شكلت نتائج الانتخابات في كل من فرنسا واليونان وخسارة حلفاء الرئيس الأميركي صدمة لبارك أوباما الذي بات يواجه مخاطر تتعلق بالاقتصاد ورسالة تهدد مستقبله السياسي.


جاءت الرسالة التي تضمنتها نتائج الانتخابات التي جرت مؤخراً في اليونان وفرنسا، والتي بدت حادة ومناهضة للقادة الحاليين، لتحمل تهديداً لفرص تعافي الاقتصاد الأميركي وتشكل تحذيراً سياسياً للرئيس باراك أوباما، الذي قد تتوقف احتمالات إعادة انتخابه على ما إن كان بمقدوره تحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد أم لا.

فقد رفض الناخبون في اليونان كلا الحزبين السياسيين الرئيسيين في ظل تردي الأوضاع المالية هناك. وفي فرنسا، أطاح الناخبون المنقسمون بالرئيس نيكولا ساركوزي لصالح زعيم اشتراكي هو فرانسوا هولاند، مثله مثل أوباما، يعتقد أنه قد تم التركيز بشكل كبير للغاية على تدابير التقشف على حساب محاولات حفز النمو.

وفي هذا الصدد، لفتت اليوم صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أن الخطر الوشيك الذي يهدد أوباما هو أن الغموض السياسي الذي طفا على السطح يوم أمس الاثنين سوف يستغرق ربما عدة أشهر حتى ينقشع. وهو ما رأت الصحيفة أنه قد يُصَعِّب من مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تشهدها القارة، ما قد يؤدي ربما إلى تقويض الشؤون المالية للعديد من الحكومات الأخرى وكذلك إلى هز الأسواق العالمية.

تحديات تنتظر أوباما بعد نتائج الانتخابات الفرنسية واليونانية

وتابعت الصحيفة بتأكيدها أن النتيجة قد تهز الانتعاش الأميركي الهش بالفعل، والذي يشكو أوباما من تأثره جراء ضعف الاقتصاد في منطقة اليورو التي تعتبر واحدة من الواجهات الرئيسية للصادرات الأميركية. وأعقبت الصحيفة بقولها إن تلك الموجة الجديدة من الشلل السياسي التي عطلت تعافي أوروبا أو أثارت تساؤلات حول اتفاقية التقشف التي تم التوصل إليها العام الجاري للمساعدة في إنقاذ اليونان سوف تؤدي ربما إلى تباطؤ وشيك لنمو الاقتصاد الأميركي وتوفير فرص العمل، وذلك في الوقت الذي ستؤدي فيه كذلك إلى إرباك أسواق الأسهم والسندات.

وفي حديثه مع الصحافيين أمس، قال جاي كارني، المتحدث الصحافي باسم البيت الأبيض quot; مازال يواجه اقتصادنا قدراً من الرياح المعاكسة، وأزمة منطقة اليورو جزء منهاquot;.
وفي ظل النقاش المحتدم الذي تشهده القارة العجوز بشأن الخلاف القائم بين مؤيدي ومعارضي تدابير التقشف، أوضحت الصحيفة أن وجهة نظر أوباما في ذلك الأمر تتلخص في أن زيادة الإنفاق وإتباع سياسة نقدية أكثر مرونة سيساعدان في تعزيز التعافي والانتعاش على المدى القصير. وهي الرسالة التي حظيت بأصداء واسعة في دوائر السياسة الأوروبية، وبخاصة في الانتخابات الرئاسية التي جرت أول أمس في فرنسا، والتي فاز بها فرانسوا هولاند، أول مرشح اشتراكي يصل للحكم في البلاد منذ رحيل الرئيس السابق، فرانسوا ميتران، عن السلطة في العام 1995.

هذا وسيتم تحديد المسار الذي ستسلكه أوروبا خلال الفترة المقبلة، بشكل جزئي، من خلال الحكومة اليونانية المقبلة، وكذلك هولاند، الذي حدد عدداً من الطرق الخالية من الإنفاق الجديد للتخفيف من حدة المصاعب الاقتصادية التي نتجت عن تدابير التقشف.

وينتظر أن يكون لأوباما رأي في هذا الشأن حين يجتمع قادة الدول الثماني الكبرى خلال الأسبوع المقبل في كامب دافيد. وقد يجد نفسه هناك يقوم بدور الوسيط بين هولاند وميركل.

وأضافت الصحيفة أن هدف أوباما، بالنسبة للاقتصاد الأميركي وبالنسبة لمصلحته السياسية الخاصة، سيتمثل في الحيلولة دون تفاقم أزمة ديون منطقة اليورو التي تسببت بالفعل في إثارة تساؤلات بشأن مستقبل الاتحاد الاقتصادي. وقال في هذا الصدد جوستن فيز، مدير الأبحاث الخاصة بالولايات المتحدة وأوروبا لدى معهد بروكينغز :quot; قد يكون هولاند حافزاً لتوافق جديد في الآراء يكون أكثر توازناً تجاه النمو عن الاتجاه السابقquot;. وذلك في الوقت الذي ينظر فيه البعض من زاوية تشاؤمية وأقل يقيناً تجاه فوز هولاند ورفض الناخبين اليونانيين لأحزابهم السياسية الرئيسية.