دمشق: بعد اعتبار المعارضة الخارجية السورية روسيا طرفاً في النزاع الدائر داخل البلاد عبر دعمها المباشر للنظام السوري، لم يبق أمام المعارضة الخارجية سوى الصين، لاستمالتها وإبعادها عن المحور الروسي الصيني المتحالف مع النظام، فقام وفد من المجلس الوطني السوري برئاسة د. برهان غليون وعضوية جورج صبرة وأحمد رمضان ونجيب الغضبان وعبد الأحد اصطيفو وعالية منصور بزيارة إلى العاصمة الصينية بكين.

وبحسب بيان تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه، عَقد الوفد مباحثات مع نائب وزير الخارجية الصيني الذي أكَّد أن الصين صديقة لكل السوريين وليست صديقة لشخص بعينه، وأن حكومته تبذل جهوداً جادة لدى الحكومة السورية لوقف العنف. وأكدت الصين أن الشعب هو سيد التاريخ، مُشيرة إلى أنها تدعم الحل السياسي ومبادرة كوفي عنان. ونفى نائب وزير الخارجية الصيني وجود مصالح أنانية أو كبرى للصين في سورية، موضحاً أنها تنطلق بمواقفها من مبدأ رفض التدخل الخارجي ومن مصالح الشعب السوري.

وفد المجلس الوطني عقد لقاءً مع مدير دائرة الاتصال الخارجي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، شرح خلاله حقيقة ما يجري في سورية وخروقات النظام المستمرة لوقف إطلاق النار. وأكد الوفد أن نظام الأسد لطالما رفض الاستماع إلى مطالب الشعب السوري واستخدم القوة المفرطة للرد على مطالب المواطنين بالحرية والكرامة.

والتقى بعد ذلك وفد المجلس وزير الخارجية يانغ جيتشي الذي أكَّد أنَّ الصين تقف مع الشعب السوري رافضاً أي تدخل عسكري في سوريا انطلاقاً من التزام الصين بميثاق الأمم المتحدة، ومعتبراً أن مبادرة عنان هي المَخرج الواقعي لحل الأزمة السورية. وأشار الوزير إلى أن الحلَّ السياسي في الظروف الراهنة هو الأقل كلفة ويتوافق مع مصالح الشعب السوري. ودعم الصين لتنفيذ القرارين 2042 و2043 وقيام الأمم المتحدة بما يَلزم لتنفيذ هذين القرارين وإرسال مراقبين إلى سوريا. وأنَّ الصين ترفض وضع أي شروط مسبقة على أي حوار، وتدعم أي حل يلتزم بمصالح الشعب السوري. وشدد على ضرورة تعزيز تواصل المجلس الوطني مع الحكومة الصينية ووَعَدَ بدراسة طلب المجلس فتح مكتب رسمي له في الصين، وختم بالقول أن هناك قاعدة ذهبية لا تتغير وهي أن على الحُكَّام والأنظمة التجاوب مع مطالب الشعوب.

لقاء المجلس الوطني مع الوزير الصيني استمر لمدة 140 دقيقة بدل 60 كما كان مقرراً، حيث وجد تفاعلاً صينياً، وتصحيحاً للصورة المغلوطة عن الثورة السورية والمجلس الوطني حيث كان يعتقد أن المجلس والثورة تنتمي إلى لون وطيف واحد من مكونات الشعب السوري. ووعد الصينيون بالضغط على النظام السوري لتطبيق مبادرة عنان، وفي حال عدم التزامه بخطة عنان فإنهم لن يقفوا مع النظام.

وأكد وفد المجلس الوطني السوري على نقاط رئيسية منها:

أولاً: المجلس الوطني مع خطة عنان والتي تنص على آلية سياسية سلمية لإقامة نظام ديمقراطي كامل في سوريا، ولكن يجب أن يكون للخطة جدول زمني، وأن تُحقق نجاحاً واضحاً على الأرض يبدأ بوقف القتل، وأن يكون لها هدف واضح هو رحيل النظام الاستبدادي.

ثانياً: يجب أن تُدعم الخطة بضغط جدِّي على النظام السوري يتمثل بفرض عقوبات مُلزمة وفق البند السابع لميثاق الأمم المتحدة، والتهديد الجاد باستخدام القوة إن لم يكن استخدامها فعلاً.

ثالثاً: التفاوض لإقامة نظام ديمقراطي هو البند الأخير في الخطة الدولية العربية، وبالتالي لن تجري هذه المفاوضات إلا بعد وقف القتل وسحب الجيش من المدن والإفراج عن المعتقلين وضمان حرية التظاهر وحرية تحرك المراقبين والصحافيين ومنظمات الإغاثة.

رابعاً: تمَّ تبليغ الصين أن خطة عنان لن تكون مفتوحة زمنياً وإنما يجب أن يكون هناك سقفا زمنيا، وأن يكون هناك تحركا حاسما من مجلس الأمن والمجتمع الدولي لمواجهة احتمال إفشال النظام للخطة، وهو احتمال أكثر ترجيحاً.

يذكر أن التقارب الصيني مع المجلس الوطني السوري أصاب النظام بحالة من الارتباك والتوتر بعد التسريبات التي تحدثت عن هذا تقارب الصين من مواقف المعارضة الخارجية، حيث سبق أن لعبت الصين دوراً مهماً مع المعارضة الداخلية، وتعد من أهم الداعمين والمقربين من معارضة الداخل، ما يرشح الصين مستقبلاً للعب دور الوسيط المقبول لدى المعارضة، الداخلية والخارجية على حد سواء، من جهة، والنظام السوري من جهة أخرى.