أبرزت تقارير صحافية الإقبال الكثيف يوم أمس من جانب المصريين للتصويت في الاستفتاء الخاص بمشروع الدستور المدعوم من جانب الإسلاميين، منوهةً بالأمل الذي يحدوهم بأن تنهي النتائج ثلاثة أسابيع من العنف والانقسام وعدم الثقة بين الإسلاميين وخصومهم بخصوص القواعد الأساسية لديمقراطية مصر الموعودة.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: فيما تكهنت جماعة الإخوان المسلمين بتمرير الدستور بنسبة كبيرة، وكشفها في تقرير غير رسمي عن موافقة حوالي57 % من المواطنين في محافظتين من معاقل المعارضة، هما القاهرة والإسكندرية، على الدستور الجديد، فإن اللافت في ذلك الأمر هو ارتكاز الجماعةعلى الإحصاءات التي نُشِرت في كل المراكز التي خصصت للتصويت.

بينما جاء الرد من جانب متحدث باسم الائتلاف الرئيس المعارض للدستور، حيث قال إنهم وجدوا مخالفات على نطاق واسع وإن قادة الائتلاف سيتحدثون عن ذلك في وقت لاحق اليوم الأحد. وتبعاً لما أظهرته النتائج الأولية، فإن نسبة تقدر بـ 52 % قد صوّتت بـ quot;لاquot; على الاستفتاء في محافظة القاهرة، التي تعتبر المحافظة الأكبر.

بغضّ النظر عن النتائج التي سيتمخض عنها هذا الاستفتاء، فقد رأت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية أن هذا الإقبال الكبير غير المتوقع والتصويت بهذا الشكل المنظم بمثابة نقطة التحول الأخرى للثورة المصرية.

فبعد ثلاثة أسابيع من أعمال العنف والتهديدات بالمقاطعة، بدا أن الناخبين قد عادوا في الوقت المناسب بعيداً عن حافة الفتنة المدنية وإعادة التأكيد من جديد على ثقتهم في الصندوق الانتخابي، حيث ظلوا لساعات في صفوف طويلة للتعبير عن آرائهم في هذا الحدث الكبير.

بيد أن الصحيفة نوهت بمدى تقبل الطرف الخاسر للنتائج، وإلى متى قد يظلّ السلام قائماً. ورغم تحذير المعارضة من أعمال فوضى وشغب، إلا أن شوارع العاصمة كانت خالية من التظاهرات الكبرى للمرة الأولى في أسابيع.

وأوضحت الصحيفة أنه إذا تمت المصادقة على الدستور بالهامش الذي يتوقعه مؤيدوه، فقد يحصن هذا التصويت الذي جرى يوم أمس بطريقة سلسة شرعية وسلطة الرئيس مرسي.

ثم أشارت الصحيفة إلى حالة الجدال المشتعلة ما بين المؤيدين والمعارضين للدستور، من منطلق أن كل فريق يرى الأمور من منظوره الخاص، ويوجّه الاتهامات إلى الطرف الآخر، في الوقت الذي عبّر فيه كثيرون عن غضبهم من القادة السياسيين لكلا الطرفين.

ونقلت الصحيفة عن أحمد إبراهيم، 40 عاماً، وهو موظف حكومي كان ينتظر التصويت في أحد أحياء منطقة مدينة نصر، قوله: quot; لا يمكن لأي من المجموعتين تقبل الجبهة المعارِضة. فسوف تشعر إحدى المجموعتين بأنها مظلومة. أما المجموعة الأخرى فستشمت في الانتصار الذي حققته المجموعة الأولى، وستظل الجراح قائمةquot;.

لفتت الصحيفة بعدها إلى الفوضى التي هيمنت على المرحلة الانتقالية التي أعقبت الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك والتي ناور خلالها الإسلاميون والليبراليون واليساريون والعسكر والقضاة على السلطة من خلال جدول زمني دائم التحول.

وقد وصف كثير من الخبراء الدوليين مسودة الدستور المصري بأنها فرصة ضائعة، محشوة بتصريحات كثيرة عن الهوية المصرية لكنها مليئة بثغرات خاصة بحماية الحقوق. وأوضحت الصحيفة أن الوضع الأسوأ مازال لكثيرين هو ذلك المتعلق بنهاية اللعبة الخاصة بالاستقطاب التي تسبب فيها كل هذا الجدال والنزاع الدائر بخصوص الدستور.

وقال رجل أعمال كان يدلي بصوته في مدينة نصر: quot;التصويت ليست له أي صلة بالأمور العاطفية. فأنا سأصوّت بلا، لكن ليس لذلك علاقة باختلافي مع الإخوان أو الرئيسquot;. وقالت سيدة تدعى نجوى ألبيرت، تبلغ من العمر 56 عاماً، بعدما صوّتت بلا في الاستفتاء: quot;تمت الإساءة إلى الطائفة المسيحية بأسرها. وأنا أرى أن التصريحات التي يدلي بها القادة الإسلاميون لحشد الدعم للدستور بمثابة البداية لحربquot;.