تستمر المعارك ضارية في ريف دمشق، خصوصًا في محيط المطار، فيما تراوح العملية السلمية مكانها في انتظار تشكيل حكومة سورية موقتة، قد تسمح بنشر قوات دولية في سوريا فور سقوط الأسد، يبدو رياض حجاب الأوفر حظًا لرئاستها.


عادت حركة الملاحة طبيعية إلى مطار دمشق الدولي، بعد إقرار المعارضة السورية المسلحة بنجاح الجيش النظامي في إبعاد هذا المطار موقتًا عن مرمى نيرانها.

وأفاد مصدر رسمي سوري لوكالة رويترز أنّ بعض الطائرات التي كانت قادمة من موسكو والجزائر هبطت في المطار، كما أقلعت بعض طائرات الشركات العربية، مثل الشركات المصرية والعراقية والجزائرية، بالإضافة إلى شركة الطيران الإيرانية.

إلى ذلك، عادت القوات الحكومية إلى حقل العمر النفطي في محافظة دير الزور بعدما كانت قد انسحبت منه مساء الخميس الماضي، معزّزة حضورها بالدبابات وبنحو 150 عنصرًا، بعدما عزف المقاتلون المعارضون عن احتلاله خشية أن يكون ملغّمًا. كما أفادت الأنباء الواردة من سوريا أن الجيش النظامي ما زال مسيطرًا على حقول نفط التيم والمزرعة والخراطة والمهاش والبشري في ريف دير الزور.

أما المعارك، فتستمرّ ضارية في ريف دمشق، خصوصًا في داريا التي تتعرض لقصف يومي بالأسلحة الثقيلة، إلى جانب حرستا والمعضمية والسيدة زينب. كما يشهد حيا التضامن والقدم معارك ضارية، إذ تسعى المعارضة لتعزيز حضورها في أحياء متفرقة من دمشق لتطبق على المدينة مع بداية معركة الحسم، التي يبشر الجيش السوري الحر باقتراب موعدها.

شظايا في تركيا

من جانب آخر، سقطت بعض القذائف السورية في بلدة ريحانلي الحدودية التركية من دون أن تسبّب سقوط ضحايا، بحسب ما أفادت وكالة أنباء الأناضول الرسمية التركية، تزامنًا مع اشتباكات بين القوات النظامية السورية والمقاتلين المعارضين قرب معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.

ونقلت وكالات الأنباء عن مصادر أمنية في تركيا قولها إنّها حركت اليوم الاثنين طائرات مقاتلة على حدودها مع سوريا، بعدما قصفت طائرات تابعة للنظام السوري مواقع تابعة للمعارضة المسلحة في مدينة راس العين الحدودية، فتناثرت الشظايا في بلدة سيلنبينار التركية المحاذية لمدينة رأس العين، ما أثار الرعب في صفوف السكان الأتراك.

وقد مثل سقوط هذه الشظايا في الأراضي التركية اختبارًا لتركيا ولقدرتها على الدفاع عن نفسها، فانطلقت الطائرات العسكرية التركية من قاعدتها في جنوب شرقي مدينة ديار بكر لتكون مستعدة للدفاع عن الأراضي التركية. إلا أن أحدًا في تركيا أو في سوريا لم يوضح ما إذا كانت شظايا القصف جاءت من القوات النظامية أو المعارضة المسلحة.

لا حظر جوي

إزاء هذا التضرر التركي من القذائف المتبادلة في سوريا، وبعد اقتراب موعد نشر منظومة صواريخ باتريوت الدفاعية على طول الحدود التركية - السورية، أكد مسؤول أميركي رفيع المستوى لشبكة سي. أن.أن. الاخبارية أن الطلب التركي لحلف شمال الأطلسي لنشر هذه الصواريخ quot;لم يأتِ إطلاقًا ضمن خطة تهدف إلى فرض منطقة حظر جوي في سوريا، وهو ما أكدته نفسه أنقرة، في وقت سابق من الشهر الماضي، لأن مسألة فرض منطقة حظر جوي على سوريا ليست مطروحة على جدول اجتماعات حلف الناتوquot;.

وشدد هذا المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، على أن مهمة صواريخ باتريوت، في حال نشرها، حماية الأجواء التركية فقط، لأن تركيا عضو في حلف الناتو، وإذا ما أقدمت طائرة أو صاروخ ما على انتهاك الأجواء التركية، فإن هذه التجهيزات ستكون هناك لحماية أرضها وأجوائهاquot;.

واستطرد المسؤول الأميركي في حديثه لسي.أن.أن. قائلًا: quot;إننا مستعدون للنظر في وسائل من شأنها مساعدة الشعب السوري، لكن حلف الناتو لم يتخذ بعد قرارًا بشأن فرض منطقة حظر جوي، وهذا موضوع يتطلب مناقشات مختلفة تمامًاquot;.

ويجتمع وزراء خارجية دول حلف الناتو الثلاثاء والأربعاء في بروكسل، للموافقة على نشر صواريخ باتريوت على الحدود التركية، استجابة لطلب تقدمت به أنقرة في 21 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وأعلنت الناطقة باسم الحلف، يوانا لونغسكو، أنّ الردّ قد يأتي الثلاثاء، في أوّل أيام الاجتماع.

دولة الرئيس حجاب

سياسيًا، يبدو أن الائتلاف السوري المعارض يتّجه فعليًا نحو تكليف رياض حجاب برئاسة حكومة انتقالية، وذلك بعد محادثات استمرت ثلاثة أيام في القاهرة. وتوقع المراقبون، وبعض العارفين بخفايا صنع القرار في الائتلاف، اختيار حجاب، الذي يلقى تأييدًا من الأردن ودول الخليج العربي، قبل أو أثناء مؤتمر quot;أصدقاء سورياquot;، المقرر انعقاده في المغرب في منتصف الشهر الحالي.

وفي حديث صحافي، وصف لؤي صافي، عضو الائتلاف السوري المعارض، رئيس الوزراء الذي سيجري تكليفه quot;بموجّه الائتلاف مع المجتمع الدولي، يعمل كرئيس لمجلس وزراء بديل، جاهز لشغل الفراغ السياسي والأمني حال سقوط النظام الحاليquot;.
إلى ذلك، أكد وليد البني، المتحدث باسم الائتلاف المعارض، استعداد المعارضة السورية للسماح بنشر قوة دولية لحفظ السلام في سوريا، عند تخلي الرئيس بشار الأسد وحلفائه عن السلطة، بمن فيهم كبار الضباط في الجيش وأجهزة الأمن.

إيران تسلح سوريا

أما إيران، فما زالت على موقفها المناصر للأسد، إذ أعلن علي أكبر ولايتي، الأمين العام للمجمع العالمي للصحوة الإسلامية، في حديث صحافي أنّ إحدى المؤامرات الغربية والصهيونية والرجعية في المنطقة quot;تمثّلت في ايجاد الخلافات والاضطرابات في سوريا، بهدف إضعاف المقاومة، وهذا ليس بخافٍ على أحدquot;.

وإذ نفى ولايتي علمه بحجم المساعدات التي تقدمها إيران إلى سوريا، إلّا أنّه أكّد أنّ الجمهورية الاسلامية تدافع بكل إمكانياتها عن الحكومة والشعب في سوريا. قال: quot;على كل انسان أن يدافع عن الشعب السوري، والجمهورية الاسلامية الإيرانية لا تمتنع عن بذل أيّ جهد في الدفاع عن الشعب السوري، وهي مع الاصلاحات في سورياquot;.

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن جسرًا جويًا أقيم فوق الأراضي العراقية يتيح للإيرانيين تزويد النظام في سوريا بالسلاح. ونقلت الصحيفة عن مصادر أميركية تأكيدها أن الإدارة الأميركية أصيبت بخيبة أمل، بعدما عجزت عن إقناع العراقيين بتفتيش الطائرات الإيرانية التي تعبر أجواءهم، مؤكدة أن السلاح الذي يتسلمه النظام السوري من إيران يشمل قذائف وصواريخ مضادة للدبابات وقذائف هاون وقنابل يدوية.