رأى المفكر السوري حسين العودات، أن الأزمة السورية أصبحت متعددة الجوانب وشاملة ومعقدة جداً، ولا يمكن حلّها إلا بتغيير شامل للنظام السياسي، إيديولوجياً وسياسياً وإدارياً واقتصادياً واجتماعياً.


المفكر السوري حسين العودات

دمشق: شدّد المفكّر السوري حسين العودات، القيادي في هيئة تنسيق قوى التغيير الديمقراطي المعارضة على ضرورة تغيير بنية النظام كبداية لهذا التحوّل، ونبّه من ابتعاد الأمم المتحدة والجامعة العربية عن ملامسة جوهر الأزمة السورية، واهتمامها حالياً فقط بحل القضايا الإنسانية والإغاثة، على أهميتها، وإهمالها للمطالب السياسية الملحة.

وحول مهمة المبعوث الأممي كوفي أنان، المكلف بالملف السوري والمبادرة التي يحملها وبيانات مجلس الأمن التي يتم بحثها الآن، قال العودات الناطق باسم الهيئة: quot;هذه المبادرة وغيرها هي تحركات سياسية ودبلوماسية ولكن لن يكون لها نتيجة جدّية في حل الأزمة السورية لسببين رئيسين، الأول أن القضية الرئيسة في هذه المبادرات هي وقف العنف، ويعني وقف العنف سحب الجيش وترك التظاهرات السلمية في الشوارع وترك الناس يعبرون عن آرائهم، وهذا ما يرفضه النظام السياسي السوري رفضاً مطلقاً، لأنه يقول إن هناك عصابات مسلحة هي التي تضطره إلى استخدام القوة العسكريةquot;.

وتابع quot;السبب الثاني هو الحوار الذي تشير إليه هذه المبادرة، الحوار كلمة عامة وغير واضحة، فالحوار بنظر السلطة هو أن تذهب المعارضة إلى السلطة من دون أي شروط مسبقة وتقبل معها بالقرارات التي صدرت والتي أسمتها قرارات إصلاحية، أما المعارضة فتقول إن أي حوار له جانبان، الجانب الأول هو إيجاد مناخ مناسب للحوار، وهذا يعني سحب القوات الأمنية والعسكرية من القرى والمدن والسماح بالتظاهر السلمي وإطلاق كافة المعتقلين السياسيين وهم عشرات الآلاف وإحالة المرتكبين الذين قتلوا ونهبوا وعذّبوا وأحرقوا البيوت إلى المحكمة، أما الجانب الثاني فهو مضمون الحوار نفسه، والمعارضة تؤكد أنه لا يمكن إلا أن يكون حول كيفية تغيير النظام السياسي إلى نظام ديمقراطي تعددي تداولي، والاتفاق على المدة اللازمة لهذه المرحلة الانتقالية، والجهة التي تشرف عليها، والصلاحيات الممنوحة لها، ولابد أن تُسحب الصلاحيات من الرئيس وتُعطى لحكومة انتقالية حتى لو كانت حكومة وحدة وطنية، ليكون الحوار بالنتيجة حول نقطة واحدة وهي كيفية انتقال السلطة وهذا ما ترفضه السلطة أيضاً رفضاً مطلقاًquot;.

وأضاف quot;الأمران الرئيسان وهما وقف العنف وإجراء حوار جدي ترفضهما السلطة، فأي فائدة من كل هذه المبادرات، ولا يبقى منها إلا الجوانب الأخرى الإنسانية والإغاثية، وهي أمور مكمّلة للأزمة السياسية ولا تحل هذه الأزمة، ويبدو أن التوجه الدولي يتوجه الآن نحو القضايا الإنسانية، حتى مهمة كوفي أنان مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية أصبحت تتوجه نحو حل قضايا إنسانية وليس نحو حل جوهر الأزمة، ومجلس الأمن سيبحث اليوم هذا الأمر، أي ليس جوهر الأزمة وإنما المساعدة في حل القضايا الإنسانية في سوريةquot;.

وفيما إن كان هناك اتصالات بين الهيئة والسلطة السورية قال quot;لم نتواصل مع النظام السوري، وليس لدينا أي تواصل حالي، ولهذا السبب الأزمة معقّدة للغاية، الطريق مسدودة حتى الآن من دون أي شكquot;. وحول تواصل النظام السوري مع أطراف المعارضة الأخرى قال quot;لم يفتح النظام حواراً مع أحد، وهو أساساً لا يعترف بالمعارضة السورية، هو لا يعترف إلا بالمعارضة الموالية له والتي صنعها خلال سنة من عمر الأزمة، وهي موالاة وليست معارضة، أما فئات المعارضة الأخرى كبُرت أو صغُرت فإنه يرفض التواصل معهاquot;.

وترفض الهيئة إجراء أي حوار مع النظام السوري وتضع عدة شروط لقبول التفاوض معه، أهمها توفير المناخ المناسب والذي يتمثل بسحب القوات العسكرية والأمنية من المدن وإطلاق سراح كافة المعتقلين ومحاسبة جميع قادة أجهزة الأمن المسؤولين عن القتل والعنف، ثم تحديد طبيعة المفاوضات والتي يجب أن تفضي إلى تغيير النظام إلى نظام ديمقراطي تعددي تداولي، ومراقبتها عربياً ودولياً.

وعن رؤيته للمدخل الممكن لحل الأزمة في سوريا، قال quot;لابد أن يبدأ النظام الخطوة الأولى، أن يبدأ بالعمل على إيجاد ثقة ما به من قبل الناس، يبدأ بسحب الجيش من الشوارع والأحياء والقرى والمدن، ويوقف العنف والقتل والسجن والتعذيب، وإلا كيف يمكن أن تُحلّ المشكلة، يزعم النظام أن هناك عصابات ومؤامرة كونية مركّبة وإرهابيين وغيرها، وكل هذا لا معنى له، عليه أن يعترف بوجود المعارضة ويقبل التفاوض على المرحلة الانتقالية، الخطوة الأولى من السلطة السياسية يجب أن تبدأ وإلا لا حلquot;.

وأضاف quot;بالإضافة إلى الخطوة الأولى التي يجب أن يخطوها، على النظام السوري أن يقبل بتسوية تاريخية شاملة وكاملة، وهو للأسف لا يريد لا تسوية تاريخية ولا يريد وقف العنف ولا أي شيء جدّي، يريد بعض الإجراءات الشكلية والصورية، كقانون الأحزاب وقانون الانتخابات والدستور الجديد الذي أصدره مؤخراً وكلها لا تعني أي شيء ولم تغير أي شيء في الأزمة بل زادتها تعقيداً لأنها كلها قرارات من جانب واحد مفصّلة على مقاس النظام وترفضها المعارضة والشعب عموماً.

وتابع quot;الأزمة في سوريا أصبحت متعددة الجوانب وشاملة ومعقدة جداً، وبالفعل لا يمكن حلها إلا بتغيير شامل للنظام السياسي، إيديولوجياً وسياسياً وإدارياً واقتصادياً واجتماعياً، بكل مجال، يجب البحث في تغيير بنية النظام نفسه، وهذا الأمر يقتضي بالفعل أن تبدأ الخطوة الأولى من النظام ويعترف بما جرى ويتنازل عن صلاحياته لحكومة انتقالية أو غيرها، ويُبنى نظام جديد في سورياquot;.

وحول كيفية فرض مثل هذا الحل في ظل تشتت المعارضة السورية وانقسامها في الأساليب والأهداف، قال quot;لا بد أن تتوحد المعارضة السورية، أن توحد برامجها، وأن توحد علاقاتها بالحراك الشعبي وأن يكون هناك قيادة موحدة توجه كل هذا الحراك في داخل الحدود داخل البلاد، وهذا هو الذي يمكن أن يفرض الحل، أما الآن فالمعارضة مبعثرة منقسمة وبرامجها إما غير موجودة أو متناقضة، وكل طرف معارض يتقرب من جهة ما، والمعارضة الخارجية صارت شتاتاً، وسياسات الدول الأخرى تبحث عن مصالحها في بعض التكتلات المعارضةquot;.

وهيئة التنسيق التي عُرفت عموماً بأنها تمثل معارضة الداخل، ترفض التدخل العسكري الأجنبي، ولا تعتبر التدخل العربي أجنبياً، وتقبل بالمقابل بتدخل الأمم المتحدة والجامعة العربية وجميع منظمات حقوق الإنسان لحماية المدنيين وفق القوانين الدولية.

وعن احتمال قمع الحراك الشعبي نتيجة ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية للنظام على الأرض وانقسام المعارضة قال quot;تزداد الأزمة السورية تعقيداً، وهذا كله يزيد الحراك الشعبي ولا يؤثر سلباً فيه بل على العكس يزيد الأمور اشتعالاً، الأمر الآخر هناك مخاطر لا يراها الكثير من الناس، وهو أن سوريا مقبلة على صراع عسكري، والصراع العسكري سيدمّر البلد بكاملها بما فيها النظام، والنظام حتى الآن لا يصدّق أن هذا الصراع العسكري سيدمره أولاً، هذا الصراع سيدمر النظام والدولة والمنشآت والمؤسسات، بل سيدمر سوريا بكاملها كدولة، والنظام لا يرى شيئا ولا ينظر أبعد من أنفه، مازال يعيش في وهم أن الحل الأمني والعسكري سيوصله إلى نتائج، وهذا بطبيعة الحال أمر غير صحيح، قصر النظر والجهل السياسي لدى النظام هو الذي سيودي به ويجعل الأمور أكثر تعقيداًquot;.