تعيش تونس جدلاً قوياً بخصوص مؤتمر أصدقاء سوريا الذي يعقد الجمعة، وإذ يرى البعض أنه محاولة تبرير التدخل الأجنبي العسكري في سوريا، يؤمن آخرون بضرورة عقده للضغط على الرئيس بشار الأسد كي يوقف قتل شعبه.
حي باب عمرو في حمص تعرض لقصف عنيف |
تونس: تستضيف تونس يوم غد الجمعة quot;مؤتمر أصدقاء سورياquot; بمشاركة ممثلين عن عديد الدول العربية الإسلامية والغربية، وكذلك بمقاطعة من بعض الدول العربية والغربية الأخرى التي تعارض فكرة المؤتمر.
وقد وجهت تونس دعوات إلى جميع الأطراف المعنية من دول ومنظمات، ومن بين المدعوين الصين التي تتردد في المشاركة، بينما أعلنت روسيا عدم مشاركتها في هذا المؤتمر. ويهدف المؤتمر الذي ينظم ليوم واحد إلى التوصل إلى حلّ يوقف سفك دماء الشعب السوري من نظام بشار الأسد منذ قرابة السنة.
وكانت تونس أعلنت عن مساندتها الشعب السوري، وأدانت أعمال العنف والتقتيل كلّها بحق المواطنين السوريين وقررت طرد السفير السوري من أراضيها. وسبق ذلك مطالبة الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي للرئيس بشار الأسد بالتنحّي عن الحكم ومغادرة البلاد، في حل شبيه بما حدث في اليمن.
وقرار استضافة تونس مؤتمر أصدقاء سوريا، لم يمرّ بهدوء كما حدث عند اتخاذ السلطات التونسية قرارًا بطرد السفير السوري، حيث وجد معارضة داخلية من quot;المعارضةquot; بينما أيّده العديد خاصة على مستوى الشعب التونسي.
quot;مؤتمر اعداء الشعب السوريquot;
عبد الوهاب الهاني، رئيس حزب المجد يتحدث لـquot;إيلافquot; عن هذا المؤتمر، قائلاً: quot;هذا المؤتمر الذي سمّي بمؤتمر أصدقاء سوريا قد يتحول إلى مؤتمر لأعداء الشعب السوري، خاصة وأن هناك وإلى حد الآن ضبابية كبيرة حول المشاركين في هذا المؤتمر، وهو ما حدا بالخارجية الروسية إلى الإعلان عن مقاطعة المؤتمر والصين حسب التصريحات الرسمية، ويبقى هذا المؤتمر هو بمثابة النادي الذي تداعى على سوريا، ويضم الدول الغربية مع بعض الدول العربية الموالية للخيارات الغربية، ومن بينها للأسف تونسquot;.
ويتابع الهاني: quot;لقد جرت العادة في المؤتمرات العالمية عموماً التي تحرص على إيجاد حلول في العلاقات الدولية أن تعطى الوقت الكافي للحوار والإعداد الجيد من خلال المفاوضات والنقاشات بين مختلف الأطراف، ولكن ما نراه كأن الهدف من هذا المؤتمر ليس للاستشارة بل للاستعراض ومحاولة تبرير التدخل الأجنبي العسكري في سورياquot;.
ويضيف: quot;للأسف الشديد هذه الدعوة لم تسبقها أي مشاورات داخلية في تونس واكتشفها الرأي العام من خلال وسائل الإعلام عبر تصريحات وزير الخارجية رفيق عبدالسلام من القاهرة، ولم تتم أي تهيئة ولم ينظم حولها أي نقاش لا داخل المجلس التأسيسي ولا حتى داخل مجلس الوزراء، وكأن لدينا اليوم نوعاً من دبلوماسية الفوضى في تونس، وكل واحد له جزء من هذه الصلاحيات، من ذلك رئيس الحكومة ورئيس الدولة ووزير الخارجية الذي يفعل ما يشاءquot;.
ردود أفعال عديدة في تونس تحدث عنها نزار مقني الصحافي في صحيفة الصباح، فقال: quot;تفاعلات عديدة حول هذا المؤتمر بين المنظمات والأحزاب التونسية حول احتضان تونس هذا المؤتمر وتوقيته بالنسبة إلى الدبلوماسية التونسية والمرحلة الإنتقالية التي تعيشها تونس، ومنها جمعيات معنية بالقانون ترى أن ذلك ليس من مشمولات الحكومة لأنها تحكم الآن بفعل قانون منظم موقت، وليس بفعل دستور منظم للسلطات، وبالتالي فهي لا يمكن أن تتخذ قرارات استراتيجية في هذه الفترة، وهناك عديد الدعوات، ومنها دعوة الإتحاد العام التونسي للعمل منذ اليوم الأول الذي صدرت فيه هذه الدعوة للمؤتمر، فهو يساند كل الشعوب من أجل التحرر، ولا يمكن له أن يقف إلى جانب أي سلطة تنظم هذا المؤتمر أو فعالية من الفعاليات التي تشرع التدخل العسكري في سورياquot;.
قطر تريد اسقاط الأسد
حول إمكانية اتخاذ قرار بالتدخل العسكري في هذا المؤتمر،يقول عبد الوهاب الهاني: quot;هو من أكبر المخاوف، لأن الدول الغربية تبحث في التدخل العسكري، ودولة قطر لا تخفي ولا تمانع رغبتها في اتخاذ هذا القرار من أجل إنهاء النظام السوري في أقرب وقت، وهناك أنباء تفيد بوجود الأسلحة، وإلى تسليح لشق من المعارضة السورية المصرح به من قبل السيد هيثم مناع الذي هو جزء من المعارضة القائمة، وحتى من داخل المعارضة السورية الآن هناك عديد الاتهامات لبعض الأجنحة داخل هذه المعارضة بالحصول على أسلحة أجنبية، وهناك نوع من التدويل، وهذا يذكّرنا بالمؤتمر نفسهالذي نظم سابقاً، والذي عرف بأصدقاء ليبيا، وكان لمجرد إعطاء الغطاء للتدخل العسكري لحلف الناتوquot;.
عبدالوهاب الهاني يكيل بعض الاتهامات فيقول: quot;في اعتقادي أن السرعة التي تمّ بها الإعلان عن هذا المؤتمر في القاهرة مع تحديد التاريخ ومن دون تنسيق مسبق مع مختلف الأطراف، هو دليل على أن الدبلوماسية التونسية استجابت لقرار دولة قطر بتنظيم هذا المؤتمر عبر الإتفاق مع مختلف الشركاء. وقد لعبت الدبلوماسية الفرنسية دوراً كبيراً في إعداد ورقات هذا المؤتمر، وأتحدى وزير الخارجية التونسي إن كان أعد ورقة واحدة تهم المؤتمر، وهنالك إعلان سيصدر عن هذا المؤتمر ولا يعلم لا الرأي العام ولا الأحزاب بحيثياته أي شيء على الجلسات الإعدادية لهذا المؤتمر، نعلم جيداً أن الخارجية الفرنسية هي التي أعدت quot;هذه الطبخةquot; بالتعاون مع القطريين والأميركيين وستلعب تونس دور المتفرج فقطquot;.
ويضيف الهاني: quot;كان بودنا أن يكون المؤتمر فعلاً لأصدقاء سوريا، وأن يحصل حول هذا المؤتمر نقاش مستفيض ومشاورات وطنية ومشاورات كذلك مع أصدقائنا في المغرب العربي، حيث نريد أن نبني مغرباً عربياً وخاصة التشاور مع أشقائنا المغاربة، فالجزائر لن تشارك وكذلك عددمن الدول العربية، وهو كان بقرار قطري غربي وبإخراج تونسي، وقطر لو نظمت هذا المؤتمر لحامت حوله الشكوك والشبهات، ومن الإخراج أن يبعد عن الدوحة وعن عاصمة غربية، وللأسف قبلنا من دون تشاور ومن دون التفكير في تبعات هذا القرار على بلادنا ومصالحنا وعلى الشعب السوري، وهل أن هذا المؤتمر سيخدم الشعب السوري، فأنا لدي شكوك حقيقية حول الهدف الأساسي له؟quot;.
إخراج الأزمة من عباءة مجلس الأمن
نزار مقني الصحافي في جريدة الصباح، وفي إفادته لـquot;إيلافquot; يتحدث عن هذا المؤتمر: quot;بعد فشل الجامعة العربية والدول الغربية في تمرير مشروع قرار لإدانة بشار الأسدوما يقوم به نظامه من تقتيل يومي للشعب السوري البريء ،يأتي هذا المؤتمر لإخراج الأزمة السورية من عباءة مجلس الأمن الدولي إلى تنظيم آخر لصفوف المعارضة السورية داخل سوريا لأن المعارضة السورية مقسمة، وهو ما يختلف عن المعارضة الليبية سابقاً التي كانت موحدة، وهو كذلك لإرساء استراتيجية موحدة بين الدول الغربية للتعامل مع النظام السوري وللبحث عن حل، حيث هناك عديد السيناريوهات المطروحة، ومنها فرض عقوبات كبيرة، ولكن النظام الإيراني يعمل على إفشال هذه العقوبات، أو دعم الجيش الحر والمجلس العسكري، وهناك سيناريو آخر يدعو إلى التدخل العسكري ومنه قوات حفظ السلام في سوريا بجنسيات عربية وغربية، وربما هناك اتفاق بين الدول الغربية والدول العربية في هذا الشأنquot;.
ويتابع مقني: quot;إنّ الحكومة التونسية من جانبها تبرر تنظيمها لهذا المؤتمر، ومن قبله قرار طرد السفير السوري، بأن الثورة التونسية وهي بداية الثورات العربية لها عديد المبادئ التي لا يمكن أن تبعد عنها، ومن بينها تقديم الدعم والمساندة لبقية الثورات العربية، وخاصة سوريا، حيث يعيش الشعب السوري تقتيلاً يومياً وتعذيباً لجميع الناشطين، وبالتالي هناك مبررات أخلاقية قبل أن تكون سياسية أو دبلوماسيةquot;.
أما الأستاذ مصباح شنيب فقد بيّن لـquot;إيلافquot;،quot; أنّه ضد الاستبداد والعنف الذي يمارس الآن على الشعب السوري من نظام بشار الأسد، وبالتالي أنا مع حمايته من هذه الوحشية التي يرزح تحتها والنظام البعثي السوري هو نظام مستبد هذا من ناحية مناصرة الشعب السوري، ولكن على المستوى السياسي فهناك أمور تحدث داخل سوريا لا نعلم حقيقتها أو حجمها أو كيفية التعامل معها، وتونس في هذا المؤتمر لأصدقاء سوريا تستقبل الأصدقاء المعارضين للنظام السوري هو مطلوب ولا بأس إذا كان فعلاً لحماية الشعب السوري الذي هو اليوم في حاجة أكيدة إلى الحماية من القتل والتعذيب وكل أصناف القمع والإستبداد التي يتعرض لها، وأنا كمواطن ناضل ضد الإستبداد، ولا يمكن إلا أن أقف ضد الإستبداد بكل معانيه، وبالتالي أنا مع مساعدة الشعب السوري الشقيق لوقف إراقة الدماء وأساند هذا المؤتمر اعتباراً لنبل معانيهquot;.
عدم التدخل الخارجي
من جانبه، أكد زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي أنّ تونس اشترطت عدم اتخاذ قرار بالتدخل العسكري في سوريا على الرغم من أن هناك نية للاعتراف بالمجلس الوطني السوري.
بينما عارض عمر الشاهد، الناطق الرسمي السابق باسم حركة الشعب الوحدوية التقدمية، خلال مؤتمر صحافي للمؤتمر التأسيسي الموحد للتيار القومي، عقد مؤتمر أصدقاء سوريا، ودعا الحكومة التونسية ورئيس الجمهورية إلى عدم الإنسياق وراء عدد من الدول العربية والغربية التي ترغب في التدخل العسكري في سوريا وعدم العمل على عسكرة الثورة السورية ورفض التدخل الأجنبي مثلما حصل في العراق و ليبيا.
ورداً على التخوفات التيأثيرتحول تدخل عسكري يتم الإعداد له من تونس، اعتبر وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام أن هذا المؤتمر، quot;مؤتمر أصدقاء الشعب السوريquot;، quot;لا يهدف إلى استنساخ النموذج الليبيquot;.
وسيُعقد المؤتمر على مستوى وزراء خارجية دول الجامعة العربية والإتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي وبعض الأطراف الدولية الفاعلة والمؤثرة منها أميركا والهند والبرازيل، وبمشاركة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي أكدت ذلك يوم أمس. ويشارك في أعمال هذا المؤتمر مندوبون عن فصائل المعارضة السورية منها quot;المجلس الوطني السوريquot;، وquot;هيئة تنسيق قوى التغيير الديمقراطيquot; وquot;المجلس الوطني الكردي السوريquot; كمراقبين في هذا المؤتمر.
التعليقات