ليبيون يتظاهرون في طرابلس ضد التقسيم

يأمل السكان في شرق ليبيا بالعودة إلى الفيدرالية، التي كانت سائدة في البلاد قبل حكم العقيد الراحل معمّر القذافي، معتبرين أن هذا يمكن أن يوفر لهم خدمات أفضل للمجتمع وبالتالي يحصلون على حصة أكبر من الغنائم من صناعة النفط في ليبيا، والتي تتركّز بشكل كبير في الشرق والجنوب.


تبحث منطقة شرق ليبيا الغنية بالنفط عن مزيد من الحكم الذاتي، بعد أن لعبت دوراً رئيسًا في عزل الدكتاتور الليبي معمر القذافي. وعندما حوصرت مدينة مصراتة خلال الثورة الليبية في العام الماضي، سيطر الحزن على عدنان البغاثي، الذي فقد أبناء مدينته بعد أن فروا إلى بنغازي - على بعد 20 ساعة من الشرق - باستخدام القوارب.

أما اليوم، فلم يعد يشعر بالحزن، بعد أن تحول إلى غضب تجاه سكان مصراتة، لاعتباره أنهم يحتكرون المناصب العليا في الحكومة الجديدة القائمة على طرابلس مقابل تهميش الشرقيين، الذين قادوا الثورة ضد الزعيم الليبي معمر القذافي.

في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;كريستيان ساينس مويتورquot; إلى أن الليبيين شرق البلاد، الذين هتفوا quot;لا شرق ولا غرب، ليبيا واحدةquot; خلال الثورة، باتوا اليوم يدعمون الحركة السياسية الشرقية الوليدة التي تتجه نحو الاستقلال بعيداً عن طرابلس.

ويوم 6 آذار/مارس، تجمع حوالى 2800 شخص من النشطاء السياسيين والاجتماعيين في أحد مصانع الصابون القديمة بالقرب من بنغازي للإعلان عن تشكيل مجلس موقت من شأنه أن يمهد الطريق لإنشاء حكومة تتمتع بالحكم الذاتي.

العودة الى الفيدرالية؟

ونقلت الصحيفة عن مختار جابر من بنغازي، قوله: quot;نحن لا ترى أياً من ثروات بلادنا النفطية. كل ما نعرفه هو أنه يتم ضخ النفط من تحت أقدامنا ويذهب لدفع تكاليف الرعاية الصحية والتعليم في مكان آخرquot;.

لكن الخطوة الشرقية نحو الاستقلال، قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على الوضع الهش في ليبيا، الذي نشأ على أنقاض حكم القذافي الذي دام 42 عاماً. وفي حين يقول كثير من دعاة هذه الخطوة إن مثل هذا الإنجاز يجب أن يتم من خلال الوسائل الديمقراطية، إلا أن قيام الميليشيات الإقليمية بحمل السلاح للدفاع عن أراضيها قد يغرق البلاد في حرب أهلية جديدة.

بهدف عكس عقود طويلة عانوا خلالها من التهميش، يسعى شرقيو ليبيا إلى وضع شبه الدولة، تملك سلطتها التشريعية الخاصة ونظام المحاكم. وتقوم فيها الحكومة المحلية بالسيطرة على التعليم، والسكن، ووزارات الصحة، في حين سيتم إبقاء الشؤون الخارجية في يد الحكومة المركزية.

ويقول منظم المؤتمر أبو بكر بويرا quot;لقد تم تهميشنا في الشرق والجنوب لمدة 50 عاماًquot;، مشيراً إلى أن كل المناصب الكبرى وفرص العمل والمال في طرابلس، وليس بنغازي.

الملكية السابقة

واختار المشاركون في المؤتمر الذي عُقد في 6 آذار/مارس أحمد الزبير السنوسي لقيادة المجلس الموقت، وهو قريب من الملك الذي أطاح به القذافي في عام 1969. وكان الحكم الملكي سائداً في شرق ليبيا منذ العام 1951 حتى العام 1969 وجاءت النخبة الارستقراطية من المدن الشرقية. وكان السفراء الأجانب يعتبرون بنغازي بمثابة quot;منزلهمquot;.

وعلى مدى السنوات الـ 12 الأولى من النظام الملكي، كانت ليبيا تضم ثلاث جمهوريات: برقة في الشرق، وطرابلس في الغرب وفزان في الجنوب. للتخفيف من حدة المخاوف من أن طرابلس المكتظة بالسكان ستهيمن على المحافظات القليلة السكان في برقة وفزان، دفعت القوى الاستعمارية بشكل من أشكال الحكومات الفيدرالية، مع وجود درجة عالية من الحكم الذاتي الاقليمي.

وتم إلغاء النظام الفيدرالي في عام 1963 بعد أن بدأت ليبيا بضخ النفط. وأطاح القذافي بالنظام الملكي بعد ست سنوات، ما أدى إلى انخفاض مطرد في الحظوظ في شرق البلاد.

وكان العديد من الشرقيين في ليبيا يشعرون بالتفاؤل مع اندلاع الثورة في بنغازي في العام الماضي، وأملوا في استعادة أمجاد الماضي في الاقليم. وأشاد معظم أعضاء الحكومة الموقتة والمجلس الوطني الانتقالي بالمنطقة.

طرابلس تسيطر على البرلمان

وعندما سقطت العاصمة طرابلس، تبددت آمال الشرقيين إذ انتقلت مكاتب المجلس الوطني الانتقالي من بنغازي إلى طرابلس. وتم تخصيص المناصب العليا في الحكومة في مرحلة ما بعد القذافي للطرابلسيين.

وعندما أعلن المجلس عن قانون الانتخابات في شباط/فبراير، حازت طرابلس على 102 مقعد في البرلمان من أصل 200 مقعد، في حين أن برقة لم تحصل سوى على 60. في حين أنه كان من المفترض تخصيص المقاعد لتكون متناسبة مع عدد السكان، تم الاعتماد على تعداد العام 2006، الذي أجري في عهد القذافي.

ويقول فرج القزا، مهندس متدرب في الولايات المتحدة وواحد من المؤيدين لاعتماد النظام الفيدرالي انquot;القذافي تلاعب في الأرقام لخدمة أغراضه الخاصةquot;، مشيراً إلى أنه quot;قام بجلب الناس من تشاد والنيجر ومالي وأعطاهم الجنسية الليبية لخدمة هذه المصالحquot;.

الرئيس الجديد مثل سلفه؟

التكنوقراط ليسوا فقط من يؤيدون الفيدرالية فمن بين الذين حضروا المؤتمر في آذار/ مارس عدد من المنشقين عن الجيش وزعماء الميليشيات الذين قاتلوا للإطاحة بالقذافي.

ويقول المقاتل محمد المسماري، الذي فقد شقيقه خلال الثورة quot;لم نحارب النظام القديم حتى يأتينا آخر جديد ليحكمنا بالطريقة ذاتهاquot;. لكنه نفى عندما سئل عما اذا كان مستعداً للقتال مرة أخرى لتحقيق أهداف الشرقيين. واضاف: quot;نحن بلد واحد وشعب واحد، لكننا نريد حقوقنا، ولن نسمح لطرابلس أن تملي علينا ما تريدquot;.

بدوره يقول محمد الكيخيا، وهو عميد إحدى الجامعات في ليبيا: quot;يجب أن تمر هذه العملية عبر نظام ديمقراطي لإقناع الناس، وهي حركة سلمية، لن يكون فيها أي عنفquot;. لكن آخرين، مثل بويرة يعتبرون أنه quot;إذا لم يتم اعتماد النظام الفيدرالي في جميع أنحاء ليبيا، وإذا بقينا نشعر أن الشرق مهدد، فهناك احتمال انفصالquot;.

هذا الكلام أدى إلى حدوث بلبلة في المجلس الوطني الليبي، إذ شدد مصطفى عبد الجليلي في 6 آذار/مارس على ان المجلس quot;ليس مستعداً لتقسيم ليبياquot;، وعلى الرغم من أنه أتى من الشرق نفسه، تعهد عبد الجليل quot;استخدام القوةquot; للدفاع عن سلامة البلاد.