لم تنهر الهدنة بين حماس وإسرائيل بعدُ، إلا أن عدة أحداث أظهرت بالفعل حالة الارتباك التي لا تزال قائمة بخصوص اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه في القاهرة يوم الأربعاء الماضي.


القاهرة: جاء اتفاق التهدئة الذي تم الإعلان عنه مؤخراً بين حركة المقاومة الإسلامية حماس وإسرائيل ليكشف عن بادرة أمل جديدة لطبيعة الأوضاع بين الطرفين، وهو ما تجلى بوضوح في تلك الرواية التي سردها شخص فلسطيني يدعى إياد قديح، حيث تمكن للمرة الأولى منذ اثني عشر عاماً من اصطحاب بناته الأربع والمضي بهن مسافة قدرها 300 ياردة شرق منزله المتاخم لحدود غزة الشرقية، حيث رقعة الأرض الصغيرة التي لطالما حلم بأن يزرع فيها القمح مثلما كان يفعل والده من قبل، علماً بأن إسرائيل كانت تحظر عليه الاقتراب من هناك لأن تلك المنطقة خارج الحدود.

وبعد تشجعه بوقف إطلاق النار وذهابه إلى هناك صبح يوم أمس، قال قديح :quot;الأمر يشبه كما لو كان هناك شخص جائع ووجد أمامه وليمة كبرى، عبارة عن خروف مشوي مع مكسراتquot;.

لكن في تمام الساعة الـ11، سُمِع صوت إطلاق نار، وصرح في تلك الأثناء متحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأن الجنود أطلقوا طلقات تحذيرية ثم قاموا بإطلاق طلقات صوب أقدام بعض الفلسطينيين الذين حاولوا عبور السياج المؤدي للأراضي الفلسطينية.

فيما أعلن مسؤولون في وزارة الصحة في غزة عن أن ابن عم قديح، وهو شاب يبلغ من العمر 20 عاماً يدعى أنور قديح، قد قُتِل، فيما أصيب تسعة آخرون بجراح مختلفة.

ورغم أن تلك الواقعة لم تتسبب في انهيار الهدنة، إلا أنها أظهرت بالفعل حالة الارتباك التي لا تزال قائمة بخصوص اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه في القاهرة يوم الأربعاء الماضي.

فبينما يتفاخر مسؤولو حماس بشأن التنازلات التي قالوا إنهم انتزعوها من إسرائيل، قال مسؤولون إسرائيليون إنهم لم يتم الاتفاق على ثمة شيء بخلاف الوقف الفوري للأعمال العدائية.

وقال أول أمس ايهود باراك، وزير الدفاع الإسرائيلي، إن انجاز حماس الرئيسي حتى الآن هو الحصول على وثيقة مكتوبة آلياً وليس بخط اليد.
ومن حيث المضمون، أشارت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إلى أن الاسرائيليين قالوا إنهم وافقوا على مناقشة الحدود وغيرها من الأمور، لكن تلك المحادثات لم تبدأ بعد، حيث لم تظهر آلية لبدئها.

لكن هذا لم يكن فهم الآلاف من الغزيين الذين ظنوا أنهم سيتمكنون من الوصول إلى تلك المنطقة التي تعرف بالمنطقة العازلة، وهي منطقة عرضها 1000 قدم بطول الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، مغلقة تماماً منذ سنوات، وبعيدة عن المتناول.

وأشار مسؤولو حركة حماس إلى أن تلك ليست إلا واحدة من التحسينات التي فازوا بها. وأخبروا أيضاً شعبهم بأن إسرائيل سوف تخفف من حد الثلاثة أميال المفروضة على الطريقة التي يمكن أن يتحرك من خلالها الصيادون من الساحل وكذلك مسار الأشخاص والبضائع عبر المعابر الحدودية.

لكنّ مسؤولاً من الحكومة الإسرائيلية أوضح يوم أمس أنه وبينما لم تُجرَ محادثات إضافية، فإن سياساتهم لم تتغيّر.

وقد وصف رياض المالكي، وزير الخارجية الفلسطيني، واقعة إطلاق النار التي جرت يوم أمس الجمعة بأنها خرق واضح للاتفاق الذي تم التوقيع عليه، وأضاف متحدثاً للصحافيين خلال تواجده في روما :quot; أتمنى أن يكون ذلك استثناءً وليس قاعدةquot;.

ونوهت الصحيفة إلى أن واقعة الأمس لن تدفع بحماس إلى التطلع لإيجاد أسباب يمكنها الارتكاز عليها بغية العودة إلى العراك من جديد. لكن أحمد يوسف، وهو مستشار سابق لدى رئيس وزراء حركة حماس، أكد في هذا الصدد أن الصبر سيكون محدوداً.

وتابع يوسف حديثه بالقول:quot; لابد من اتخاذ خطوات تدريجية لمنح انطباع للناس بأننا لم نعد تحت الحصار. وربما يتطلب ذلك بعض الوقت، لكن هذا ما سنحققه على المدى البعيد. وطالما يتم إحراز تقدم، فأنا أعتقد أن الأشخاص سوف يستمرون في وقف إطلاق النار. وإن لم يتم إحراز تقدم على هذا الصعيد، فإن هذا سيبدأ من جديدquot;.