تتحول العلاقات التركية - الإيرانية، مع تتطور أحداث المنطقة، لا سيما في سوريا، من تعاون إلى تنافس مغلّف بشعور متبادل من انعدام الثقة.


اردوغان مستقبلاً نجاد في إسطنبول

بيروت: بعد سنوات من التعاون الواهي، يبدو أن القوتين الإقليميتين تتجهان في طريق متعارض لتتحولا بشكل متزايد إلى منافسين في الشرق الأوسط.

ويعمل حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا على إعادة ضبط سياسته نحو إيران، والنأي بنفسه بشكل متزايد عن الدعم السابق الذي كان يعلنه بوضوح للنظام الإيراني.

ويرى المحللون أن صراع القوتين في سوريا والعراق وغيرها من القضايا، سيؤدي إلى ارتفاع حدة المنافسة بين تركيا وإيران على موقع القيادة في الشرق الأوسط.

لكن في الوقت الراهن، على الأقل رسمياً، تصر تركيا على ان انها لا تزال ملتزمة بالحفاظ على علاقتها مع إيران وتخطي الشكوك المتبادلة التي ميزت العلاقات بين البلدين في العقود الماضية.

وفي هذا السياق، يقول دبلوماسي تركي رفيع المستوى quot;نحن نبذل قصارى جهدنا لتهيئة الأجواء للحوار، نعم نحن لا نتفق حول كل القضايا مع إيران - مثل ما يحدث في العراق وسوريا - لكن هذا لا يعني أننا لا ينبغي أن نتحدث معهم ونحن نعبّر عن قلقنا لهم ونتكلم في كل شيء وجهاً لوجهquot;.

وعلى الرغم من هذه التطمينات، تشير بعض التصريحات التي صدرت مؤخراً عن المسؤولين الأتراك إلى صورة أكثر تعقيداً.

ففي جلسة 5 شباط/ فبراير لحزب العدالة والتنمية، وجّه نائب رئيس الوزراء بولنت ارينك نقداً لاذعاً لسياسة إيران لدعم الرئيس السوري بشار الأسد على الرغم من الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة السورية تجاه المواطنين والحملة الوحشية التي شنتها على معاقل المعارضة.

وقال ارينك، وفقا لوكالة انباء الاناضول الرسمية، quot;أخاطب جمهورية إيران الإسلامية، أنا لا أعرف ما إذا كنتم تستحقون اسم (إسلامية)، هل قلتم أي كلمة حول ما يجري في سوريا؟quot;

واعتبرت صحيفة الـ quot;أتلانتيكquot; ان هذه اللهجة تمثّل نقيض اللهجة التي اعتمدها الرئيس التركي عبدالله غول عام 2009 عندما كان أول من يهنئ الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بمناسبة اعادة انتخابه المتنازع عليها، وكذلك في العام 2010، عندما وضعت أنقرة علاقاتها مع واشنطن في خطر من خلال التصويت ضد فرض عقوبات على إيران في مجلس الأمن للأمم المتحدة.

وأشارت الصحيفة إلى أن التغطية الإخبارية في تركيا باتت أكثر حدة ووضوحاً، فالصحافة التركية تنشر على نحو متزايد مقالات تلقي الشكوك حول نوايا إيران في المنطقة وفي تركيا، في الوقت الذي تتحدث فيه بعض التقارير الأخيرة عن أن الحرس الثوري كان يخطط لشن هجمات داخل تركيا، متهمة إيران بتهريب الأسلحة عبر البلاد الى سوريا.

ونقلت الصحيفة عن مدير المجموعة الدولية لمعالجة الازمات هيو بوب، مقرها بروكسل، قوله quot;كلما كانت مواقف أنقرة أكثر انتقادًا تجاه إيران، يعني أن إيران تتجاوز حدودها في سوريا والعراقquot;.

وأضاف ان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان quot;يشعر بالألم شخصياً من قبل الإيرانيين. فأردوغان يحب الانتصارات لكن المخاطر التي وضع نفسه بها من أجل إيران لم تثمر، سواء في الولايات المتحدة أو إيرانquot;.

لكن الحذر المتبادل من الجانبين ليست متسقاً بشكل دائم، إذ هدد جنرال إيراني في وقت سابق بتوجيه ضربة انتقامية في حال قررت تركيا استضافة رادار صواريخ بموجب معاهدة حلف شمال الأطلسي.

ومع ذلك، اقترحت طهران اسطنبول كموقع محتمل لجولة اخرى من المحادثات حول برنامجها النووي.

والكثير من السجالات التركية ndash; الإيرانية تتم عن طريق الوكلاء في العراق، جارة تركيا إلى الجنوب، حيثنتج عن دعم انقرة لتحالف quot;العراقيةquot; السني خلافاً مع رئيس الوزراء نوري المالكي المدعوم من إيران، الذي اتهم أنقرة بـ quot;التدخلquot; في الشؤون الداخلية للعراق.

quot;هناك منافسة قوية ومتنامية بين البلدين داخل العراق، وتنطلق من وجود مصالح مختلفةquot;، يقول شون كين، وهو مسؤول سابق للامم المتحدة في العراق، ومؤلف تقرير معهد الولايات المتحدة للسلام بشأن المنافسة التركية - الإيرانية في العراق.

وأضاف: quot;بالنسبة لتركيا، فإن وجود دولة عراقية قوية كان على مر التاريخ حصناً ضد النزعة الانفصالية الكردية والمغامرة الإيرانية، لكن إيران تنظر إلى كل هذا بشكل مختلف جداً، فوجود عراق قوي يعني منافسة للجمهورية الإسلامية، ويعتبر تاريخياً بمثابة تهديد أمني صعبquot;.

لكن الصحيفة اعتبرت أن التجارة بين إيران وتركيا كانت بمثابة العامل الذي يمنع انهيار العلاقات بين البلدبن، بل يوفّر أيضاً مجالاً كبيراً للتعاون.

وازدهرت التجارة بين تركيا وإيران لتصل من مليار دولار واحد في العام 2000 إلى 16 مليار دولار في العام الماضي، معظمها واردات إيرانية من الغاز الطبيعي والنفط إلى تركيا.

لكن على الرغم نقاط الاختلاف والتنافس العديدة، يستبعد معظم المراقبين حدوث صدام مباشر بين أنقرة وطهران.

quot;لا اعتقد ان تركيا لديها أي نية لمحاربة إيران، في الواقع انها ترغب في تجنب هذا بأي ثمنquot;، يقول المحلل السياسي التركي سولي أوزيل، أستاذ العلاقات الدولية في اسطنبول.

وأضاف: quot;هناك مصالح مشتركة كثيرة بين البلدين، على الرغم من أنها لم تستطع التخفيف من من حدة المنافسة بينهما على النفوذ في المنطقةquot;.

وتابع: quot;العلاقة بين تركيا وإيران قائمة على التنافس والتعاون المغلّف بشعور متبادل من الانعدام التام للثقةquot;.