يحضر الرئيس العراقي جلال طالباني إجتماعا تمهيدياً لمؤتمر حلّ الأزمة بين الكتل السياسية الرئيسة، في محاولة لرأب الصدع بينها، والخروج من الوضع المتأزم في البلاد، بالتوازي مع طرح الزعيم الشيعي مقتدى الصدر لدستور عام، هدفه الأساسي التقارب والوحدة الوطنية بين مختلف الفئات.


عراقيون يشاركون في استفتاء سابق للتيار الصدري

لندن: ينظم التيار الصدري في العراق استفتاء شعبيًا يوم الجمعة المقبل في محافظات البلاد كافة،بما في ذلكإقليم كردستان، حول ميثاق شرف، طرحه زعيمه مقتدى الصدر لمرحلة مابعد الانسحاب الأميركي، يستهدف حقن الدم وصيانة المال العام، وتحقيق وحدة الشيعة والسنة، ويتوقع أن يشارك فيه نصف مليون شخص، فيما يستأنف الرئيس جلال طالباني غداً اجتماعات ممثلي الكتل السياسية للإعداد للمؤتمر الوطني العام لحلّ الأزمة السياسية الحالية في البلاد.

إستفتاء الصدر

أعلن المشرف على الاستفتاء فلاح الياسري أنه بعدما وقعت النخب السياسية والعلمائية والعشائرية والأكاديمية على ميثاق الشرف الوطني، الذي أصدره الصدر في كانون الأول/ديسمبر الماضي، أنهت لجنة مكلفة بالإشراف والإعداد لإستفتاء شعبي على الميثاق كل تحضيراتها لإجرائه خلال هذا الأسبوع.

وأشار في تصريح صحافي، وزّعه التيار الصدري، إلى أن العشرات من منظمات المجتمع المدني والإتحادات والنقابات ستتولى عملية إجراء الإستفتاء، من خلال استمارات جاهزة، سيتم توزيعها على المواطنين في محافظات العراق كافة،بما في ذلك إقليم كردستان.

وأضاف أنه تم الاتفاق بأن تشرف لجنة رئيسة واحدة على الاستفتاء في كل واحدة من محافظات البلاد الـ18، وذلك بالتعاون مع عشرات المنظمات الأخرى، وتضماللجنة مديراً تنفيذيًا وعددًا من الموظفين والمعاونين.

وأوضح أن استمارة الاستفتاء تضم حقولاً عدة حول اسم المحافظة واسم الشخص المشارك في الاستفتاء وعمله وتحصيله الدراسي، إضافة إلى حقل للإجابة بكلمة نعم أو لا على أسئلة الاستفتاء، ثم حقل خاص لإبداء الملاحظات والمقترحات.

وبيّن الياسري أنه بعد الانتهاء من الاستفتاء، ستتولى لجنة من الباحثين المتخصصين في شؤون الاستفتاءات والاستبيانات بجمع المعلومات وتوثيقها، ثم الإعلان عنها في مؤتمر صحافي يعقد لهذا الغرض.

وأكد أن الهيئات، التي ستشرف على الاستفتاء، هي منظمات مستقلة لضمان الحيادية، إذ من المتوقع أن يشارك أكثر من نصف مليون مواطن في هذا الاستفتاء، معتبراً أنه من الضروري أن يأخذ الاستفتاء بعده الشعبي، بعدما أخذ بعده السياسي والنخبوي.

وكان الصدر قد أصدر ميثاق الشرف الوطني في الحادي عشر من كانون الأول/ديسمبر الماضي من أجل حقن الدماء وصون المال والعرض ولحلّ الأزمات السياسية وضمان حياة مستقرة، وقعت عليه غالبية الكتل السياسية والفعاليات الدينية والعشائرية والأكاديمية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني، ليحظى بالتنفيذ والالتزام ببنوده.

وقد لقي الميثاق دعمًا واسعًا من تلك القوى وشخصياتها، التي بلغ عدد الموقعين منها عليه 123 شخصية، اعتبرته محاولة لإنقاذ العملية السياسية بعد الانسحاب الأميركي، من أجل مواجهة التطورات الإقليمية وإدارة العراق بروح الشراكة ومنع الدكتاتورية.

وأشارت إلى ضرورة التزام الكتل السياسية بمبادئ الشرف من دون تسويف أو مماطلة انطلاقًا من أهدافه الساعية إلى اعتباركل الطوائف الدينية والأقليات الإثنية، أخوة في الوطن والإنسانية، ولايجوز التعدي عليهم، مهما كان دينهم أو مذهبهم أو قوميتهم، إضافة إلى إقامة صلاة الجمعة والجماعة الموحدة في المساجد والحسينيات من أجل توطيد الوحدة الإسلامية والوطنية.

ويشمل ميثاق الشرف جميع العراقيين المشتركين في العملية السياسية أو خارجها، ويتضمن 13 بندًا،من أبرزها:

-كل الطوائف الدينية والأقليات الإثنية هم أخوة في الوطن والإنسانية، ولايجوز التعدي عليهم، مهما كان دينهم أو مذهبهم أو قوميتهم، بل يجب العملعلى تقاربهم، لا نفورهم.

- منع الخطب والمقالات والكتابات والتصريحات والمؤتمرات والاجتماعات المثيرة للفتن والنعرات الطائفية.

- أي اعتداء من أية دولة من دول الاستكبار العالمي أو غيرها يجب على أبناء كل الطوائف من داخل الإسلام وخارجه التعاون من أجل تحشيد الطاقات ضد تلك الاعتداءات تأكيدًا على الوحدة الوطنية، بما يحفظ هيبة العراق، وضمن نطاق الشرع والإمكان.

- تأسيس مجلس علمائي، يكون متكفلاً بتحديد بدايات الشهر (القمري) والوصول إلى يوم موحد قدر الإمكان، ويقوم بمعاقبة من يخالف النقاط أعلاها، التي وردت في وثيقة الميثاق الوطني بالعقوبة الاجتماعية المعنوية الخالية من العنف، من خلال لجان ومؤسسات تنبثق من المجلس.

يأتي الاستفتاء في وقت لم يستطع السياسيون العراقيون التوصل إلى اتفاق لمعالجة الكثير من القضايا العالقة، بينها تسمية وزيري الداخلية والدفاع، رغم تشكيل الحكومة الحالية قبل أكثر من عام.. كما يعاني العراق أزمات، سببها صراعات سياسية داخلية، وأخرى خارجية، أدت إلى عدم استقرار البلاد أمنيًا واقتصاديًا وسياسيًا، وعدم التوصل إلى معالجات لكثير من المشاكل.

الرئيس العراقي جلال طالباني

طالباني يقود غدًا اجتماعًا لممثلي الكتل السياسية حول مؤتمر حل الأزمة

من جهة أخرى أعلنت رئاسة الجمهورية العراقية أن الرئيس جلال طالباني سيترأس مساء غد الاثنين اجتماعًا لممثلي الكتل الرئيسة الثلاث في البلاد، وهي التحالف الوطني والعراقية والكردستاني من أجل التهيئة للمؤتمر العام للقوى السياسية المنتظر في أواخر الشهر الحالي بهدف السعي إلى حل الأزمة السياسية التي تضرب البلاد منذ منتصف الشهر الماضي.

وقالت الرئاسة في بيان صحافي اليوم quot;في ضوء اللقاءات التي أجراها رئيس الجمهورية جلال طالباني، فقد تم الاتفاق على الدعوة إلى اجتماع اللجنة التحضيرية، التي تضم ممثلين عن الكتل البرلمانية الرئيسة الثلاث، التحالف الوطني والعراقية والتحالف الكردستاني، يوم الاثنين المصادف 6-2-2012 مساء في مقر رئيس الجمهورية في بغدادquot;.

وكانت هذه اللجنة عقدت اجتماعًا واحدًا في منتصف الشهر الماضي بمشاركة الرؤساء الثلاثة للجمهورية، طالباني والحكومة نوري المالكي ومجلس النواب أسامة النجيفي، إلا أن أعمالها تعطلت بسبب سفر الرئيس العراقي إلى ألمانيا وإجرائهعملية جراحية لإحدى ساقيه.

وعلى امتداد الأيام العشرة الأخيرة، التي أعقبت عودة طالباني من ألمانيا، عقد الأخيرسلسلة اجتماعات مع قادة الكتل السياسية، يعتقد أنها قد خففت بعض الشيء من الاحتقان السياسي تهيئة للمؤتمر المنتظر.

خاصة بعدما قررت القائمة العراقية عودة نوابها إلى جلسات مجلس النواب، وبحث إمكانية عودة وزرائها إلى جلسات مجلس الوزراء خلال اجتماعه الأسبوعي الاعتيادي الثلاثاء المقبل،تحديدًا بعد لقاء ثلاثة من وزراء العراقية مع رئيس الوزراء نوري المالكي في الأسبوع الماضي تلبية لدعوة منه اقترنت بمطالبته بإنهاء مقاطعة اجتماعات الحكومة.

من جانبها قالت النائب ميسون الدملوجي الناطق الرسمي باسم العراقية إن قيادة القائمة بحثت في اجتماع لها الليلة الماضية quot;الأوضاع على الساحة السياسية في عموم العراق ومن ضمنها الأوضاع الأمنية والخدمية والاقتصادية، فضلاً عن ما آلت إليه العملية السياسية في البلاد، مما يستدعي معالجة الأوضاع بسرعة.

ورأت أنه لا بد من تفكيك المشاكل، وتوجيه العراقنحو طريق السلامة والأمن والاستقرار، وعقد المؤتمر الوطني، الذي سيكون أساساً لنقلة مهمة لبناء شراكة وطنية حقيقيةquot;.

وأضافت الدملوجي في تصريح صحافي مكتوب تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه، إن لقاءات العراقية مع قيادات القوى السياسية، وفي مقدمتها الرئيس جلال الطلباني وقيادة كتلة الأحرار الصدرية وكتلة المواطن للمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمّار الحكيم و خضير الخزاعي نائب رئيس الجمهورية، قد quot;اتسمت بالارتياح الشديد، وسادتها أجواء التفاؤلquot;.

وعبّرت عن الأمل في أن quot;تستمر هذه الأجواء، من خلال تحديد اللجان التحضيرية للمؤتمر الوطني، لكي تعود العراقية إلى اجتماعات مجلس الوزراء، وضخ المزيد من التفاؤل للمواطنينquot;.

وكان الاجتماع الأول للجنة الإعداد للمؤتمر الوطني قد انتهى من دون نتائج حاسمة لحل الأزمة السياسية، وخاصة على صعيد تحديد مكان وزمان وجدول أعمال المؤتمر، حيث اكتفى بالاستماع إلى كلمات رؤساء الكتل، وقرر تشكيل لجان تعدّ له.

وفي ختام الاجتماع، أعلن بيان رئاسي عراقي أن اللقاء جاء فاتحة وبداية للقاءات والاجتماعات التحضيرية، التي تمهد لعقد المؤتمر الوطني العام، حيث أكد الرئيس طالباني في كلمة quot;أن القيادات السياسية تتحمّل مسؤولية تاريخية حيال مستقبل العراق بعد تخلصه من نير الدكتاتورية وإثر انسحاب القوات الأجنبية.

وأكد أن العراقيين الذين توافرت لهم أجواء الحرية والديمقراطية لا يمكن أن يفوّتوا فرصة التلاقي وتحمّل المسؤولية عن بناء بلد متطور، جامع لكل مكوناته ومواطنيه، ودعا إلى تحاشي الخطاب المتشنج والاتهامات المتبادلة، والعمل بروح الفريق الواحدquot;.

في هذا السياق حذرت مصادر عراقية من أن فشل المؤتمر العام المنتظر انعقاده في بداية الشهر المقبل سينهي العملية السياسية الراهنة برمتها، ويقود العراقنحو فراغ، قد يؤدي إلى حلّ مجلس النواب، وإجراء انتخابات عامة مبكرة، الأمر الذي سيدفع باتجاهانهيار أمني خطر، بدأت ملامحه الحالية تظهر من خلال توسع عمليات التفجير في أكثر من مدينة عراقية.

يذكر أن الخلافات بين المالكي والقائمة العراقية قد تصاعدت إثر إقامة دعوى ضد نائب رئيس الجمهورية القيادي في العراقية طارق الهاشمي بتهمة quot;قيادة فرق موتquot;، وكذلك مطالبة رئيس الوزراء من مجلس النواب حجب الثقة عن نائبه القيادي في العراقية صالح المطلك، إثر اتهامه للمالكي بـquot;الدكتاتوريةquot; وquot;الانفرادquot; بالسلطة، ما دعا وزراء ونواب القائمة إلى مقاطعة اجتماعات مجلسي الحكومة والنواب.

كما أعطى المالكي لوزراء العراقية الثمانية المقاطعين لجلسات حكومته، إجازة مفتوحة بدلاً من إقالتهم، كما كان صرح في وقت سابق. من جهته نفى الهاشمي، الذي لجأ إلى إقليم كردستان، بشدة التهم الموجّهة إليه بدعم الإرهاب، وطالب بنقل محاكمته إلى كردستان، الأمر الذي تعارضه بغداد.