ما مصير منتجات فرنسية عدة تحمل اسم laquo;مدموازيلraquo;؟

ليس سهلاً إنكار درجة الحساسية العالية التي يتعامل بها الفرنسيون مع لغتهم. والآن يفلح أنصار حقوق المرأة في إزالة ما يعتبرونه laquo;شوائبraquo; لا مكان لها في القاموس، على الأقل في المعاملات الرسمية... مثل معادل كلمة laquo;آنسةraquo;.


لندن: نجح أنصار حقوق المرأة في نيل انتصار يشكل منعطفا مهما في مسار اللغة الفرنسية عندما أجبروا حكومة الرئيس نيكولا ساركوزي على حظر استخدام كلمة mademoiselle laquo;مدموازيلraquo; (آنسة) في المعاملات الرسمية وحذفها من استمارات الدولة ووثائقها نهائيا. وإضافة الى هذا حظرت الحكومة بمرسوم رسمي من مكتب رئيس الوزراء، فرانسوا فيون، الإشارة الى اسم المرأة قبل الزواج وأيضا اسم الزوج نفسه.

ويستند اولئك النشطاء النسويون في أن كل هذه الأمور تدخل في باب التمييز الجنسي والعائلي ضد النساء. ويقولون إن كلمة laquo;مدامraquo; لائقة لمخاطبة المرأة والإشارة اليها عموما لأنها لا تتعلق بوضعها الزوجي كما هو الحال مع كلمة laquo;مسيوraquo; monsieur (laquo;السيدraquo; أو laquo;المحترمraquo;) التي لا تصف وضع الرجل الزوجي.

ومن هذا المنطلق نفسه حُظر طلب معرفة اسم المرأة قبل الزواج - في الوثائق الرسمية على الأقل - وأيضا اسم الزوج. وباختصار، كما يقول اولئك النشطاء، فلا شأن لأحد بمعرفة ما إن كانت المرأة متزوجة أم عزباء. ويسوقون في هذا الشأن أن من النساء من هن مطلقات أو أرامل أو محترفات يفضلن اسماءهن المهنية... وتطول القائمة.

ونقلت الصحافة الفرنسية والبريطانية أن الحكومة كانت قد تقدمت في السابق بتوجيه ورجاء الى طاقم الخدمة المدنية بالامتناع عن استخدام الألقاب والصفات الآنف ذكرها. لكن الجديد في الأمر الآن هو أن المرسوم الحكومي الأخير laquo;يحظرraquo; استخدامها بقوة القانون. ومع ذلك فثمة سبب laquo;اقتصاديraquo; بحت يمنع وضع هذا المرسوم موضع التنفيذ الفوري.

ويتصل هذا بأن تغيير الاستمارات والوثائق الحكومية يتطلب ميزانية ليست في متناول البلاد حاليا. ولذا فسيسري مفعول المرسوم الجديد ما أن تنفد هذه الأوراق من الأدراج الحكومية وتنشأ الحاجة لطباعة أخرى جديدة.

يذكر أن عجلة هذه التطورات بدأت دورانها في ايلول) سبتمبر( الماضي عندما أطلق أنصار حقوق المرأة حملة قالوا فيها إن معادل كلمة مدموازيل في لغة الغال الفرنسية تنطوي على تمييز جنسي سافر لأن تعود في أصلها الى كلمة vierge laquo;العذراءraquo;. ويضيفون أن العذرية من عدمها ما عادت بين الصفات التي يحق لأحد إلصاقها بالمرأة.

لكن المنتقدين يقولون من جهتهم إن laquo;مدموازيلraquo; تحمل في طيّاتها ظلال الإطراء لأنها تشير في الأغلب الى أن المرأة صغيرة السن، وايضا الى إنها غير متزوجة فتصبح بذلك دعوة للخُطّاب.

على أن هذا لم يفلح في إقناع سعاة حذف الألقاب والصفات التي يرون انها تمييزية قائلين إنها جميعا تكرّس مفاهيم أجدر بالمجتمعات الذكورية ولا مكان لها في البنية الفرنسية التي تقوم على المساواة بين الجنسين. ويضيف هؤلاء إن استخدام الكلمة لجذب الخطاب laquo;إهانة بالغة للمرأة لأنه ينزل بها الى درجة سلعة معروضة للمشترينraquo;.

ومهما يكن من أمر فإن الحظر الحكومي علامة بارزة على طريق اللغة الفرنسية، ولهذا يمكن اعتباره حدثا تاريخيا مهما. وتبقى الآن معرفة ما إن كان هذا الحظر سيتخلل وثائق الدولة ليصل الى لغة الشارع وهي الكائن الحي الحقيقي والمحيي والمميت لمختلف الكلمات والتعابير.

فقد فشلت محاولات سابقة من laquo;الأكاديمية الفرنسيةraquo; لمنع وسائل الإعلام من استخدام مفردات أجنبية (انكليزية في أغلبها الأعم)، مثل weekend laquo;عطلة نهاية الاسبوعraquo; وغيرها... وهذا موضوع شيّق قد تعود laquo;إيلافraquo; لتناوله في موضع آخر.