استحقاق الرئاسة المصرية بات قريبا

اقتربت انتخابات الرئاسة المصرية وسط جو من المنافسة بين مرشحي الليبرالية وبعض من ينتمون إلى النظام السابق والتيارات الاسلامية، وتلقي ايلاف الضوء على أبرز المرشحين وتاريخهم، إضافة إلى برامجهم الانتخابية والنهج الذي سوف يعتمدونه في المستقبل.


القاهرة: صارت الإنتخابات الرئاسية في مصر قاب قوسين أو أدنى، واشتعلت المنافسة بين المرشحين المحتملين، غير أن المنافسة الحقيقية باتت محصورة بين مجموعة من الوجوه التي كان لها تاريخ من النضال ضد نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وهؤلاء ينتمون إلى مختلف التيارات السياسية، الإسلامية والناصرية والليبرالية، مقابل بعض المنتمين إلى النظام السابق ممن يحظون بشعبية في الإنتخابات بقوة. وتلقي إيلاف بالضوء على أبرز المرشحين في الإنتخابات، برامجهم وخطاياهم وتاريخهم. ومن المقرر فتح باب الترشح لها بعد غد 8 مارس/ آذار الجاري، وتجرى عملية الإقتراع يومي ٢٣ و٢٤ مايو/ آيار المقبل، وتعلن النتيجة في ال٢٩ من الشهر نفسه، والإعادة يومي ١٦ و١٧ حزيران (يونيو) المقبل. على أن يعلن اسم رئيس الجمهورية الفائز في ٢١ حزيران يونيو.

عبد المنعم أبو الفتوح

يأتي مرشحو التيار الإسلامي في المقدمة، ومنهم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، الذي يتمتع بشعبية كبيرة، ويشغل منصب الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب ونائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، وهو من مواليد 15 أكتوبر 1951م، تخرّج في كلية الطب جامعة القاهرة بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف عام 1976م وحاصل على إجازة الحقوق من جامعة القاهرة، ومن مواقفه الشهيرة مشادته مع الرئيس الراحل أنور السادات، حيث كان أبو الفتوح رئيساً لاتحاد الطلاب، وتحدث إلى السادات، قائلاً لهإن من حوله منافقون وفاسدون، الأمر الذي أغضب السادات جداً، وطلب منه الوقوف، ونهره بشدة، لأنه تحدث مع كبير العيلة ورئيس الدولة بأسلوب غير لائق، وتسببت تلك الواقعة بحرمانه من التعيين معيداً بالجامعة. تعرض للإعتقال والسجن عدة مرات، كان أولها في ما عرف بـquot;اعتقالات سبتمبر 1981quot;، وسجن لمدة خمسة أعوام في الفترة من 1996 حتى 2001.

ويعرف في أوساط جماعة الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي ككل بأنه من المجددين، رغم أنه ينتمي بالأساس إلى جماعة دينية، إلا أنه يرفض مبدأ الدولة الدينية، وقال في أحد تصريحاته الصحافية، إن الدولة الدينية غير مطروحة، مشيراً إلى أنه لا أحد يطرح إقامة لا دولة تيوقراطية ولا دينية ولا الإسلام يوافق على أي دولة دينية. ورغم أنه تعرض للفصل من الجماعة في أعقاب الإعلان عن ترشحه للإنتخابات إلا أنه ما زال يراهن على دعمها له، وما زال الكثير من المراقبين يرون أنه الأكثر حظاً في الإنتخابات الرئاسية، لا سيما أنه يحظى أيضاً بدعم الليبراليين، بل اليساريين، فضلاً عن أنصار الدكتور محمد البرادعي الذي أعلن انسحابه من السباق، بالإضافة إلى أن أبو الفتوح يحظى بشعبية في أوساط الشباب أيضاً. وأظهر حادث الإعتداء المسلح الذي تعرض له، أن صاحب شعبية واسعة في تلك الأوساط.

حازم أبو أسماعيل

حازم أبو اسماعيل

يحظى حازم أبو إسماعيل بتأييد التيار السلفي، رغم أنه نجل الشيخ صلاح أبو اسماعيل من علماء الأزهر الشريف والداعية الاسلامي المعروف الذي توفي في شهر مايو 1990، والذي كان أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين، ويعمل كمحام، وكان أحد أعضاء الدفاع عن المتهمين في قضية المحاكمات العسكرية الشهيرة، التي اتهمت فيها قيادات الإخوان، ويعرف أبو إسماعيل بتشدده، ويتعهد إقامة ما أسماها quot;دولة الخط الفاصل بين الحرام والحلالquot;، ويصرّ على أنه في حالة انتخابه سوف يحكم بالشريعة الإسلامية، ويحرم السياحة القائمة على الإختلاط أو ارتداء المايوه، وسوف يفصل بين الشباب والفتيات في العمل والتعليم، كما يؤكد أنه سوف يفرض الجزية على الأقباط، ويبرر لذلك بالقول إن quot;الجزية هي علامة عدل، وهي ثمن عصمة دم المسيحي وعنقه من الاشتراك في الحروب في جيش المسلمين، حتى لا يظن البعض أن الإسلام يورّط غير المسلمين في حروب يدفعون فيها حياتهم من أجل الأهواء الإسلاميةquot;، متناسياً أن الأقباط كانوا إلى جانب المسلمين في جميع الحروب المصرية. ورغم ذلك يرى أنه ليبرالي، وقال في أحد تصريحاته quot;أنا ليبرالي جداً، وعندي رغبة في التفتح والانطلاق وعدم التقيّد، وأميل للحيوية الفكريةquot;. ويؤكد أنه ليس لديه أدنى شك في أنه سيفوز في الإنتخابات الرئاسية المقبلة، إذا لم تتعرض للتزوير.

سليم العوا

ويمثل الدكتور محمد سليم العوا الضلع الثالث في مثلث الإسلاميين، وهو لا ينتمي إلى تيار فصيل إسلاميّ بعينه، لكنه يراهن على أصوات الإخوان، الأمين العام السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيس جمعية مصر للثقافة والحوار. أحد أبرز رواد الحوار الوطني المصري، وعضو مؤسس في الفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي يتميز فكره بالاعتدال والتركيز على الحوار وليس الصدام بين العالم الإسلامي والغرب. حصل على دكتوراه الفلسفة (في القانون المقارن) من جامعة لندن عام 1972. له العديد من المقالات في المجلات العلمية والمجلات الدينية والثقافية والصحف السيّارة، وشارك في عشرات المؤتمرات والندوات العلمية القانونية والإسلامية والتربوية في مختلف أنحاء العالم.

شغل منصب وكيل النائب العام المصري وعيّن محاميا في هيئة قضايا الدولة في مصر وعمل أستاذا للقانون والفقه الإسلامي في عدد من الجامعات العربية، وعضو مجمع اللغة العربي في القاهرة ومجمع الفقه الإسلامي الدولي في منظمة المؤتمر الإسلامي، نال عدة جوائز علمية ودعوية وخيرية. وقد أعلن عن ترشحه للإنتخابات المصرية لمنصب رئيس الجمهورية المقترح عقدها في ديسمبر 2011، لكنه لا يحظى بالقبول لدى الليبراليين واليساريين، والأقباط، بسبب تصريحاته الشهيرة التي اتهم فيها البابا شنودة بالوقوف وراء حوادث الفتنة الطائفية، وأن مشروعه طائفي، بالإضافة إلى قوله إن الكنائس تستخدم لتخزين الأسلحة، لاستخدامها ضد المسلمين، وذلك في غضون شهر يناير 2010، في أعقاب حادث كنيسة القديسين في الإسكندرية. ويتداول النشطاء على الفايسبوك حالياً حديثاً تليفزيونياً سأل فيه عن موقفه من الترشح لانتخابات الرئاسة قبل إعلانه عن قراره في وقت لاحق فقال quot;أنا مش عارف أدير مكتب فيه 12 فردا، يبقى هأعرف أدير دولةquot;، ويتساءلونquot; بعد ترشحه للرئاسة: إذا كان غير قادر على إدارة مكتبه للمحاماة، هل سيدير دولة؟

عمرو موسى

عمرو موسى

ينافس المحسوبون على النظام السابق أو المعروفون شعبياً وإعلامياً بـquot;الفلولquot; الإسلاميين بقوة، ويأتي على رأس تلك الوجوه عمرو موسى وزير الخارجية السابق، والأمين العام لجامعة الدول العربية، ويحظى موسى بشعبية في أوساط البسطاء، ساهم المطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم بقسط وافر فيها، عندما أطلق أغنيته الشهيرة quot;أنا بكره إسرائيل، بحب عمرو موسى، هيه هيه هيه هيهquot;، ويتميز موسى بمشاركته أهالي الأحياء الفقيرة والشعبية، والقرى الريفية، غير أنه بدأ يتعرض لمضايقات مؤخرا، حيث تعرض للطرد والإعتداء من قبل التراس الأهلي عندما توجه لتقديم العزاء في ضحايا مذبحة بورسعيد التي وقعت في 1 فبراير الماضي، وتعرض أنصاره للضرب عدة مرات، الأولى في المنوفية، ثم في دمنهور، كما تكرر السيناريو نفسه في محافظة الشرقية، وأصيب 12 فرداً من أعضاء الحملة الإنتخابية الخاصة به بجروح، وأصيب أحدهم بجرح نافذ بالبطن بمطواة. وانطلقت ضده العديد من الحملات، ومنها quot;لا لعمرو موسى العجوز رئيساً لمصر الشابةquot;.
ويرفض موسى الإتهامات بأنه من الفلول أو أنه كان ضد الثورة في بدايتها، لا سيما أنه تعرض للسؤال حول موقفه من الترشح للرئاسة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك فقالquot;العين لا تعلو على الحاجبquot;، كما اتهم بأنه كان مناهضاً للثورة في بدايتها، وأنه توجه إلى المتظاهرين في ميدان التحرير من أجل التأثير فيهم للعودة إلى منازلهم، بناء على تعليمات من النظام السابق. لكنه يصر على أنه كان من أشد المؤيدين للثورة، وأنه مرشح الشعب كله.

أحمد شفيق

يعتبر الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء السابق من المحسوبين على النظام السابق، فهو تلميذ الرئيس السابق حسني مبارك في القوات الجوية، وفي عهده جرت أحداث موقعة الجمل التي راح ضحيتها العشرات من الشهداء، وكانت معركة فاصلة في تاريخ الثورة، ورفض وقتها الإعتراف بالثورة، ووصفها بأنها quot;تعبير حاد عن الغضبquot;، وظهر في ثلاثة برامج حوارية عبر الفضائيات، بـquot;بلوفر أزرق غامقquot;، ومنذ تلك اللحظة عرف بـquot;الرجل صاحب البلوفرquot;، كما تعرض لانتقادات بسبب مقالته أنه طلب من المشير طنطاوي أن يترك المتظاهرين في ميدان التحرير وأن يوزع عليهم quot;بنبونيquot;، في وقت كانت الثورة مشتعلة ضد مبارك.
وتسبب هدوء أعصابه واحترامه الشديد أمام إستفزازات الدكتور علاء الأسواني في حلقة في برنامج حواري على قناة أون تي في، في إكسابه شعبية لا يستهان بها، لا سيما أنه قدم استقالته من رئاسة الحكومة في اليوم التالي. برز اسمه من بين الأسماء المرشحة لخلافة محمد حسني مبارك في رئاسة مصر، وكانت الأوساط السياسية الخارجية ترشحه لخلافة مبارك، بالإضافة إلى اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات وقتها، وأفردت صحيفة وول ستريت جورنال تقريراً موسعاً عنه في ديسمبر 2010، تحت عنوان quot;منافس جديد يبرز في مصرquot;. غير أن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح يراه يصلح quot;لرئاسة مجلس محلي، وليس رئاسة الجمهوريةquot;.

عمر سليمان

رغم أنه لم ينبس ببنت شفاه منذ تلاوته خطاب تنحي مبارك عن الحكم مساء 11 فبراير الماضي، إلا أن بورصة الترشيحات لا تستثنيه أبداً، وكلما ذكرت الإنتخابات الرئاسية ورد اسمه ضمن المرشحين، إنه اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق، الرجل الذي ظل غامضاً للمصريين لسنوات طويلة، لكنه برز إلى الواجهة مع تأزم القضية الفلسطينية، تولى هذا الملف طوال نحو خمس سنوات، ولم ينطق بكلمة واحدة، وقبل إندلاع الثورة بأشهر قليلة انطلقت حملة لترشيحه رئيساً للجمهورية، لكنه اتهم المروجين لها بـquot;محاولة الوقيعة بيني وبين الريسquot;، أي الرئيس السابق حسني مبارك. ورغم أنه كان أحد أركان النظام أثناء الثورة، ولم يكن بعيداً عن مطبخ صناعة القرار، الذي تسبب بحملة قمع شديدة للمتظاهرين، إلا أن هناك من يروج له رئيساً لمصر، وفي المقابل يرفض شباب الثورة تلك الفكرة من الأساس. غير أنه يلتزم الصمت.

هشام البسطاويسي

المستشار هشام البسطاويسي، هو قاضٍ، ويشغل منصب نائب رئيس محكمة النقض، ولد في 23 مايو عام 1951، وكان من أوائل القضاة المناضلين من أجل إستقلال القضاء في عهد النظام السابق، وتعرض للضرب على أيدي ضباط جهاز أمن الدولة المنحل، وسقط مغشياً عليه، وأصيب بأزمة قلبية حادة، استدعت إجراء جراحة قلب مفتوح له في العام 2005، وقاد أول إضراب للقضاة في الإمارات العربية المتحدة في العام 1992، احتجاجاً على ترحيل قضاة مصريين سياسياً. ورفض تدخل أحد أمراء الدولة في العفو عن أمير ضبط في حالة سكر في الطريق العام، لكن السلطات الإماراتية رفضت التجديد له بعد هذا القرار. وهو من أشد معارضي المجلس العسكري، ومن أنصار الدولة المدنية.

عبد الله الأشعل

أما السفير عبدالله الأشعل، فهو مساعد سابق لوزير الخارجية للشؤون القانونية والمعاهدات الدولية، ويعمل أستاذا للقانون الدولي في الجامعة الأميركية، وصدر له أكثر من أربعين كتابًا، منها كتاب quot;الجدار العازل ومحكمة العدل الدوليةquot;. ويجيد خمس لغات هي: الإسبانية والإيطالية والإنجليزية والفرنسية، بالإضافة إلى العربية. كان من أوائل المصريين الذين أعلنوا ترشحهم لانتخابات الرئاسة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، وكان من المعارضين له، ومن الداعين إلى الثورة عليه.

حمدين صباحي

وينافس النائب السابق حمدين صباحي في الإنتخابات الرئاسية باسم التيار الناصري، وإعتماداً على تاريخ الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ويترأس صباحي حزب الكرامة ذا المبادئ الناصرية، ويحظى بدعم أبناء عبد الناصر، وهو متشبع بالفكر الناصري منذ الصغر، لدرجة أنه أسّس اتحاد أندية الفكر الناصري في جامعات مصر، عندما كان طالباً في كلية الإعلام في جامعة القاهرة. وكان من أشد المعارضين للرئيس الراحل أنور السادات، ثم للرئيس السابق حسني مبارك. انتخب في البرلمان لدورتين متتاليين عن دائرة البرلس ما بين العام 2000 حتى 2010 ، وكان عضوا في مجلس إدارة نقابة الصحافيين. كان من أشد المعارضين لنظام حكم مبارك في البرلمان، وإنطلقت حملات ترشحه للرئاسة في العهد البائد، ويعد بإعادة تطبيق النموذج الناصري في الحكم وإحياء القومية العربية في حالة الفوز بالرئاسة.

أيمن نور

ويعتبر الدكتور أيمن نور أحد أبرز المعارضين لنظام مبارك منذ عام 2005، وهو محام وصحافي، وينتمي إلى أسرة ليبرالية، فكان والده نور عبد العزيز محام وعضو في حزب الوفد، وكان أيمن عضواً بالحزب نفسه أيضاً، قبل أن ينشق عنه وينشئ حزب الغد الذي ترأسه وخاض الإنتخابات الرئاسية في 2005 منافساً لمبارك، وحصل على ثاني أكبر الأصوات، ليكون وصيفاً لمبارك، لكن النظام السابق اتهمه بالتزوير، وحكم عليه بالسجن لمدة سبعة أعوام، ثم أفرج عنه بضغوط من أميركا. وكان نور من أبرز الداعين للثورة والمشاركين فيها، ورغم أنه يحظى بشعبية واسعة، إلا أنه قد لا ينافس في الإنتخابات، نظراً لصدور حكم قضائي ضده في قضية التزوير، ما يعوقه عن ممارسة حقوقه السياسية ومنها الترشح، غير أن 150 نائباً في البرلمان تقدموا بمذكرة إلى المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري للعفو عنه وإسقاط التهم التي لفقها له النظام السابق، بما يمكنه من خوض الإنتخابات.