بيروت: تلازم حالة من القلق الكثير من النازحين السوريين فى لبنان تجاه مستقبل بلدهم والحلول القريبة لأزمته رغم انطلاق مهمة المراقبين الدوليين دون أن يفقدوا الأمل في العودة اليه مرة أخرى عندما يستقر الوضع.

ويرى الكثير من النازحين السوريين فى لبنان فى مقابلات أجرتها معهم وكالة أنباء ((شينخوا)) أن فرص الحل السلمي في بلدهم ضئيلة جدا ، وان عمل المراقبين الدوليين لن يوقف العنف بشكل نهائي.

ووصل فريق طليعي تابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي الى سوريا لمراقبة تنفيذ وقف اطلاق النار الذي توسط فيه المبعوث الأممي العربي المشترك كوفي أنان.

ومع انطلاق مهمة فريق المراقبين ، يأمل نازحون سوريون الى لبنان أن تنتهى الأزمة سلميا ويتوقف مسلسل العنف الدموي لكي يتمكنوا من العودة إلى مدنهم وقراهم التي هجروها.

ولا يخفي الكثير من النازحين السوريين الذين يعيشون في مدن وقرى شمال لبنان والبقاع شرق لبنان تأييدهم للتيارات السياسية الإسلامية منها أو العلمانية ، في حين أن منهم من يؤكد أنه لا تربطه أي علاقة بأي حزب أو جهة معينة ويعتبر نفسه محايدا ولكنه مؤيدا لمطالب quot;الثورةquot;.

ويبدو واضحا أن السوريين الذين يحملون فكرا إسلاميا أكثر ميلا لاعتماد الخيار العسكري في مواجهة النظام ، في حين يبدي من يصنفون أنفسهم أنهم من الطبقة المثقفة وذات توجه علماني مرونة في التعاطي مع مبادرات الحل السلمي.

ويشجع المنتمون للفريق الثاني أي حل يوقف القتل ويؤدي إلى تحقيق مطالب الشعب السوري بالحرية والديمقراطية ، وان كانوا قلة مقارنة بعموم النازحين الذين ما زالوا إلى اليوم يرفضون فكرة الحوار مع النظام ويطالبون بإسقاطه.

وقال أبو محمد (45 عاما) المقيم في أحد الأحياء الفقيرة في طرابلس كبرى مدن شمال لبنان، وهو نازح منذ سبعة أشهر من مدينة حمص القريبة من الحدود السورية اللبنانية، quot; لا يوجد حل سلمي مع نظام بشار الأسد، ويجب عليه أن يرحل بسرعة، لأننا لن نتراجع عن مطلبنا في إسقاطهquot;.

وأضاف quot;أنا مسلم سني وملتزم بتعاليم ديني، ولست عضوا في حركة الأخوان المسلمين ولا في اي تيار إسلامي اخر، ولكني متعاطف معهم ومؤيد لنهجهم وفكرهمquot;.

ويمضي أبومحمد قائلا quot; سابقا لم يكن مسموحا في سوريا لهذه التيارات الإسلامية ان تمارس اي نشاط، ولكن بعد سقوط النظام سيكون العمل مسموحا لها، ولن أتردد في الانتماء الى حزب سياسي إسلاميquot;.

وأدت الاضطرابات التي تشهدها عدة مناطق في سوريا منذ أكثر من سنة الى لجوء أعداد من السوريين الى البلدان المجاورة مثل تركيا ولبنان والأردن.

وأعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين في لبنان أمس السبت عن وجود 22 ألف نازح سوري في لبنان بارتفاع قدره 2000 نازح عن تقديرات الأسبوع الماضي.

وذكرت المفوضية، في تقريرها الاسبوعي، أن التقديرات تشير إلى أن وجود النازحين يتركز في الشمال، إضافة إلى وجود نحو 8,500 نازح سوري في منطقة البقاع سيتم تسجيلهم من خلال البلديات المحلية.

وأضاف التقرير أن هناك بعض التجمعات المحدودة للنازحين المقيمين في منطقة بيروت من بينهم أكثر من 700 شخص قد تم تسجيلهم من قبل المفوضية.

ومع دخول وقف العمليات العسكرية حيز التنفيذ في الثاني عشر من ابريل الجاري ، دعت سوريا مواطنيها الذين غادروا منازلهم الى مناطق أخرى داخل البلاد أو الى دول مجاورة جراء الأحداث التي تشهدها سوريا منذ أكثر من عام ، الى العودة لبيوتهم.

وأنعش وقف اطلاق النار آمال الكثير من النازحين السوريين بعودة قريبة الى بلدهم الا ان منهم من رهن عودته برحيل النظام.

وقال ابو طارق زيد (50 عاما) من محافظة درعا : quot; لقد هربنا الى لبنان لأننا كنا ضد النظام ، ولن نعود قبل أن يرحلquot;.

ويضيف زيد quot; اليوم هناك مبادرات في سوريا لحل الأزمة، ولا أعتقد أن الأمور قد تتجه نحن الحل ، لأن الوضع في سوريا وصل الى مرحلة صعبة من التأزيم، ولم يعد بالامكان التعايش بين النظام والمعارضة بعد هذا العدد الكبير من القتلى والدمارquot;.

وتشهد عدة مدن سورية منذ نحو 13 شهرا تظاهرات، مناوئة للنظام، ترافقت بسقوط قتلى من المدنيين والجيش وقوى الأمن.

وتؤكد سوريا انها تتعرض لـquot;مؤامرة خارجية تنفذها عصابات مسلحةquot; ، تستهدف امنها واستقرارها، في حين تتهم المنظمات الدولية والانسانية قوات الجيش السوري بممارسة العنف المفرط في قمع الاحتجاجات.

ويرى أبو فراس عثمان (35 عاما) من ادلب ان الوضع في سوريا بات صعبا للغاية رغم كل المحاولات لحل الازمة ، لأن هناك سلاحا بات في أيدي الشعب ، وهذه مسؤولية النظام في الدرجة الأولى كونه لم يتجاوب مع المطالب الشعبية وأصر على quot;قمعquot; المتظاهرين.

وقال quot;في سوريا اليوم تيارات سياسية متعددة ولكل واحدة منها وجهتها وانتماءاتها الدولية ، فضلا عن وجود مجموعات لا تأتمر لاحد وتعمل لمصالح لا نعرفها، اضافة الى وجود تيارات اسلامية، وانا مع التعددية ولكن ضد التطرف والتعصب، ومع نظام ديمقراطي يتيح لكل أبناء الشعب التعبير عن رأيهم واختيار من يرونه مناسبا لقيادة بلدهمquot;.

ويمضي قائلا انه quot; في حال استمرار الوضع على ما هو عليه ، ولم يحصل أي تقدم ملموس ، فأنا أرى أن الأمور ستعود الى نقطة الصفر ، ولن تستمر هذه الهدنةquot;.

واعرب النازح السوري احمد عليان (65عاما) ،وهو المهجر من ادلب مع عائلته المؤلفة من 8 أفراد،الى احدى قرى البقاع الشرقي،عن تشكيكه بدور فريق المراقبين الدوليين الذين باشروا أعمالهم منذ ايام في مراقبة وقف اطلاق النار.

وقال quot;لا نأمل خيرا من هذه الخطوة،ولا نعول عليها الكثير،لأن نظام بشار الأسد قادر فعلا على الحد من مهامها وفعاليتهاquot;.

كلام عليان هذا يردده الكثير من المهجرين السوريين ،والذين يراقبون في هذه الفترة التطورات الميدانية في بلدهم بكل لهفة ،عبر وسائل الإعلام او عبر هاربين جدد من سوريا الى لبنان.

وقالت ام فراس عليا الزغيبي وهي التي قتل زوجها منذ 5 اشهر خلال معارك بابا عمرو ، تاركا خلفه 6 اولاد اكبرهم في الثانية عشرة ، انه quot; مع كل تطور جديد في بلدنا سوريا نحاول ان نتفاءل لعلها تحمل لنا اخبارا سارة ، ولكن فترة التفاؤل هذه تكون قصيرة دائما،ليعود التشاؤم من جديدquot;.

وتضيف ام فراس quot;النظام لم يتنازل ابدا خاصة بعدما اعتقد انه انتصر في معظم مواجهاته مع المعارضة والجيش السوري الحر ، وهذا يعقد الأزمة ويجعلها تطول اكثر مما يعتقد البعضquot;.

واعرب شاب سوري في الثلاثين من عمره عرف عن نفسه بأسم مجاهد عنيد، تمكن من اجتياز الحدود الى البقاع اللبناني قبل يومين، عن أسفه للوضع السائد في سوريا مع إنتشار المراقبين الدوليين حيث لا تزال الأوضاع الأمنية على حالها دون اي تبديل يذكر.

وقرر مجلس الأمن الدولى أمس السبت بالإجماع الموافقة على نشر ما يصل الى 300 مراقب عسكرى أممى غير مسلح فى سوريا ، بهدف مراقبة وقف إطلاق النار الهش بين قوات الحكومة السورية ومقاتلى المعارضة المسلحين.

ويرى مرعب الغضبان صاحب شركة مقاولات في حمص ترك سوريا الى لبنان مع عائلته المؤلفة من 9 افراد quot;ان العودة الى سوريا باتت بعيدة المنال،فالصراع تجاوز اطاره المحلي الى الدولي،فالساحة السورية مفتوحة على كل الإحتمالات،فلا نظام ظالم ولا معارضة مظلومة،بل محاسبة دولية غربية لبشار الأسد الذي وقف ولا زال الى جانب القوى الممانعة والمناهضة لأسرائيلquot;.

واستطرد الغضبان quot; نحن من هجر الى لبنان لسنا جميعا مع المعارضة بل فئة كبيرة مع بشار الاسد ونظامه، ونكن كل احترام وتقدير للدول الداعمة لبشار الأسد،ونحن على قناعة بان امريكا وحلفاءها سيعرقلون اية حلول سلمية لذا نرى ان المشكلة السورية بعيدة عن حلول قريبة quot;.

واشار هيثم المعلا والقادم حديثا من سوريا الى لبنان ، الى quot;ان هناك املا ضعيفا بقدرة المراقبين الدوليين على لجم الوضع ، لكننا ننتظر بفارغ الصبر ما ستحمله لنا الأيام القادمة من اخبار،وان كنا غير متفائلين بالمستقبل ،فليس باليد اي حيلة وعلى الجميع الرضوخ للواقع، بشار الاسد لن يسقط كما يبدو ،ولا نستطيع البقاء لاجئين في لبنان او تركياquot;.