درس مماثل... مع النادلة الإيطالية فرانشيسكا آرياني

بين دروس يحفظها قادة الدول التي يتنفس الناس فيها هواء الحرية عن ظهر قلب، أن السلطة لا تعني التسلط. ورئيس الوزراء البريطاني أول من يشهد على ذلك لأنه مرّ بتجربتين شخصيتين في هذا الصدد، الأولى في ايطاليا قبل عام والثانية في بلاده قبل أيام.


فوجئ زبائن laquo;ساندويتش بوكسraquo;، وهو محل صغير للمأكولات السريعة والمرطبات في ضاحية ستون هاوس الناعسة في جنوب غرب انكلترا، برئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، يدخل المكان ويجلس بينهم الى إحدى الطاولات.

كان كاميرون في طريقه الى مدينة بليموث (حوالي 300 كيلومتر جنوب غرب لندن) لحضور احتفالاتها بيوم القوات المسلحة صباح السبت الماضي، عندما توقف في الطريق من أجل فنجان قهوة. وعندما طلب مساعدوه الى شيلا توماس، المسؤولة عن إدارة المقهى في ذلك الصباح، الإسراع في تلبية طلبه، أوضحت لهم أن ثمة صفاً ينتظر الخدمة وأن على كل زبون انتظار دوره كالبقية.

وامتثل هؤلاء ومعهم رئيس الوزراء نفسه فانتظروا فترة لا شك في أنها بدت لهم دهرًا بأكمله. وبعد عشر دقائق انقضت من دون أمل في الإنقاذ، خرج علية القوم هؤلاء، واضطر المساعدون للتوجه الى مخبز مجاور فأتوا منه لكاميرون بكوب من الشاي مع كعكة دونات محلاة تناولهما على رصيف الطريق خارج المقهى.

على أن الناس بدأوا يتجمهرون حولهما جعلمساعديه يصابونبهلع على وضعه الأمني وأقنعوه بوجوب العودة الى مقهى شيلا نفسه. ولكن حتى داخل هذا الملاذ لم يكن رئيس الوزراء في مأمن تام... إذ انهالت عليه شيلا نفسها باللوم لأنه أتى بإفطاره من مكان آخر.

وتبعًا للصحف البريطانية التي أوردت النبأ، فقد شرحت شيلا لهذا الزبون الخاص أنها كانت فعلاً مشغولة بتلبية طلبات الزبائن ولم تتوقف للتفكير في أن زائرها هو رئيس الوزراء نفسه وأنه يستحق معاملة خاصة، واعتذرت له.

على أن الأمر لم يصل مرحلة laquo;الكارثةraquo; لأن كاميرون طمأنها لى أنه يتفهّم موقفها laquo;الصحيحraquo; بالكامل. ثم مازحته بالسؤال: laquo;ماذا يفعل زعيم حزب المحافظين في ضاحية ستونهاوس التي تدين كاملة بالولاء للعمّالraquo;؟ فضحك ورد بسؤال مختلف عن نادي كرة القدم الذي تشجعه هي.

ومع ذلك فقد تركها laquo;حزينة نوعًاraquo; لأن جدول مواعيده لم يسمح له بالانتظار حتى يأتي دوره فتناول إفطاره من جهة منافسة (المخبز المجاور)، وأيضا لأنه لم يقبل فطيرة قدمتها له مجانًا على سبيل الإسترضاء قائلا إن معدته لا تتسع لها بعد كعكة الدونات وكوب الشاي.

وهذه ليست المرة الأولى التي يجد فيها كاميرون نفسه في موقف كهذا. فالعام الماضي، عندما كان يمضي عطلته الصيفية مع أفراد أسرته في تسكاني في شمال ايطاليا، اضطر شخصيًا لحمل آنيته في أحد المقاهي لأن النادلة، اسمها فرانشيسكا آرياني، اعتذرت بأنها مشغولة.

وعندما علمت لاحقًا أنها كانت تصد رئيس الوزراء البريطاني نفسه، احمرّت وجنتاها وقالت له: laquo;تقبّل اعتذاري رجاء فما كنت اعلم. كنت وحدي في المقهى وسط بحر من الزبائن. من أين لي أن أتنبّه الى كل وجه يغشاناraquo;؟ وكافأها رئيس الوزراء على هذا بالتقاط صور تذكارية معها.