أصبح الأميركيون الآسيويون الآن الجماعة العرقية الأسرع نموًا في الولايات المتحدة، متخطين ذوي الأصول الأميركية اللاتينية، كما أظهر تقرير جديد من مركز بيو للأبحاث.


إعداد عبد الإله مجيد: قال التقرير إن الأميركيين الآسيويين هم حاليًا الجماعة العرقية أو الإثنية التي تتمتع بأعلى مستوى تعليمي وأعلى دخل في اقتصاد يزداد اعتمادًا على أصحاب المهارات.

ويبين التقرير أن الآسيويين الأميركيين، الذين ينحدرون من عشرات البلدان في الشرق الأقصى وشبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا، هم الأحسن تعليمًا بين الجماعات المهاجرة في تاريخ الولايات المتحدة. ورغم وجود اختلافات كبيرة حسب البلد الأصلي، فإنهم على العموم أصابوا حظًا وفيرًا من النجاح في وطنهم الجديد.

وقال بول تايلور نائب الرئيس التنفيذي لمركز بيو إن هؤلاء الآسيويين ليسوا تلك الجماهير الفقيرة المنكهة، المحشورة في أكداس، كما صورتهم إيما لازاروس في العبارة المنقوشة على تمثال الحرية.

وأضاف تايلور أنه من المرجّح أن تغير منجزات الوافدين الآسيويين الجدد نظرة الكثير من الأميركيين إلى المهاجرين، لا سيما أن ديدنهم هو العمل المثابر، على أمل أن يعيش أطفالهم وأحفادهم حياة أسهل، ويحققون نجاحًا أكبر في الولايات المتحدة.

بالنسبة إلى الآسيويين الأميركيين، وخاصة الذين وصلوا في السنوات الأخيرة، فإن الجيل الأول نفسه جيل ناجح يتفوق على الأميركيين بصفة عامة في مستوى التعليم ودخل العائلة وثروتها، بحسب تقرير مركز بيو.

كما يميل الأميركيون الآسيويون إلى أن يكونوا راضين عن حياتهم أكثر من غالبية الأميركيين، ويحملون آراء تقليدية أكثر من الجمهور الأميركي العام بشأن قيمة الزواج والأبوة والعمل المجتهد. وعمومًا فإن الأميركيين الآسيويين يفضلون أكثر من الأميركيين الآخرين قيام الدولة بدور أكبر في توفير الخدمات. كما إنهم يميلون إلى تأييد الحزب الديمقراطي، وغالبيتهم تنظر باستحسان إلى أداء الرئيس أوباما في عمله.

ورغم أن الموجة الكبيرة الأولى من المهاجرين الآسيويين وصلت إلى الولايات المتحدة في أوائل القرن التاسع عشر فإن عددهم نما ببطء طيلة أكثر من قرن، تكبحه قيود شديدة وممنوعات رسمية، بعضها ممنوعات عنصرية بصراحة، كما يقول التقرير. وكانت غالبية الأميركيين الآسيويين الذين يعيشون الآن في الولايات المتحدة وصلوا بعد قانون 1965 الذي فتح باب الهجرة أمام طائفة أوسع من البلدان.

ويشكل الأميركيون الآسيويون الآن نحو 6 في المئة أو 18.2 مليونا من سكان الولايات المتحدة، كما تبين أحدث الأرقام من مكتب الإحصاء الأميركي. كما إن زهاء ثلاثة أرباعهم ولدوا خارج الولايات المتحدة خلال السنوات الثلاثين الماضية.

جغرافيًا فإن جميع الآسيويين الأميركيين تقريبًا يعيشون في الولايات الغربية. وإن ولاية كاليفورنيا، التي كانت تقليديًا البوابة التي يدخل منها المهاجرون الآسيويون، تضم أكبر عدد منهم بفارق كبير عن الولايات الأخرى بنحو 6 ملايين أميركي آسيوي. وفي الواقع فإن الآتين من الهند وحدهم بين الجماعات الآسيوية الكبيرة يتوزعون توزيعًا متساويًا نسبيًا في عموم الولايات المتحدة، مع تركز أكبر نسبة منهم تبلغ 31 في المئة في الشمال الشرقي.

شهدت السنوات الأخيرة زيادة متسارعة في هجرة الآسيويين، الذين وصل منهم قرابة 3 ملايين منذ عام 2000. وفي الوقت نفسه فإن هجرة اللاتينيين، وخاصة من المكسيك، تباطأت بحدة لأسباب، في مقدمها وضع الاقتصاد الأميركي وتشديد الرقابة على الحدود.

نتيجة لذلك، فإن عدد المهاجرين الآسيويين الجدد يتخطى عدد اللاتينيين كل سنة منذ عام 2009، بحسب تحليل مركز بيو للبيانات الإحصائية. وفي عام 2010 مثلاً كان 36 في المئة من المهاجرين الجدد إلى الولايات المتحدة آسيويين بالمقارنة مع 31 في المئة كانوا لاتينيين.

ولاحظ التقرير أن غالبية المهاجرين الجدد وصلوا رغم الانتعاش الاقتصادي في العديد من البلدان الآسيوية وارتفاع مستوى معيشتها. وقال بول تايلور نائب رئيس مركز بيو إن من أسباب انتقال الكثير من الآسيويين إلى الولايات المتحدة تغير سياسات الهجرة فيها والتحولات في بلدانهم الأصلية وحاجة السوق الأميركية إلى متخرجي الفروع العلمية والتكنولوجية والرياضيات.

وتجمع دراسة مركز بيو بين التعداد السكاني الأخير والبيانات الاقتصادية من جهة، واستطلاع وطني واسع شمل 3500 أميركيّ آسيويّ من الجهة الأخرى. وأُجريت المقابلات باللغة الانكليزية ولغات آسيوية عدة في الفترة من كانون الثاني/يناير إلى آذار/مارس.

ويشكل الأميركيون الصينيون أكبر مجموعة من المهاجرين الآسيويين بأكثر من 4 ملايين، يليهم الفلبينيون والهنود والفيتناميون والكوريون ثم اليابانيون. وأظهر الاستطلاع أن الآسيويين الأميركيين عمومًا أكثر رضى عن حياتهم (82 في المئة مقابل 75 في المئة بين الجماعات المهاجرة الأخرى) وعن أوضاعهم المالية (51 في المئة مقابل 35 في المئة) والاتجاه العام للبلد (43 في المئة بالمقارنة مع 21 في المئة).

ويقول أكثر من نصف الأميركيين الآسيويين البالغين إن الزواج الناجح من أهم الأشياء في الحياة، في حين إن 34 في المئة فقط من الأميركيين عمومًا يتفقون مع هذا الرأي. وتميل نسبة الزواج إلى أن تكون أعلى بين الأميركيين الآسيويين بالمقارنة مع الأميركيين عمومًا (59 في المئة مقابل 51 في المئة)، وتكون نسبة المولودين حديثًا لأمهات غير متزوجات أقل بين الأميركيين الآسيويين منها بين الأميركيين عمومًا (16 في المئة بالمقارنة مع 41 في المئة).

وأشاد خبراء بالدراسة، التي نُشرت نتائجها في صحيفة لوس أنجيلس تايمز، قائلين إنها من المرجّح أن تغير النظرة إلى الآسيويين الأميركيين سواء بين الباحثين أو الأميركيين الآخرين عمومًا. وقالت تريشيا تويوتا أستاذة الانثروبولوجيا والدراسات الآسيوية في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجيلس إن الدراسة تفتح حوارًا وتسلط الضوء على جماعة متجانسة تجانسًا شديدًا ومعقدة للغاية.

كما لاحظ البروفيسور كارثيك راماكريشنان من جامعة كاليفورنيا ريفرسايد أن المهاجرين الآسيويين الجدد يشكلون جماعة نخبوية من حيث مستوى التعليم. إذ تبين الدراسة أن أكثر من ثلثي المهاجرين البالغين الجدد هم طلاب جامعيون أو متخرجون جامعيون. ودعا راماكريشنان إلى انتباه الخبراء وتوخي الدقة لدى مقارنة صفات الآسيويين بالأميركيين الآخرين، قائلاً quot;إن هذه جماعة مختارة حتى في بلدانهاquot;.