يتواصل الغضب المصري إزاء قرارات الرئيس محمد مرسي وإعلانه الدستوري، ودخلت المحاكم المصرية على خط الاحتجاجات، وقررت محكمة النقض تعليق عملها، في حين اتهمت المحكمة الدستورية العليا مرسي بالهجوم عليها.

القاهرة: صعّد القضاء المصري بكل هيئاته ضغوطه الاربعاء على الرئيس المصري محمد مرسي من اجل quot;اسقاطquot; الاعلان الدستوري الذي حصّن بموجبه قراراته من اي رقابة قضائية غداة تظاهرات حاشدة غير مسبوقة ضده في ميدان التحرير والعديد من المحافظات، فيما تواصلت الاشتباكات في القاهرة بين المتظاهرين والشرطة.
واعلنت محكمة النقض وهي المحكمة العليا في القضاءين الجنائي والمدني المصري quot;تعليق أعمالها الى حين اسقاط الاعلان الدستوريquot; الذي أصدره مرسي الخميس الماضي وحصّن بموجبه كذلك الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ومجلس الشورى (يهيمن عليهما الاسلاميون) ضد اي قرار محتمل بحلهما من المحكمة الدستورية العليا التي تنظر في الثاني من كانون الاول/ديسمبر المقبل دعاوى بهذا الشأن.
وكان نادي قضاة مصر (بمثابة النقابة العامة للقضاة العاملين في المحاكم المدنية والجنائية) اوصى الجمعة الماضي بوقف العمل في جميع المحاكم والنيابات المصرية الى حين إلغاء الاعلان الدستوري وطلب من الجمعيات العمومية للمحاكم المختلفة إقرار هذه التوصية.
وعلقت معظم محاكم الدرجة الاولى ومحاكم الاستئناف والعديد من النيابات اعمالها في مختلف محافظات مصر.
وكان المجلس الاعلى للقضاء وهو اعلى سلطة في القضاء المدني والجنائي في مصر، وصف الاعلان الدستوري بأنه quot;اعتداء غير مسبوقquot; على السلطة القضائية.
وأصدرت المحكمة الدستورية العليا الاربعاء بيانا اتسمت لهجته بالتحدي واتهمت فيه ضمنا الرئيس المصري بالهجوم عليها من دون دليل كما اكدت انه quot;لن يرهبها تهديد او وعيد او ابتزاز ولن تخضع لاي ضغوطquot;.
وقال رئيس المحكمة ماهر البحيري في بيان تلاه امام الصحافيين ان تيارا بعينه، في اشارة الى الاسلاميين، شنّ حملة هجوم على المحكمة وروج معلومات quot;كاذبةquot; عنها quot;بقصد ايقاع الاغتيال المادي والمعنويquot; للمحكمة quot;متوسلين في ذلك تلويث صورتها (..) وتلويث سمعة وشرف قضاتهاquot;.
واضاف quot;لم يكن صحيحا ولا صدقا، بل محض افتراء وكذبquot; اتهام هذا التيار للمحكمة الدستورية بان حكمها بحل مجلس الشعب quot;جاء بالاتفاق مع اخرين من اجل اسقاط مؤسسات الدولةquot;، متابعا quot;لم يكن صحيحا ولا صادقا القول بان المحكمة تنتهك الدستور والقانون وتفصل في الدعاوى على هواها السياسي ولم يكن صحيحا ولا صادقا الادعاء بأن قضاة المحكمة الدستورية يتم اختيارهم من بين الموالين للنظام السابقquot;.
وقال إن quot;الحزن الحقيقي الذي ألمّ بقضاة هذه المحكمة حين انضم السيد رئيس الجمهورية في مباغتة قاسية ومؤلمة الى حملة الهجوم المتواصلة على المحكمة الدستورية وهو من اكتسب شرعية ولايته رئيسا عندما قام باداء اليمين الدستورية امامهاquot;.
واكد ان الرئيس المصري اتهم المحكمة الدستورية ب quot;تسريب احكامها قبل ان تصدرquot; في الخطاب الذي القاه الجمعة الماضي غداة إصداره الاعلان الدستوري الذي فجر اعنف ازمة سياسية في البلاد منذ تولي مرسي السلطة قبل خمسة اشهر.
وتابع رئيس المحكمة الدستورية العليا quot;سبق للمحكمة مناشدة رئيس الجمهورية ان يوافيها عما نما الى عمله عن تفاصيل هذا الاتهام وما توافر من ادلة عن هذه الجريمة وهو اتهام جد خطير الا ان هذا الطلب لم يكن محل استجابة من احد ولم تتلق المحكمة ردا في هذا الشأن حتى الانquot;.
واضاف quot;تؤكد المحكمة انه لن يرهبها تهديد او وعيد او ابتزاز ولن تخضع لاي ضغوط تمارس عليها في اي اتجاهquot;.
وكان نادي قضاة مجلس الدولة (القضاء الاداري) أصدر بيانا شديد اللهجة مساء الثلاثاء وصف فيه الاعلان الدستوري ب quot;العدمquot;.
وقال مجلس ادارة نادي قضاة مجلس الدولة quot;ان ما سمي بالإعلان الدستوري هو عدم لا قيمة له تأكيدا للقواعد الفقهية المقررةquot; وشدد على انه quot;صدر من غير مختصquot; اي ممن لا يملك الاختصاص لإصداره.
وعلى الارض، اندلعت مواجهات جديدة الاربعاء في القاهرة بين متظاهرين وقوات مكافحة الشغب بالقرب من ميدان التحرير.
واطلقت قوات الامن قنابل غاز مسيلة للدموع على المتظاهرين الذين اضطروا الى الفرار وعلى الخيام التي أقاموها منذ الجمعة وفق مصور من فرانس برس.
وتظاهر بضع مئات الالاف من المصريين الثلاثاء في ميدان التحرير في القاهرة وفي العديد من المحافظات ضد الرئيس المصري.
وتوفي ثلاثة اشخاص على الاقل خلال اسبوع من المواجهات بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب، بحسب مصادر طبية. كما جرح العشرات بينهم مئة الثلاثاء وفق وزارة الصحة.
ويتهم المعارضون مرسي بانه تحول الى quot;فرعون جديدquot; وبانه ينوي quot;سرقة الثورةquot;.
وبالنسبة لأنصاره، فان تحصين قرارات مرسي من الرقابة القضائية ستسمح له بانهاء الفترة الانتقالية سريعا وسيزول مع إقرار دستور جديد للبلاد وانتخاب مجلس شعب جديد خلال بضعة أشهر.
ولكن الدستور الجديد يعد أبرز أسباب الازمة السياسية اذ انسحبت من الجمعية التأسيسية لوضعه كل الاحزاب والشخصيات غير الاسلامية احتجاجا على رغبة الاسلاميين في فرض رؤاهم وعدم اشتمال مشروع الدستور على ضمانات كافية للحريات العامة وحريات الرأي والتعبير والصحافة.
واعرب رئيس المحكمة الدستورية العليا في بيانه الاربعاء عن اسفه لتراجع الجمعية التأسيسية quot;امس الاول (الاثنين)quot; عما سبق ان وافقت على إدراجه في مشروع الدستور بشأن اختصاصات المحكمة الدستورية واسلوب عملها.
وفي وقت تحتاج مصر الى مساعدة لإعطاء دفعة جديدة لاقتصادها، حذر صندوق النقد الدولي مساء الثلاثاء من ان حدوث quot;تغيير كبيرquot; في سياسة مصر الاقتصادية والسياسية يمكن ان يؤدي الى اعادة النظر في الاتفاق التمهيدي على خطة مساعدة هذا البلد التي تنص على منحها قرضا بقيمة 4,8 مليارات دولار.
اما الولايات المتحدة فقالت ان الوضع في مصر quot;غير واضحquot;.
وكررت الخارجية الاميركية الدعوة الى إنهاء quot;المأزق الدستوريquot; لكنها قللت من احتمال تحول مرسي الى دكتاتور، مضيفة quot;لا نزال نجهل ماذا سينتج من هذه (اللقاءات). لكننا بعيدون من (حاكم) دكتاتوري يقول ببساطة +هذا او لا شيء+quot;.