لندن: يستخدم أكراد العراق عقدا نفطيا وقعته حكومة اقليم كردستان مع شركة اكسون موبل الاميركية والأزمة السياسية الراهنة في العراق لتعزيز سيطرتهم على مناطق نفطية متنازع عليها، وبذلك رفع الرهانات في مواجهة مزمنة مع الحكومة المركزية في العراق، كما افادت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير من شمال العراق.

وكان عقد اكسون موبل للتنقيب عن النفط وانتاجه مع حكومة اقليم كردستان، الذي أُعلن في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بمثابة تزكية من جانب شركة عملاقة لجدوى العمل في المنطقة الكردية التي لم تستدرج قبل ذلك إلا شركات نفطية صغيرة وشركات مغامرة.

ورغم معارضة بغداد فان شركة اكسون موبل ماضية في تنفيذ العقد. وهي تعكف الآن على اعداد الدراسات الزلزالية وتأمين المكاتب واماكن السكن لموظفيها في اربيل عاصمة الاقليم.

في هذه الأثناء يشير الأكراد الى العقد مع اكسون موبل لاقناع شركات كبرى أخرى مثل توتال بالمجيء الى المنطقة لمنحها امتيازات أخرى، بحسب مسؤولين أكراد. ولكن شركة توتال امتنعت عن التعليق على محادثاتها مع حكومة اقليم كردستان.

وكانت حكومة الاقليم وقعت أكثر من 45 عقدا نفطيا وغازيا، وتشتبك منذ سنوات في نزاع مع بغداد حول صلاحيتها لتوقيع مثل هذه العقود. ولكن ثقل اكسون موبل وحقيقة ان ثلاثا من اصل ست مناطق استكشافية يغطيها العقد تقع في اراض متنازع عليها في محافظتي نينوى وكركوك، أقحمت اكسون موبل في خصومات قومية ومحلية محتدمة.

ولا يخفي الأكراد الآن استغلالهم النزاع بين رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي وقائمة العراقية ذات الأغلبية السنية في حكومته الائتلافية لانتزاع تنازلات من بغداد بشأن النفط والمناطق المتنازع عليها، على حد تعبير صحيفة وول ستريت جورنال ناقلة عن مصادر كردية ان الأكراد يريدون اغتنام فرصة المؤتمر الوطني الذي يجري التحضير لعقده من اجل حل الأزمة السياسية في بغداد، لتسوية نزاعاتهم الخاصة مع الحكومة المركزية.

وإزاء اعتماد المالكي على تأييد الأكراد لاستمرار حكومته فان القادة الأكراد يأملون بحمل بغداد على تقديم تنازلات مقابل تعاونهم. ومن الأهداف التي يريد الأكراد تحقيقها اعادة ترسيم الحدود الداخلية واجراء استفتاء في المناطق المتنازع عليها لتقرير ما إذا كانت تخضع لسيطرة حكومة اقليم كردستان أو حكومة بغداد، واصدار قانون النفط والغاز الذي يعترف بعقود الأكراد النفطية وينص على تقاسم العائدات مع حكومة بغداد، بعدما ظل القانون مجمدا سنوات في ثلاجة مجلس النواب.

ولم يُحدد حتى الآن موعد المؤتمر الوطني العتيد ومكان عقده وجدول اعماله. ومن المتوقع ان يحاول المالكي توظيف موقف العرب السنة ضد مطالب الأكراد الاقليمية في الشمال لتفادي تقديم تنازلات كبيرة الى الأكراد.

وكان المالكي حذر حكومة اقليم كردستان من ان عقدها مع اكسون موبل يمكن ان يشعل حربا في المنطقة. كما اتهم عدد من وزرائه الأكراد بتهريب النفط وهددوا بفسخ عقد الخدمة الذي وقعته بغداد مع اكسون موبل لتطوير حقول جنوبية ردا على عقدها مع الأكراد. ولكن الأكراد قللوا من شأن هذه التهديدات ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول كردي كبير قوله quot;اننا نتعامل مع هذه المناطق بوصفها جزء من كردستانquot;.

وينظر البعض من سكان المناطق المتنازع عليها الى عقد اكسون موبل على انه انتهاك لحقوقهم. وقال عبد حميد عجيل الياور، شيخ قبيلة الياور السنية الكبيرة، في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال في الموصل مركز محافظة نينوى quot;ان اصحاب الأرض والنفط وكل الثروات في محافظة نينوى هم الشعب العراقي عموما واهل نينوى بصفة خاصةquot;.

واضاف الياور الذي يقود حزبا سياسيا يسيطر على نحو ثلث مقاعد مجلس محافظة نينوى ان على الحكومة المركزية وحكومة المحافظة ان تعالجا الوضع وإذا عجزت الحكومتان عن معالجته quot;سنقول حينذاك كلمتناquot;.

ورفض الشيخ الياور ان يفصح عما سيفعله إذا باءت جهود الحكومة المركزية والحكومة المحلية بالفشل ولكنه يقود آلاف المسلحين من رجال قبيلة شمر التي كادت تخوض حربا مع القوات الكردية في عام 2005.

وتدخلت الولايات المتحدة والأمم المتحدة للتوسط في النزاع وعقد مصالحة بين محافظ نينوى اثيل النجيفي وحكومة اقليم كردستان ايضا. وبعد رحيل القوات الاميركية تصاعدت حدة التوتر من جديد وقال النجيفي ان عقد اكسون موبل اسفين جديد سيعمل المتطرفون على استغلاله. واضاف quot;انهم يريدون ان يزجونا في مواجهة مع الاقليمquot;.

واعرب دبلوماسيون اميركيون في بغداد عن الأمل ببقاء الوضع تحت السيطرة نتيجة المصالح الاقتصادية المشتركة وآفاق التنمية المدفوعة بأموال النفط في المنطقة ودور تركيا التي لها حدود وعلاقات تجارية وسياسية مع جميع الفرقاء. ولتركيا مصلحة استراتيجية في زيادة صادرات النفط والغاز من شمال العراق عبر اراضيها، كما لاحظ محللون.

وقال جوست هلترمان نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا في مجموعة الأزمات الدولية ان الدور التركي يمكن ان يمهد الطريق امام الحكومة الكردية لمقايضة علاقاتها المتوترة مع بغداد بالحماية التركية. واضاف هلترمان quot;ان بالامكان ان نرى ظهور دولة نفطية ذات ادارة كردية وتبعية تركية في العراقquot;.