مظاهر توتر بين أميركا وإسرائيل

رغم المظاهر التي لا تنفك تشير إلى قوة التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وخاصة في خطابات quot;ايباكquot;، إلا أن التوتر بين أوباما ونتنياهو يبدو واضحا من خلال انتقاد الواحد منهما سياسة الآخر وخاصة في ما يتعلق بالملف الايراني.


لندن: رغم الخطابات التي تتغنى بقوة التحالف القائم بين الولايات المتحدة وإسرائيل في مؤتمر لجنة الشؤون العامة الاميركية الاسرائيلية quot;ايباكquot; هذا العام، إلا أنها لم تفلح في تبديد التوتر الذي اعترى العلاقة بين الرئيس الأميركي باراك اوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على امتداد السنوات الثلاث الماضية.

شهد الاسبوع الحالي قسطه من مسلسل التوتر الذي استأثرت به ايران وليست القضية الفلسطينية بحلقته الأخيرة. ففي كلمة ألقاها اوباما يوم الأحد انتقد الرئيس الاميركي طبول الحرب التي يقرعها القادة الاسرائيليون ضد ايران بوصفها ذات مردود عكسي، في حين حرص نتنياهو على تأكيد حق إسرائيل في أن تحدد بنفسها طريقة الدفاع عن نفسها.

وفي حين أن الصدامات بين الزعيمين امتدت من القضايا المتعلقة بشخصية كل منهما الى الموقف من عملية السلام في الشرق الأوسط مرورا بالضربات البروتوكولية، فإن هناك اتفاقا عاما بين المراقبين الاسرائيليين على ان اساس التوتر هو اختلاف الرؤية السياسية. وقد يكون نتنياهو المحافظ مناهضا بالسليقة لإقامة علاقات وطيدة مع ليبرالي مثل اوباما. وفي هذا الشأن قال المعلق في صحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية شيمون شيفر quot;ان نتنياهو سيكون عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ لو كان في الولايات المتحدة، وسيرتبط بنيوت غينغريتش حتى من دون شيلدون ايدلسنquot; رجل الأعمال اليهودي الاميركي الذي يدعم نتنياهو وغينغريتش.

ونشأ التوتر بين الزعيمين فور تسلمهما مقاليد السلطة تقريبا بانتخاب اوباما في اواخر 2008 وتولي نتنياهو رئاسة الحكومة الاسرائيلية في اوائل 2009.

وشعر الاسرائيليون بصدود اوباما عنهم، عندما طاف على عواصم دول مسلمة في أنحاء الشرق الأوسط دون المرور بإسرائيل. كما نظر الاسرائيليون بعدم ارتياح الى مراعاة الرئيس الجديد مشاعر الرأي العام العربي، مبتعدا عن سياسات الرئيس السابق جورج بوش الذي كان يُعد من الرؤساء الداعمين لإسرائيل بلا تحفظ.

ولكن استياء الاسرائيليين تضاعف عندما بدأ مسؤولون في إدارة اوباما بالضغط على نتنياهو لتجميد النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية، متسببين بتعقيد موقفه السياسي في الداخل وتشجيع القيادة الفلسطينية على إسناد مطالبهم بموقف دولة قوية.

وفي غضون أشهر، أُجبر نتنياهو على إعلان قبوله بحلّ الدولتين وتجميد بناء المستوطنات فترة محددة في خطوة لم يتخذها رئيس وزراء اسرائيلي من قبل ، بحسب صحيفة كريستيان ساينس مونتر.

وقالت الصحف الإسرائيلية إن البعض في حلقة نتنياهو أصبح على اقتناع بأن اوباما يحاول إبعاد الرأي العام الاسرائيلي عن رئيس الوزراء لتقويض الائتلاف الحاكم. ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن ميتشل باراك مساعد نتنياهو السابق ان اوباما quot;وضع القضية الفلسطينية الاسرائيلية في القمة في وقت مبكر، وحمل نتنياهو على عمل ما لا يريد عمله، أي ان يقول quot;انا مؤمن بحل الدولتينquot;quot; مشيرا الى ان الغالبية في حزب نتنياهو اليميني لا يؤمنون بحل الدولتين.

وقبل اسابيع، استخدم نتنياهو عضوي مجلس الشيوخ الجمهوريين جون ماكين ولندسي غراهام، للتعبير عن امتعاضه واحباطه بسبب امتناع ادارة اوباما عن اتخاذ موقف أشد حزما من ايران داسّا أنفه في السياسة الداخلية الأميركية هذه المرة.

ولا يُعرف أي من الزعيمين نجح في إقناع الآخر بوجهة نظره. وقال مراقبون إسرائيليون إن نتنياهو لن يعود الى اسرائيل وقد استجلى quot;خطوط اوباما الحمراءquot; بشأن العمل العسكري ضد ايران وان اوباما بدلا من الإفصاح عن خطط الولايات المتحدة لتوجيه ضربة عسكرية الى ايران اكتفى بالقول إن الوقت الآن هو وقت الدبلوماسية.

من جهة أخرى، لاحظ المراقبون الاسرائيليون ان نتنياهو افلح خلال الأشهر الستة الماضية في توجيه اهتمام السياسة الخارجية للدول الحليفة نحو ايران بعيدا عن الدولة الفلسطينية، القضية التي تزداد عزلة اسرائيل الدولية بسببها.

ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن افيف بوشينسكي مساعد نتنياهو سابقا quot;ان القضية الايرانية تصبح هي الأجندة وان هذا... يعود الى نتنياهو، فهو رجل تسويق بارعquot;.

وايا تكن طبيعة الخلافات بين الزعيمين فان اوباما ونتنياهو عالقان بأحدهما الآخر وعليهما ان يراعيا مواقف احدهما الآخر لأسباب استراتيجية وسياسية، إذ تحتاج الولايات المتحدة واسرائيل الى الوقوف في جبهة واحدة لمواجهة تحديات متعددة احدها طموحات ايران النووية.

وفي حين يجد اوباما من الضروري تهدئة نتنياهو وإرضاءه لتفادي خسارة اصوات الناخبين اليهود، فإن نتنياهو لا يريد ان يبدو وكأنه يضعف العلاقات مع أهم حلفاء اسرائيل على الاطلاق. ويقول مساعد نتنياهو السابق بوشينسكي quot;ان مصالح الزعيمين تعلو في هذه الحالة على العلاقات الشخصية، فان اوباما يريد ان يُعاد انتخابه ونتنياهو ايضا يريد ان يكسب. وهو يستطيع ان يحارب اوباما ولكنه لم يحقق شيئاquot;.