أثبت الممثل جيرار ديبارديو أهميته كإحدى أهم الشخصيات الفرنسية عندما هاجم الرئيس هولاند شخصياً قراره التخلي عن جنسيته هربًا من الضرائب الاشتراكية العالية. وأثبتها مجددًا مع إعلان الرئيس الشيشاني من جهته الآن أنه يمنحه اللجوء متى شاء.
عندما يتدخل رئيس بلد مثل فرنسا بنفسه للتعليق على قرار شخصي يتخذه مواطن واحد، فإن هذا يشير، ولا شك، الى أن مقام هذا الشخص من الأهمية بمكان يستدعي اهتمام الدولة.
المواطن في هذه الحالة هو جيرار ديبارديو، أحد أشهر نجوم الشاشة الفرنسيين على الإطلاق. والقرار الذي اتخذه ndash; كما أوردت إيلافraquo; في وقتها ndash; هو التخلي عن بلاده هربًا من الضرائب التي فرضتها حكومة الرئيس فرانسوا هولاند الاشتراكية على الأثرياء، والإقامة (حاليًا على الأقل) في بلجيكا المجاورة. ويذكر أن هذه الضرائب كسرت الرقم القياسي الفرنسي إذ صارت تبلغ 75 في المئة على أي مال يزيد عن مليون يورو.
وكان مدهشًا حقًا أن يصدر الرئيس فرانسوا هولاند شخصيًا ردة فعل علنية على قرار ديبارديو (وهو فقط أحد مئات الأثرياء الذين هربوا بأموالهم من فرنسا بسبب ضرائب الحكومة الاشتراكية العالية) فوصفه بأنه laquo;مثير للرثاءraquo;. وهذا عدا عن تصريحات اضطر وزير الاقتصاد لإصدارها دافع فيها عن الضرائب الحكومية الجديدة وهاجم اولئك الأثرياء الهاربين laquo;المتنصلين من واجباتهم إزاء الوطنraquo;.
وكان ديبارديو قد أعلن موقفه واضحًا في خطاب بعث به الى صحيفة laquo;جورنال دو ديمانشraquo; الفرنسية الاسبوعية وشرح فيه أسباب قراره التخلي عن جنسية بلاده والإقامة في منزل عامر اشتراه في بلجيكا فقال: laquo;نعم أنا رجل محب للحياة ولي سجل ضخم من الإغراق في مسرّاتها على مختلف صنوفها. فليقولوا عني ما شاؤوا لكنني أظل رجلاً حرًّاraquo;.
وإذا كان تدخل الرئيس الفرنسي شخصيًا في قضية ديبارديو لا يكفي لتأكيد مكانة هذا الممثل في بلاده (والعالم أيضا)، فقد أتى تأكيد جديد من رئيس آخر بعيد هو الشيشاني رمضان قادروف. فقد أعلن، وفقًا لما تناقلته صحف بريطانية، أن بلاده ترحب بمقدم ديبارديو وتمنحه لجوءاً غير مشروط اليها في أي وقت إذا راق له هذا.
هكذا يصبحالخياران متاحين أمام هذا الممثل (64 عامًا) الذي اعتاد على الحياة في laquo;مدينة النورraquo; وجاداتها الواسعة الجميلة ومطاعمها الراقية ونواديها التي لا تنام الليل. فإما يخلد للراحة وسكون الحياة الريفية الأوروبية في بلدة نيشان البلجيكية الصغيرة على مبعدة 800 ياردة فقط من الحدود مع فرنسا، أو أن يبدأ تجربة جديدة في الاتجاه المعاكس في بلاد كالشيشان.
وعلى هامش الدعوة الرئاسية له للإقامة في هذه الجمهورية المسلمة، فلنذكر أن الممثل كان قد صرّح مازحًا أمام الصحافيين - قبيل إعادته جواز سفره الفرنسي الى السلطات - بالقول إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين laquo;أرسل لي جواز سفر روسيًا يجلس في جيبي الآنraquo;!
وأثار هذا التصريح موجات من التساؤل والحيرة والغضب أيضًا في موسكو بعدما التقطته الصحف بالكثير من التعليق. واضطر السكرتير الإعلامي في مكتب بوتين لإصدار بيان رسمي نفى فيه أن يكون الرئيس الروسي قد فتح أي قناة اتصال مع الممثل الفرنسي، وشدد على أن التصريح الذي أدلى به هذا الأخير لا يعدو أن يكون مزحة.
لكن يبدو أن نفي الكرملين هذا لم يصل الى الرئيس الشيشاني قادروف (وجمهوريته جزء من الأراضي الروسية) أو أنه أهمله. فنُقل عنه قوله على موقع laquo;تويترraquo;: laquo;تخلى ديبارديو عن جنسيته الفرنسية. ليس لنا أن نعلّق على هذاraquo;. ومضى يقول: laquo;إذا حصل الممثل على الجنسية الروسية، فنحن في غروزني (عاصمة الجمهورية) على أتم الاستعداد لاستقباله أهلا وسهلاraquo;.
وديبارديو نفسه ليس غريباً على العاصمة الشيشانية. فقد زارها في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي فقط في احتفالاتها بـlaquo;يوم المدينةraquo; الذي يوافق عيد ميلاد قادروف نفسه. وشوهد ديبارديو على شريط فيديو سُجّل خلال المناسبة وهو يهتف على منصة خشبة مسرح ضخمة في غروزني: laquo;المجد لغروزني! المجد للشيشان! المجد لقادروفraquo;!
ولم يفت على الصحافة الغربية تنبيه قرّائها الى أن الرئيس الشيشاني laquo;مُتهم بسجل من التجاوزت الواسعة النطاق في مجال حقوق الإنسان بما فيها التعذيب والإعدام خارج إطار القانون وحكم جمهوريته الإسلامية المتمردة على موسكو بقبضة من حديدraquo;.
ومضت تقول إن ديبارديو، في ما يبدو، لا يأبه لكل هذه الاتهامات الغربية. ذلك أنه أقام ايضًا علاقات صداقة حميمية مع الفنانة غولنارا كريموفا، نجلة الرئيس الأوزبكي إسلام كريموف، الملقّبة laquo;غوغوشاraquo;. فتغنّى على المسرح بإحدى اغنياتها ووافق على الظهور في فيلم تولّت هي كتابة وقائعه.
التعليقات