بعدما بلغ الفخار الوطني في كوريا الشمالية حد نسب المعجزات لرئيسها الراحل كيم جونغ - إيل، نقله علماء البلاد إلى مستوى جديد بقولهم إن مؤسس المملكة الكورية القديمة كان يملك حيوانًا لم يسمع الناس بوجوده الا في كتب الأساطير والخرافات.

على غرار الغول والعنقاء عند العرب، تحفل الأساطير والأحاجي الشعبية الغربية بأشياء وشخصيات خرافية غرضها شحذ خيال الطفل والصعود به الى سماوات بعيدة. وكل ذلك بالطبع لغرس الخصال الحميدة في نفسه مثل النبل وحب الخير والشجاعة والإقدام.
ومن هذه الحصان أحادي القرن (unicorn بالانكليزية و licorneبالفرنسية) الذي ابتدعته المخيلة الإغريقية القديمة وأسبغت عليه قدرات سحرية منها مداوة المرض المستعصي وإحالة الماء المسموم صالحًا للشرب. وأضافوا عليه مسحة رومانسية عميقة قالوا إنه بالغ الوحشية ويستحيل ترويضه... إلا بيد عذراء.
ولهذا أثار العلماء في كوريا الشمالية صيحات دهشة عالية عندما أعلنوا على العالم اكتشافهم عرينًا أثريًا لهذا الحيوان الخرافي نفسه وليس آخر يشبهه مثلا. ثم قالوا إن هذا المخلوق كان يعود بلحمه ودمه الى الملك تونغ ميونغ مؤسس مملكة كوغوريو (أو laquo;مملكة كوريوraquo;) الكورية القديمة.
ووفقًا للصحف الغربية التي نقلت النبأ فقد جاء في تقرير أصدره علماء شعبة التاريخ بأكاديمية العلوم الاجتماعية في بيونغ يانغ أنهم اكتشفوا الدليل ممثلاً في laquo;جلمود صخري مستطيل، على مبعدة 220 ياردة من معبد على تلة تسمى laquo;مورانraquo; قرب بيونغ يانغraquo;. وقالوا إن الكلمات laquo;عرين الحصان أحادي القرنraquo; نحتت واضحة على هذا الجلمود الصخري. وأضافوا: laquo;نعتقد أن التاريخ الذي نحتت فيه يعود الى عصر مملكة كوريو (913- 1392)raquo;.
ويمضي هذا التقرير قائلاً: laquo;كان هذا المعبد قصراً - استراحة للملك تونغ ميونغ ويضم عرين حصانه أحادي القرنraquo;. ثم يمضي ليسجل نقطة سياسية معاصرة مهمة من وجهة النظر الكورية الشمالية فيقول: laquo;اكتشاف عرين الحصان أحادي القرن والرابط بينه وبين الملك تونغ ميونغ يثبت أن بيونغ يانغ كانت عاصمة ممالك كوريا القديمة بما فيها مملكة كوغوريوraquo;.
وإزاء هذا كله والحيرة التي سادت أوساط المراقبين الغربيين في معنى هذا الشطح الكوري الشمالي، قال البعض إنه ربما كان ردًا انتقاميًا على سخرية موقع The Onion laquo;ذي أونيونraquo; الأميركي الذي خرج الأسبوع الماضي بتقرير خلص فيه الى أن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ - اون هو laquo;الرجل الأكثر جاذبية جنسية في العالم ومعبود جميلات العالمraquo;.
وكما أوردت laquo;إيلافraquo; وقتها فقد اتخذ الأمر منعطفًا محرجًا للسلطات الصينية لأن صحيفتها الرئيسية laquo;الشعبraquo; صدقت المزحة الأميركية وخرجت على مئات الملايين من قرائها بالنبأ احتفالاً بالزعيم الصديق في بيونغ يانغ. فخرجت بعنوان رئيسي يقول laquo;الأميركيون ينتخبون كيم جونغ - اون رجل 2012 الأكثر جاذبية جنسية في العالمraquo;!
وقالت الصحيفة الصينية وهي تنقل كلمات laquo;ذي اونيون: laquo;بوجهه المستدير ذي الوسامة القاتلة، وحسن طلعته الصبيانية، وقوام جسده القوي الصلد، فإن كيم جونغ - اون، رجل بيونغ يانغ القوي، هو الحلم الذي يراود جميلات العالم بأسرهraquo;. وبالطبع فقد أضافت بكين بذلك أطنانًا أخرى من الحرج الذي ساد بيونغ يانغ نفسها إزاء السخرية الأميركية.
ومع ذلك فإن مراقبين آخرين يستبعدون فرضية الرد على laquo;ذي اونيونraquo; ويقولون إن علماء كوريا الشمالية laquo;جادون في ما يقولون وإن كان الحديث عن حيوان خرافيكتبت عنه الأساطير الإغريقية القديمةraquo;. ويشير اولئك المراقبون الى أن الشطح المنطلق من الفخار الوطني صار سمة للدولة الشيوعية خاصة مع laquo;عبادة الفردraquo; التي بدأت في عهد كيم إيل - سونغ وبلغت أوجها في عهد ابنه وخليفته كيم جونغ - إيل.
وعلى سبيل المثال وليس الحصر فقد أشاع كتاب عن سيرة حياة كيم جونغ - ايل إن يوم مولده شهد laquo;ظاهرتين طبيعيتين غير طبيعتين!!!raquo;. وأولى هاتين ظهور قوسي قزح متقابلين، وثانيتهما مولد نجم في السماء لم يره أحد في الكون قبل ذلك اليوم.
وأشاع هذا الكتاب ايضا أن بوسع كيم جونغ - ايل السيطرة على الطقس وتكييفه على النحو الذي يتخيل فقط بقوة إرادته. وعلى مستوى أصغر قليلا من رحاب الكون نفسه، قال الكتاب إن كيم ألّف ما لا يقل عن 1500 كتاب إضافة الى ستة أعمال أوبرالية كاملة، وكل هذا في غضون ثلاث سنوات أيام دراسته الجامعية.