماءها، مكتفية بالقول إن الهدف هو الاستثمار في الصناعة الاستخراجية والبنى التحتية في أفريقيا، تحديدًا جنوب الصحراء الكبرى.

نحو أفريقيا

واضافت ساوث تشاينا بوست أن برنس أنشأ لهذا الغرض شركة استثمارية تُدعى فرونتير ريسورس غروب، بمشاركة مؤسسات صينية كبيرة، بينها شركة حكومية عملاقة واحدة على الأقل، تعمل في القطاع الاستخراجي، وهي مستعدة لتوظيف مبالغ كبيرة في مشاريع في القارة الأفريقية الغنية بالثروات الطبيعية.

كان برنس جمع ثروة طائلة خلال السنوات الأولى من الحرب على الإرهاب، التي شكلت سنوات ذهبية دسمة الأرباح للمتعهدين الأمنيين، بفضل علاقاته السياسية وروحه المغامرة. وفازت شركته بلاك ووتر بعقود حكومية أميركية في العراق، قيمتها نحو ملياري دولار. لكن سمعة بلاك ووتر مُرغت في الوحل، بفعل اتهامات بالفساد والقتل وجهت إلى أفرادها. وكان مقتل عدد من منتسبي بلاك ووتر في كمين في الفلوجة في العام 2004 الشرارة التي أدت إلى هجوم القوات الأميركية على المدينة، وتنامي المقاومة العراقية ضد القوات الأميركية.

ذعر أخرج الأميركيين

في العام 2007، قُتل سبعة مدنيين عراقيين برصاص حراس من شركة بلاك ووتر، حين انتابتهم نوبة ذعر في ساحة النسور وسط بغداد. ألهبت هذه المجزرة غضب العراقيين على الشركات الأمنية الأجنبية الخاصة، حتى أن حكومة نوري المالكي رفضت في نهاية المطاف بقاء قوات أميركية في العراق يتمتع أفرادها بحصانة ضد الملاحقات القانونية.

إزاء هذا الرفض، لم تجد الولايات المتحدة من خيار سوى الرحيل في نهاية العام 2011. وعندما غسل برنس يده من شركة بلاك ووتر، التي غير اسمها إلى أكس إي في محاولة للتستر على صيتها السيئ، بدأ ينبوع العقود الحكومية المربحة يجف. وفي نيسان (ابريل) 2010، صدرت قرارات اتهام بحق خمسة من مسؤولي بلاك ووتر، لم يكن برنس واحدا منهم، لارتكابهم مخالفات تتعلق بقوانين السلاح وتقديم شهادات كاذبة أمام القضاء.

وعندما باع برنس بلاك ووتر في كانون الأول (ديسمبر) 2010، قالت صحيفة نيويورك تايمز إن السبب هو تهديد وزارة الخارجية الأميركية بوقف التعامل مع الشركة ما دام موجودًا فيها.

يكافح القراصنة

عثر برنس في هذه الأثناء على حكومات أخرى ليتعامل معها. فانتقل إلى الامارات حيث قالت صحيفة كريستيان ساينس مونيتر إنه أسس الشرطة البحرية في بونتلاند، وهي ميليشيا خاصة لمكافحة أعمال القرصنة في الصومال. إلا أنّ مجلس الأمن الدولي أعلن في تموز (يوليو) الماضي قوات الشرطة البحرية في بونتلاند quot;أوقح انتهاك ترتكبه شركة أمنية خاصة بسبب توريدها السلاح إلى الصومالquot;.

وأكدت مصادر الأمم المتحدة أن هذه الميليشيا جندت أكثر من ألف عنصر مسلح، مشيرة إلى أن هذا الجيش الخاص، الذي ينتحل اسم قوة مكافحة القرصنة، كان يموَّلُ من تبرعات الزكاة. إلا أنّ الحكومة الاماراتية نفت رسميًا هذه المزاعم وأكدت أن لا علاقة لها بالمشروع.

في نهاية المطاف، تخلى الممّولون عن ميليشيا مكافحة القرصنة، تاركين جماعة جديدة حسنة التسليح وشبه منظمة في حلبة تعج بالميليشيات المتنافسة في القرن الأفريقي.

رادار رصد

ما زال برنس يعتقد أن مستقبله زاهرٌ في القارة الأفريقية. وما زال مقر شركة فرونتير ريسورس غروب في ابو ظبي، لكنه قال لصحيفة ساوث تشاينا مورننغ بوست quot;إن افريقيا هي الجزء الأقل استكشافًا من العالم حتى الآن، وأعتقد أن الصين استشعرت بما تعد به أفريقيا quot;.

واضاف برنس أن مشروعه الأفريقي جمع مساهمات خاصة قدرها 100 مليون دولار حتى الآن، داعيا المستثمرين إلى الرهان على مغامرته التجارية. قال: quot;نحن رادار رصد في خدمة المستثمرين الآسيويين في أفريقيا، فنحن نتمتع بالخبرة، ونعرف كيف نحسب المخاطر ونسيطر عليهاquot;.

مثيرٌ فعلًا أن تُرصد الفصول التالية من حياة برنس في عالم المال والأعمال، التي تبدو كأنها فصول مستقاة من إحدى روايات جون لوكاريه، على حد تعبير كريستيان ساينس مونتر.