لم يمر نبأ وفاة الجنرال المتقاعد نورمان شوارزكوف قائد القوات الأميركية في حرب الخليج الأولىبشكل عادي على الكويتيين الذين هبوا إلى تقديم العزاء للولايات المتحدة.


واشنطن: من باب رد العرفان والجميل، وفي خطوة متوقعة، هبّ أركان الحكم في الكويت، وفي طليعتهم أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح، بتقديم برقيتي تعزية للولايات المتحدة الأميركية، واحدة منها ذهبتإلى الرئيس باراك أوباما، وأخرى إلى الرئيس السابق بوش الأب، الذي كان يُصدر أوامره إلى الجنرال نورمان شوارزكوف لتحرير الكويت من قبضة نظام صدام حسين.

وفاة قائد quot;عاصفة الصحراءquot; الجنرال الأميركي، لم تعبر أيضاً من دون أن تلقي بظلالها على الجالية الكويتية في الولايات المتحدة، والتي تقدر بنحو ثلاثة آلاف، معظمها من الطلبة، بإستثناء عدد من المرضىيتلقون العلاج في المستشفيات الأميركية، إذ ساد الجميع حزن عميق على رحيله عن عمر يناهز الـ87 عاماً في مدينة تامبا في ولاية فلوريدا، التي اتخذها مقراً له بعد تقاعده من الجيش.

يقول مبارك بورسلي الطالب في جامعة كنتاكي لـquot;إيلافquot;: quot;لقد رحل الجنرال المتقاعد نورمان شوارزكوف قائد القوات المركزية الأميركية، فهو بطل، وله الفضل بعد الله في تحرير بلدي الكويت من الإحتلال الصدامي الغاشم، ولنا أن ننعي رحيله، لكونه وضع خططه العسكرية بمهنية واحتراف إلى حين أجبر العدوان على التقهقر والتراجعquot;. جاءت وفاة المسؤول العسكري الأميركي لتنكأ مجدداً جراحاً غائرة في قلوب الكويتيين، الذين يقيمون في الولايات المتحدة.

ويتحدث الطالب علي الصايغ، الذي سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية لدراسة الهندسة المعمارية في جامعة كنساس، لـquot;إيلافquot; قائلاً إن quot;نبأ رحيل شوارزكوف ذكرني بمشاهد حزينة عندما تم احتلال الكويت، حيث كنت صغيراً في السن، واتذكر ولو بشكل بسيط معاناة الوالد، الذي تم أسره في سجن أبوغريب لمدة شهرين، وتعرّض للتعذيب المبرح حتى إصابته بإعاقة سمعية من شدة الممارسات الوحشيةquot;.

ويقترح الصايغ quot;أن يتم تكريم الجنرال المتقاعد نورمان شوارزكوف قائد القوات المركزية الأميركية، الذي نجح في دفع العدوان عن الأراضي الكويتية الحبيبة، وأزال عنها عذابات حزينة للغايةquot;.

شديدة هي آلام غزو صدام حسين للكويت لدى أبناء الجالية الكويتية في أميركا، والتي برزت على السطح فور إعلان وفاة شوارزكوف، لكنها أشد إيلاماً من تلك المتعلقة بمنصور عبد العزيز، طالب الدكتوراه في علم الحاسوب في جامعة جورج ميسن، حيث فقد اثنين من أقربائه.

يقول: quot;ما إن سمعت خبر وفاة الجنرال شوارزكوف حتى تذكرت أيام الغزو الحزينة، حينها كان عمري تسع سنوات، ولا أزال أتذكر جيداً حجم دمار احتلال جيش صدام حسين الغاشم، الذي لحق ببلدي الكويت، فقد خسرنا شهداء، من بينهم ابن خالتي، حيث تم أسره، ولم يرجع، واحتسبناه شهيداً، وكذلك ابن عم والدي الذي استشهد وهو يقاوم، وقدم دمه فداء للوطنquot;.

يدرك منصور عبدالعزيز جيداً أن الاحتلال في العام 1990 ما كان لو لم تكن ثمة خطة أميركية قدمت الكويت إلى صدام حسين كطعم وقع فيه لشدة غبائه، لكنه يستدرك قائلاً: quot;فعلياً إن الله وحده وبعده خطط الجنرال المتقاعد نورمان شوارزكوف لهما الفضل في تحرير الكويت من يد الطاغية صدام حسينquot;.

على الرغم من أن متوسط أعمارالطلبة الكويتيين في الولايات المتحدة لا يتجاوز الـ23 عاماً، أي إنهم لم يعاصروا الحقبة الزمنية التي غزا فيها صدام حسين بلادهم، لكن معظمهم تناقلوا القصص المروّعة من آبائهم، ومن بينهم عبد الرحمن المطيري، الطالب في جامعة شمال كنتاكي، تخصص محاسبة، والذي ولد ليلة الغزو في إحدى المستشفيات السعودية، حيث نجحت والدته في الهروب من قبضة قوات صدام حسين.

ويقول: quot;خبر رحيل الجنرال عاد بي ليس إلى أيام الغزو المريرة التي لم أشاهدها، بل إلى ترداد الأحاديث مع الوالدين والأقرباء عن ظروف ولادتي، كيف تمت في أجواء صعبة، بعد قطع عشرات الكيلومترات نحو السعودية من أجل حصول أمي على ولادة طبيعية بعيدة عن آلات العدوان الغاشمquot;.

محمد نقي، الذي يدرس جيولوجيا في جامعة ماينز، من جيل أترابه الذينلم يبصروا النور عندما اجتاح صدام حسين حدوده الجنوبية في اتجاه الكويت يوم 2 أغسطس/آب من العام 1990م، وسمع فقط من أهله عن ويلات الحروب، يقول quot;أنا لم أطلع على تلك الحقبة الزمنية، لكن الأهل حدثوني عنها كثيراً، وعن مآسيها، لكن لاشك أن من قاموا بتحرير بلدي، وفي مقدمتهم شوارزكوف، يعدون من الأبطال الذين أزالوا همّ الإحتلال الصداميquot;.