يكشف الوزير التونسي المكلّف بالاصلاح الاداري، محمد عبّو، في حوار مع (إيلاف) عن عمليات تطهير وإبعاد للمتورطين في قضايا الفساد في كافة مؤسسات الدولة. وهاجم الوزير عبّو مبادرة رئيس الوزراء الاسبق الباجي قائد السبسي محذرًا من عودة الاستبداد إلى تونس، وحذّر الدّاعين إلى انقلاب الجيش وتسلمه السلطة من المثول أمام القضاء.


تونس: تحدّث الوزير المكلف بالإصلاح الإداري في تونس محمد عبّو في حوار خصّ به إيلاف عن العراقيل التي تحول دون تصحيح مسار اصلاح الادارة التونسية، وكشف عن عمليات تطهير ومحاسبة واسعة النطاق تستهدف من ثبت فسادهم.

ودافع محمد عبّو، وهو الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية (حزب مشارك في الائتلاف الحاكم)، عن القانون الذي قدمته الكتلة النيابية لحزبه في المجلس التأسيسي، والذي يدعو إلى منع المسؤولين في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقًا من المشاركة والانخراط بالأحزاب السياسية لمدة 5 سنوات.

واعتبر أن هذا القانون يأتي من باب الاحتياط لكي لا يعود الاستبداد، ولحماية مكسب الديمقراطية، وأضاف عبّو أنّ رئيس الوزراء الأسبق الباجي قائد السبسي نفسه قد لا تتوفر فيه هذه الشروط إن تمت المصادقة على القانون المقترح.

الوزير المكلف بالإصلاح الإداري في تونس محمد عبّو- عدسة إيلاف

وفي تعليق على مبادرة السبسي وإطلاقه لحزب quot;نداء تونسquot;، يرى الوزير محمد عبّو أنه لا ينبغي التهويل من تلك المبادرة، ولكن من المهم حسب تعبيره هو الحذر حتى لا يعود الاستبداد، مؤكّدًا أنّ حديث السبسي عن انتهاء شرعية المجلس التأسيسي يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول القادم quot;لا قيمة له من الناحية القانونيةquot;.

وكشف عبّو كذلك عن تنظيم مؤتمر وطني حول إصلاح الوظيفة العمومية يومي 26 و27 يونيو/حزيران الجاري.

وفي ما يلي نصّ الحوار كاملاً:

ما هي أبرز نقاط ضعف الإدارة العمومية في تونس؟

أبرز نقاط ضعف الادارة التونسية هي الأداء غير الجيّد بشكل عام، هناك من الموظفين من يقوم بأكثر من المطلوب، بينما هناك من لا يقوم بالحدّ الأدنى المطلوب.

نعاني أيضًا من سوء الاستغلال والعراقيل والبيروقراطية الادارية مما يستوجب وضع نصوص قانونية أخرى، ولا تزال تصلنا شكاوى تتعلق بالفساد الاداري.

هناك اشكاليات أخرى تتعلق بالموظف العمومي، فحقوقه مهضومة، إلى جانب المحسوبية التي كان أحد أبرز ضحاياها. الوضع المادي للموظفين لا يزال هشًا هو الآخر.

ماهي تصوراتكم لعصرنة الادارة التونسية وتطويرها؟

نعمل حاليًا على تبسيط بعض الاجراءات المتعلقة بالاستثمار بالتعاون مع بعض الوزارات الأخرى، هناك قانون قديم يعود إلى بداية التسعينيات لكن لم تصل درجة نجاحه إلى الحد المطلوب لعديد الأسباب ربما تكون سياسية.

نحن الآن نسير في توجه نحو التقليص من السلطة التقديرية للموظف والحدّ من عدد التراخيص المطلوبة. ونأمل في الانتهاء من هذه الاصلاحات في نهاية السنة الحالية.

في ما يتعلق بإصلاح الوظيفة العمومية، ستقوم الوزارة بتنظيم مؤتمر وطني حول إصلاح الوظيفة العمومية يومي 26 و 27 يونيو / حزيران الجاري بحضور كل الأطراف المعنيّة التي نتمنى أن تقدم مقترحات جيّدة قابلة للتفعيل خلال السنة الحالية.

الوزارة أيضًا لديها تصورات في جملة من النقاط تتعلق بالترقيات، التسمية في الخطط الوظيفية، الربط بين التكوين والترقية، إذ نعمل حاليًا على وضع مشروع للتكوين المستمر عن بعد، توضيح القوانين المنظمة للحق النقابي، وجملة من النقاط الأخرى ذات الأهمية.

كما قمنا بالموافقة على المصادقة على بعض الاتفاقيات الدولية التي كانت مرفوضة من قبل النظام السابق وستتم المصادقة النهائية من طرف المجلس التأسيسي.

أين وصلتم في تفعيل المنشور الذي ينصّ على الحق في النفاذ إلى المعلومة؟

قمنا بإصدار منشور لتفعيل هذا الاجراء في مايو 2012. من يتقدم بطلب وفق هذا المنشور يتم تمكينه من الوثائق المطلوبة، وإذا هناك أي شكاوى فإنّ مصالح وزارة الاصلاح الاداري تتكفل بذلك.

لم تصلنا بعد أي شكاوى تفيد بعدم تطبيق هذا المنشور.

هذا القانون تقدمي جدًا وفات واقع الادارة التونسية الى حدّ ما، لكن قمنا بإقراره ولا يمكننا التراجع. كما تم تعيين شخص مكلف بالنفاذ للوثائق في كل مكتب للعلاقة مع المواطن في الوزارات وعلى المستوى المركزي برئاسة الحكومة لتفعيله.

المعلوم أن بن علي جعل الادارة التونسية معقلاً لأنصاره، كيف تتعاملون اليوم مع هذا الواقع؟ وما صحة المعلومات التي تتسرّب بين الفينة والأخرى حول عرقلة الادارة لبعض مشاريع الحكومة؟

حزب بن علي (التجمع) ليس حزبًا ايديولوجيًا يحمل أعضاؤه ولاءً مطلقا لبن علي، أو أيّ شخص آخر. أغلب منخرطيه في الإدارات كان هدفهم الترقيات، أما اليوم فمصلحتهم أن يعملوا بشكل جديد وهذا ما أشعر به لدى عديد الموظفين.

لكنّ هناك موظفين آخرين لديهم مشاكل. البعض غير مقتنع بإجراء تغييرات وجزء آخر كسول غير قادر على الانتاج ومجموعة تنقصها الكفاءة.

هذه هي العراقيل التي تواجهنا من بعض الموظفين، لا أعتقد أن لهم ولاءً للتجمع ويريدون عرقلة الحكومة، لو كانت لديهم هذه الشجاعة لظهرت في عهد بن علي.

هددتم في أكثر من مرة بالانسحاب من الحكومة والاستقالة من منصبكم الوزاري، ما السبب الحقيقي؟ هل لذلك علاقة بـ quot;معركة صلاحياتquot; بينكم وبين رئيس الحكومة أم اختلاف في وجهات النظر حول كيفية معالجة ملفات الفساد والإصلاح؟

نعمل كحكومة في انسجام، ولا توجد بيني وبين السيد حمادي الجبالي رئيس الوزراء اختلافات في وجهات النظر.

مسألة الصلاحيات طرحت فعلاً في السابق وتسببت في إشكال بسيط ولكننا قادرون دائمًا على تجاوز هذه الأمور والحمد لله.

محمد عبو - نبذة عن حياته

- محام، حقوقي وناشط سياسي، متزوج وأب لثلاثة ابناء، يشغل حاليًا منصب وزير للاصلاح الاداري في حكومة الترويكا المنبثقة عن المجلس التأسيسي في تونس.

- كان عضوًا في المكتب السياسي لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وأحد مؤسسي الحزب الذي ظل محظورًا في عهد بن علي ويتولى حاليًا أمانته العامة.

- عضو قديم في الهيئة الإدارية لجمعية المحامين الشبان

- عضو في المكتب التنفيذي لمركز تونس لإستقلال القضاء والنقابة

- عضو مؤسس للمنظمة الدولية لنصرة السجناء السياسيين

- عضو في الهيئة الوطنية للحريات في تونس

- كلّف سابقًا من قبل عدة منظمات دولية بالدفاع عن حقوق الإنسان وعن الملاحقين في بلدانهم أمام القضاء.

- عرف في عهد بن علي بمواقفه الراديكالية ضد سياسته ومناداته الصريحة بإسقاط نظامه.

- حكم عليه بالسجن مدة 5 سنوات على خلفية نشره لمقال تحت عنوان quot;بن علي شارونquot; الذي أحدث رجة في وسط المعارضة التونسية حيث تضمن مقارنة ساخرة بين الرجلين وكشف فيه عن فساد عائلة بن علي وفساد المنظومتين القضائية والأمنية التونسيتين.

- اطلق سراحه بعد عامين ونصف من السجن الإنفرادي اثر حملة وطنية ودولية وتدخل منظمة العفو الدولية.

- عرف بمقالاته الراديكالية ضد النظام و بدفاعه عن سجناء الرأي إذ ترافع في جل القضايا السياسية على إختلاف إتجاهاتها الايديولوجية.

- في السجن الانفرادي، ابتكر محمد عبو اسلوبًا جديدًا وغير مسبوق في الاحتجاج، إذ خاط فمه لمدة اربعة ايام من الثاني الى الخامس من اكتوبر / تشرين الثاني 2005، احتجاجًا على واقع الحريات في تونس.

- واصل النضال باشكال مختلفة بعد خروجه من السجن، كما شارك مباشرة في احداث الثورة وكان يوم 14 جانفي/ يناير من المرابطين امام وزارة الداخلية، الى أن هرب بن علي إلى السعودية

- يتولى منذ ديسمبر 2011 مهمة وزير مكلف بالإصلاح الإداري. وفي 13 مايو 2012 تم إنتخابه أمينًا عامًا لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية.

كما يجب أن نذكر بأن حكم دولة ليس مسألة بسيطة أو هيّنة، لكن مقابل ذلك لا يمكن أن نكتفي بأن نتواجد في الحكم دون تحقيق نتائج ملموسة.

لقد بات لدينا نوع من الضغط مُسلّط علينا من الرأي العام ومن أنفسنا أيضًا إذ نريد تحقيق نتائج كبيرة في حيّز زمني ضيّق.

التحدّي الذي وضعناه أمامنا هو أن نحقق أشياء كبيرة في فترة قصيرة، ونحن نطلب من الشعب محاسبتنا على الفترة التي نحكم فيها وليس أكثر.

لماذا تبدو الحكومة غير حاسمة في تعاملها مع ملفات الفساد؟ وما سبب كل هذا التأخر في معالجة بعض الملفات العالقة، مثل ملف رجال الأعمال الممنوعين من السفر؟

سمعنا عديد الانتقادات حول هذا الموضوع وكنا دائمًا ندعو إلى الصبر قليلاً ونقول أن لا أحد فوق المحاسبة، وهذا ما تم بالفعل حيث قامت الحكومة بعمليات تطهير في الجمارك والقضاء وغيرهما.

وسيشمل هذا التطهير، في أي مؤسسة، كل من تثبت ضده تهمة تتعلق بالفساد ويتم ابعاده بالشكل المناسب الذي يتراوح بين الإعفاء والإحالة على التقاعد الوجوبي أو مجلس التأديب أو القضاء.

البعض يتساءل لماذا لم نقضِ على الفساد خلال الخمسة أشهر الماضية، نرجو أن تكون المطالبات بالمحاسبة والتطهير واقعيّة، فالفساد مستشرٍ بشكل كبير كما أننا لا نريد أن نظلم أحدًا.

على المستوى الجهوي، نقوم حاليًا باتصالات مع المحافظين لإبعاد بعض الأشخاص ثبتت إدانتهم في قضايا فساد، أو نقلة البعض الآخر من الذين اشتهروا بالفساد في فترة من الفترات حتى يثبت دليل ارتكابهم لهذه الأخطاء.

ما صحة الأنباء حول اتلاف وثائق من الأرشيف التونسي؟

ليست لدينا معلومات حول هذا الموضوع. سمعنا أخبارًا حول هذه المسألة، لكن بالتثبت اتضح أن الأمر غير صحيح.

هناك وثائق بالإدارات العمومية يتم اتلافها بعد مدة زمنية معينة حسب قانون الأرشيف وهذا اجراء معمول به في تونس ودول عديدة أخرى.

وصلتنا معلومات عديدة حول اعدام ملفات أرشيف من المفروض أن لا يتم إتلافها لكن لم نجد أدلة تثبت ذلك.

كعضو في الحكومة، وكأمين عام حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، ما رأيكم في مبادرة رئيس الحكومة السابق الباجي قائد السبسي، هل تعتبرون أن هذه المبادرة قد تشكل خطرًا على الترويكا الحاكمة؟

لا ينبغي التهويل تجاه هذه المبادرة، ولكن من المهم الحذر حتى لا يعود الاستبداد تحت أي عنوان من العناوين.

ما نخشاه هو أن تجمع هذه المبادرة أصحاب المال الفاسد والهاربين من المحاسبة وأن تعود معها مسألة شراء الذمم.

احتمال عودة الاستبداد يبرر بالنسبة لنا سنّ قانون يمنع كل من ساهم في نظام الاستبداد من المشاركة في الحياة السياسية أو بالأحرى النشاط في الأحزاب السياسية.

الباجي قائد السبسي نفسه قد لا تتوفر فيه هذه الشروط إن تمت المصادقة على القانون المقترح.

ما رأيكم في تصريحه بأن شرعية الحكومة تنتهي يوم 23 أكتوبر تشرين الثاني القادم ؟

الباجي قائد السبسي رجل قانون، ولكن يبدو أنه نسيّ بعض القواعد القانونية.

لا يمكن أن يلزم أمر صادر عن سلطة تنفيذية لا شرعية لها أصحاب السلطة التأسيسية بإنهاء عملهم في خلال سنة. وبالتالي كلام السبسي لا قيمة له من الناحية القانونية.

كما أن الترويكا ملتزمة بأن ينهي نوابها وضع الدستور قبل 23 أكتوبر/ تشرين الثاني وقد أعلن عن ذلك رئيس المجلس الوطني التأسيسي.

حزبكم تقدّم بمشروع قانون يقضي بمنع من تحمل مسؤوليات بحزب التجمع المنحلّ من المشاركة في الحياة السياسية خلال السنوات القادمة. البعض اعتبر هذا القانون المقترح منافيًا لحقوق الإنسان، ما رأيكم؟

هناك دول سبقتنا في الديمقراطية قامت بوضع قوانين أكثر تشدّدًا من هذا القانون. وهذا القانون لا يمسّ من حقوق المعنيّين به.

هذه حالة استثنائية تخصّ اقصاء من وقف مع نظام الاستبداد لمدة زمنية معيّنة وذلك من باب الاحتياط لكي لا يعود الاستبداد ولحماية مكسب الديمقراطية.

المسألة شرعية برأيي ولا تطرح أيّ إشكاليّة.بمنطق العدالة، من قام بمناشدة الرئيس المخلوع للبقاء على رأس السلطة إلى حدود سنة 2019 يجب أن يتم ابعاده من الحياة السياسية إلى غاية تلك الفترة على الأقل.

كما أن هذا القانون لا يخصّ كل المنخرطين بالتجمع الدستوري الديمقراطي وإنما المسؤولين بهذا الحزب فقط من أعضاء بالديوان السياسي، اللجنة المركزية، الكتاب العامين للجان التنسيق ورؤساء الجامعات والشعب.

ما قراءتكم الداخلية بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية للتحالف الثلاثي الحاكم، هل تعتبرونه تحالفًا استراتيجيًا أم مجرد تحالف موقت ينتهي بانتهاء الفترة التأسيسية؟

لا نعرف بعد هل سيتواصل هذا التحالف أم لا، هذا مرتبط بتقييمنا للتجربة في ما بعد.

ما نستطيع تأكيده هو أننا نعمل حاليًا مع حركة النهضة وحزب التكتّل كجسد واحد لأن المصلحة واحدة وهي مصلحة تونس.

يجب أن نحافظ على هذا التضامن لأن فشل هذا التحالف لا قدر الله يعني أن مصلحة البلاد ستمسّ ولا يوجد أي طرف ضمن quot;الترويكاquot; يريد أن يتلاعب بمصلحة البلاد.

هل هناك نية لتدعيم التحالف بأطراف أخرى، خاصة مع تواتر الأخبار حول تعديل وزاري مرتقب؟

لا علم لي بمسألة التعديل الوزاريّ التي تعود الى صلاحيات رئيس الحكومة. اذا رأى رئيس الحكومة مصلحة في تغيير بعض الوزراء وتطعيم الحكومة بوجوه جديدة بإمكانه ذلك لكن شرط أن لا يكونوا ممّن شاركوا مع نظام الاستبداد.

ألا توجد مشاورات على مستوى الأحزاب المشكّلة للتحالف الحكومي حول هذا الموضوع؟

لا لم نطرح هذا الموضوع على طاولة النقاش. كما لم نطرح مسألة التعديل الوزاري.

المعارضة تردّد دومًا أن الخبرة تنقص وزراء الحكومة الحالية، ما تقييمكم لأداء الحكومة بعد ستة أشهر من توليها الحكم؟

الخبرة كلمة حق أريد بها باطل وربما ليست كلمة حقّ. الوزير لا يسيّر مباشرة رغم أن الواقع اليوم يفرض علينا التسيير أكثر من طرح التصوّرات.

هناك من بين المعارضة من قال إنه في صورة تشكيل حكومة جديدة سيتم تعيين شخصيات جاهزة لا تتطلب أشهرًا لفهم واقع الادارة على رأس الوزارات. وهذا الكلام من المضحكات لأن الأشخاص الوحيدين المتمكنين من الادارة هم الموظفون في الادارة التونسية. ما نفهمه هو أن الاداريين سيكوّنون هذه الحكومة وما نطلبه هو قائمة بهؤلاء.

مسألة التكنوقراط التي طرحتها المعارضة فيها مغالطة كبرى إذ ليس من الضرورة أن ينجح أي شخص سيّر شركات كبرى بالخارج في تسيير وزارة وهذا لا يعني أن إمكانية نجاحه منعدمة.

ما أريد تأكيده هو أن الادارة التونسية مليئة بالكفاءات المحيطة بالوزراء. وما ألاحظه شخصيًا أن عديد الوزراء قد تأقلموا مع العمل الاداري والوزاري ونجحوا بنسبة كبرى في عملهم. ربما ليس وضع كل الوزراء لكن أغلبهم.

العلاقة بين الحكومة والمعارضة تشهد تجاذبات عديدة رغم أن تونس تعيش مرحلة تأسيسية من المفترض أن يعمّ فيها الوفاق. بما تفسّرون ذلك؟

ليس بالضرورة أن يكون هناك وفاق بين المعارضة والسلطة. ما يجب أن يتوفر في العلاقة بين الطرفين هو أن تحترم الدولة القوانين نصًّا وتطبيقًا، في حين تقوم المعارضة بدورها، أي معارضة الحكومة، دون مجاملة.

الطرفان مطالبان باحترام القانون ومقتضيات الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة وعدا ذلك فليتنافس المتنافسون.

بخصوص اللقاءات مع المعارضة، كان لنا لقاء سابق وحيد، وان شاء الله سنعود الى هذه اللقاءات الدوريّة، لكن من غير المعقول أن نحاول اقناع الناس بأن غياب هذه المشاورات يخلق أزمة داخل المجتمع. لا يمكن أن تُخلق الأزمات داخل المجتمع إلا بالتحريض على العنف أو عرقلة الاقتصاد.

المعارضة بإمكانها أن تستغل نقطة ضعفنا الأساسية أيْ أننا نحكم في فترة صعبة من الناحية الاقتصادية والأمنية، هذا أفضل من البحث عن مسائل بسيطة تجعلنا نترفع عن الردّ على بعض التعاليق وبعض التحاليل التي نسمعها حول العمل الحكومي والتي تؤكد لنا أن البعض لا يزال من الهواة.

مصر تشهد انقلابًا عسكريًا quot;ناعمًاquot; كما وصفه متابعون، ألا تخشون من سيناريو مماثل في تونس خاصة مع ظهور دعوات من بعض السياسيين لتولي الجيش السلطة؟

الجيش المصري تعوّد على الحكم منذ 1952 بينما هذا ليس الواقع التونسي.

جيشنا الوطني بعيد كل البعد عن ممارسة السياسة ويعلم أنه يجد احترامًا لدى الشعب التونسي بسبب عدم تدخله في الحياة السياسية.

وبالتالي جيشنا التونسي لا رغبة له في السياسة والشعب لا يمكن أن يقبل بتدخل الجيش في السياسة. كتونسيين بيننا اجماع على عدم تدخل الجيش في السياسة.

أما بالنسبة لمن تقدم بطلب الى المؤسسة العسكرية للتدخل في الحياة السياسية أقول إن عليه أن يفكر جيدًا قبل أن يجد نفسه أمام القضاء، من يعمل على بث فتن من هذا القبيل ربما يجد نفسه أمام القضاء الذي لن يتعامل معه بشفقة أو رحمة. هذه مسألة خطيرة جدًا وتمس أمن تونس.