رسم بياني يظهر نتائج استفتاء إيلاف

طرحت إيلاف من خلال استفتائها الأسبوعي سؤالا ونصه quot;هل تؤيد قيام فيدرالية في ليبيا؟ بعد إعلان استقلال برقة عن ليبيا فيدراليا، وردّ المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الإنتقالي الليبي قائلا إنّ الشعب سيتصدّى لهذا التقسيم كما أتت النتائج رافضة بغالبيتها.


القاهرة: فيما لا يزال الليبيون يحاولون تضميد جراحهم، جرّاء الثورة التي خلفت وراءها نحو 20 ألف قتيل، و 250 ألف مصاب، فضلاً عن تدمير واسع النطاق في البنية التحتية، خرج عليهم أحمد الزبير السنوسي الذي ينتمي إلى العائلة المالكة سابقاً معلناً إستقلال برقة عن ليبيا فيدرالياً، ورد المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الإنتقالي الليبي بقوة على الإعلان، مؤكداً أن الشعب الليبي سوف يقف ضده ولو بالقوة، متهماً دولاً عربية لم يسمّها بالدفع لتقسيم ليبيا، حتى لا تصلها الثورة. ورد السنوسي باللهجة ذاتها، معلناً أن فيدرالية إقليم برقة لا رجعة فيها، وقلل من تهديدات عبد الجليل قائلاً: quot;إذا كانت عنده قوة، فليستخدمهاquot;. مضيفاً في تصريحات صحافية quot;هو أصلا ليس عنده قوة لكي يسيطر على ما يحدث في طرابلس أو على المدن الغربية التي يحدث فيها قتال من حين لآخر بين قبائلها، بينما المنطقة الشرقية مستقرة وهادئة وليس هناك أي قتال بين قبائلها في كافة حدودهاquot;.

قراء إيلاف يرفضون الفيدرالية

وفيما تجري المساجلات بين حكومة ليبيا المركزية في طرابلس بقيادة مصطفى عبد الجليل، وحكومة فيدرالية برقة بقيادة أحمد الزبير السنوسي ابن عم الملك الراحل أدريس السنوسي، استطلعت quot;إيلافquot; آراء القراء في ما يجري، وطرحت عليهم السؤال التالي: quot;هل تؤيد قيام فيدرالية في ليبيا؟ نعم أم لاquot;؟ وجاء رأي الغالبية العظمى من المشاركين في الإستفتاء رافضة لهذه الفيدرالية، ومؤيدة لاستمرار ليبيا موحدة. شارك في الإستفتاء 10488 قارئاً، جاء رأي 8499قارئاً منهم رافضاً للفيدرالية، أي ما يعادل 81.04% من إجمالي المشاركين، وأيدت القلة الفيدرالية بعدد 1989 قارئاً، بنسبة 18.96% من إجمالي المشاركين، وهي نسبة هزيلة جداً مقارنة بالرافضين.

جذور تاريخية

لكن كيف يقرأ الخبراء السياسيون والمتابعون للشأن الليبي إعلان فيدرالية برقة؟ سؤال طرحته quot;إيلافquot; على الدكتور مصطفى اللباد رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية، فقال إن هناك مجموعة من العوامل تقف وراء إعلان إقليم برقة استقلاله في إطار فيدرالية ليبية، وأوضح أن أول تلك العوامل تاريخيّ، مشيراً إلى أن ليبيا في الأساس كانت ثلاثة أقاليم مستقلة، ولم توحد إلا في بداية القرن العشرين، هي ولاية برقة، وطرابلس وفزان، وأضاف اللباد: الجذور التاريخية للإنفصال قائمة، وكان هناك انسجام ما بين قبائل كل إقليم، ورغم أن إقليم برقة هو الأغنى بالنفط، إلا أن نظام القذافي حرم أهله من خيراته، وكانوا هم الأفقر في ليبيا، ولذلك فإن مدن الشرق وقراها وقبائلها بقيادة بنغازي ومصراتة وبرقة هي من قادت الثورة ضد نظام القذافي، وبعد الإطاحة بالنظام وقتل القائد الليبي، تحولت الأنظار عنها إلى الغرب في طرابلس مرة أخرى. وتابع اللباد: تلاقت هذه الأخطاء التاريخية مع أطماع الغرب الأوروبي في نفط برقة أو الإقليم الغربي، ومخططات تقسيم الوطن العربي، ولاسيما في ظل عدم وجود حكومة مركزية قوية لديها مشروع وطني واضح لقيادة البلاد في المرحلة الإنتقالية بعد القذافي، وبالتالي كان الإعلان عن الفيدرالية.

تعامل خاطئ

وينتقد اللباد طريقة معالجة رئيس المجلس الإنتقالي مصطفى عبد الجليل للأزمة، بإعلانه عن إستخدام القوة للقضاء على الفيدرالية وإبقاء ليبيا موحدة، بدلاً من فتح قنوات حوار مع قادة إقليم برقة، ومحاولة تصحيح الأخطاء التاريخية بحق أهله، وإحتوائهم، وبالتالي جاء الرد من برقة متحدياً له، ما يهدد بعواقب ليست في صالح ليبيا.
ويدعو اللباد مصر والدول العربية إلى لعب دور واضح في التوفيق بين الأطراف الليبية، معتبراً أنه ليس هناك أية جولة عربية تؤيد تقسيم دولة أخرى، ولكنها مخططات خارجية تتلاقى مع مشاكل وأزمات متجذرة يجيد إستغلالها الغرب في أوقات محددة.

مخطط للتقسيم

ولم تذهب الدكتورة أماني الطويل الخبيرة في الشؤون الأفريقية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بعيداً، لكنها أكدت وجود مخطط غربي لتقسيم الدول العربية وتفتيتها إلى دويلات صغيرة، وقالت لـquot;إيلافquot; إن ليبيا كانت مقسمة بالأساس إلى ثلاثة أقاليم، مشيرةً إلى أن الإستعمار الإيطالي ومن بعد النظام الملكي، ثم القذافي تعاملوابتجاهل شديد للزعماء المحليين، وتجاهلوا منح أهل الأقاليم الغربية في ليبيا حقهم في ثرواتها، لا سيما أنها غنية بالنفط، وأضافت الطويل أن إعلان الفيدرالية جاء بسبب مشاكل لها جذور تاريخية في ظل غياب دولة القانون وعدم وضوح الرؤية لدى المجلس الوطني الإنتقالي.

أخطاء المجلس الإنتقالي

وأوضحت: المجلس الوطني الإنتقالي ارتكب حزمة من الأخطاء في طريقة التعامل مع القبائل والمناطق بعد مقتل القذافي، أخطرها محاولة جمع السلاح من أيدي المقاتلين والقبائل على الطريقة الأميركية أو السلاح مقابل المال، هي طريقة غير مجدية، لاسيما في ظل اعتزاز القبائل بامتلاك السلاح، خاصة في المرحلة الإنتقالية التي تتسم بالإنفلات الأمني وعدم الإستقرار، وانتشار فلول النظام السابق، وتهديدهم الأمن بشكل واضح، بالإضافة إلى الإعلان عن الإنتخابات قبل إصدار قانون الأحزاب السياسية، ومحاولة دمج زعماء القبائل في الحياة السياسية بشكل يحفظ لهم هيبتهم.

ووصفت الطويل ردود فعل المجلس الوطني الإنتقالي حيال إعلان فيدرالية برقة بأنها لم تكن موفقة على الإطلاق، وقالت: كان يجب على المستشار مصطفى عبد الجليل، الإعلان عن فتح حوار مع زعماء برقة، لا سيما أن الإنفصال له أسباب متجذرة، فضلاً عن الأسباب الإقتصادية، داعية إلى إيجاد آليات للحفاظ على ليبيا موحدة، ولكن من دون هضم حقوق الأقاليم الغنية بالنفط، والتي عانت الظلم لسنوات طويلة.

كما انتقدت الطويل طريقة تعاطي المجلس الإنتقالي مع أزمة الأمازيغ، وقالت إن هناك أزمة أخرى قد تظهر قريباً في ليبيا بسبب الخطأ في التعامل معها، مشيراً إلى أنها أزمة الأمازيغ الذين طالبوا بحقهم في الممارسة السياسية وثروات البلاد أو الإنفصال في فيدرالية، وبدلاً من الحوار معهم، جرت حملات اعتقال واسعة في صفوفهم.

للتذكير

وللتذكير، كانت شخصيات من قبائل المنطقة الشرقية لليبيا، قد أعلنت بتاريخ 6 آذار (مارس) الجاري، منطقة برقة التي تمتد من مدينة بني جواد حتى أمساعد نقطة الحدود الليبية ـ المصرية إقليماً فيدرالياً، وأعلن عن تشكيل مجلس تأسيسي له برئاسة الشيخ احمد الزبير الشريف السنوسي، وأصدر المشاركون في مؤتمر التأسيس الذي عقد بمشاركة قرابة 3000 شخص من أهل برقة، ميثاق برقة للعيش المشترك لسكان هذا الإقليم الذين يطالبون بالعودة إلى الدستور الملكي الذي يعتمد على تقسيم البلاد إلى ثلاثة أقاليم، هي: برقة وفزن وطرابلس.