قال محللون إن مكتب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر يعدّ منذ فترة كشوفا بجميع المناصب والمواقع في الدولة والاسماء الاخوانية التي سوف تحل محلها لتحقيق الحلم الكبير.


lrm;القاهرة:قال محللون إن سلوك الرئيس المصري الجديد محمد مرسي بعد إعلانه إنهاء علاقته التنظيمية بالاخوان المسلمين اثر فوزه بالرئاسة وكذلك سلوك الاخوان هو الذي سيحدد مدى نجاح مرسي كرجل دولة ومآل الاختبار التاريخي الذي تمر به هذه الجماعة quot;الغامضةquot; التي اصبحت عمليا في تماس مع عمق الدولة المصرية.

ووصول قيادي اخواني سابق الى هذا المنصب الارفع في الدولة المصرية بعد تاريخ من الصدام والمراوحة معها بدأ في اربعينات القرن الماضي واستمر حتى قبيل quot;ثورة 25 ينايرquot; 2011، اثار الكثير من التوجس والمخاوف من انكشاف عمق الدولة على التنظيم الدولي للاخوان المسلمين.

وفي هذا السياق، اشار محمد الباجس في صحيفة الاسبوع الى quot;تسريبات عديدة اشارت الى ان مكتب المرشد (العام للاخوان) يعد منذ فترة كشوفا بجميع المناصب والمواقع في الدولة (.ز.) والاسماء الاخوانية التي سوف تحل محلها لتحقيق الحلم الكبير بدولاب عمل اخواني متجانسquot; في اطار خطة اطلق عليها quot;اخونة الدولةquot;.

واضاف quot;لعل اخطر ما نخشاه ان يندفع الاخوان بغريزة الانتقام من التهميش والمطاردة والسجون لشق بطن الدولة لمعرفة ما يضمه ويحتويه ومعروف ان لدى كل الدول ملفات استراتيجية تتمتع بنوع من الاستقلالية الخاصة والحصانة الحديدية وهي من فرط اهميتها وسريتها لا تتغير بتغير الحكامquot;.

غير ان الرئيس الجديد قال بعيد توليه رسميا منصبه في 30 حزيران/يونيو في لقاء مع مديري الصحف quot;لا لاخونة الدولةquot; وكرر مرارا انه سيعمل على ان يكون quot;رئيسا لكل المصريينquot; مؤكدا نيته في تعيين فريق رئاسي ورئيس حكومة من خارج الاخوان.

بيد ان احمد النجار رئيس تحرير التقرير الاقتصادي العربي يلاحظ انه quot;حتى الان لم يحدد مرسي طبيعة العلاقةquot; مع الاخوان quot;هذه الجماعة الغامضة التي كان النظام يقول دائما انها محظورة مع ان مقراتها غير محظورة ومعروفةquot;.

واضاف لوكالة فرانس برس ان الرئيس مرسي quot;اعلن انفصاله تنظيميا عن الاخوان ليتحلل من البيعة للمرشد (...) والحكم سيكون على سلوكه وادائه (...) ولو اختار ان يظل في قوقعة الجماعة مع فكرة خروج شكلية هذا سيؤدي الى توترات كثيرة وسيكون من الصعب عليه تحقيق الاستقرار والنجاحquot;.

من جهته اشار عبد المنعم سعيد استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الى ان quot;مرسي في الجماعة منذ كان عمره 17 عاما وله ولاء كبير ولم يعرف عنه اختلاف مع الاخوان ابدا (...) وعليه بالتاكيد ضغوط من الاخوان المسلمين، بعضهم يرى انه جاهد وسجن وقام بحملة انتخابية وفاز بالانتخابات فلديه حق شرعي ان يحكمquot;، مضيفا ان quot;الامور ستتوضح اكثر مع تشكيل الفريق الرئاسي والحكومةquot;.

واوضح سعيد العضو السابق في مجلس الشورى، لوكالة فرانس برس ان مرسي قد يفصل الحكومة عن الرئاسة بحيث quot;يترك الاخوان حوله في الرئاسة ويترك مشاكل البلاد في أيدٍ متخصصةquot;، مستلهما في ذلك تجربة الاخوان مع مجلس الشعب المنحل ومجلس الشورى.

ويوضح انه في تلك التجربة quot;تمت الاستعانة بكفاءات نظيفة وغير بارزة من الحزب الوطني الحاكم سابقا والنظام السابقquot;، مشيرا في هذا السياق الى اجتماع مرسي مرتين بعد توليه مهامه بفاروق العقدة محافظ البنك المركزي وهو من القيادات غير البارزة في حزب مبارك.

وفي الواقع، فان الامر لا يرتبط فقط باداء الرئيس الجديد بل ايضا بمدى تأقلم الاخوان مع هذه المرحلة الجديدة.

ويقول النجار ان جماعة الاخوان المسلمين quot;اصبحت الان جزءا من النظام واصبح لا بد من الوضوح واحترام القانونquot;، مشيرا الى انه بداخل الجماعة quot;اتجاهات مختلفة في الموضوع ولو اتخذوا وضع الجمعية الاهلية الخاضعة لرقابة الدولة ستتغير امور كثيرةquot; في علاقتهم بالخارج وبالداخل.

من جهته اكد سعيد ان quot;الانباء الواردة من الاخوان انهم يسعون لتقنين وضعهم في شكل جمعية دعوية قانونية تملك حسابات واضحة يمكن رقابتهاquot; بما يزيل عن الاخوان كل شبهة لجهة التمويل.

لكن ماذا لو اصر الاخوان على الهيمنة على السلطة، هل يحصل صدام بين مرسي والمجلس العسكري؟

يجيب سعيد quot;لا ارى مجالا للصدام خلال هذه المرحلة، فالوضع لم يعد مثل ما كان في الماضي (خصوصا في عهد جمال عبد الناصر) مجلس قيادة ثورة في الحكم والاخوان في الشارع، فالمجلس العسكري ليس مجلس قيادة الثورة بل الرئيس مرسي هو الاقرب لتمثيل الثورة، ولكل طرف منهما الكثير من المهام التي تشغله حاليا وتجعله يبعد عن منطق الصدامquot;.

غير ان عبد الحليم قنديل احد اشرس معارضي حكم مبارك، يرى ان مرسي لا يملك في الواقع اية سلطة ليهيمن فالحاكم الفعلي لمصر هو المجلس العسكري بموجب الصلاحيات الواسعة (التشريع والرقابة المالية والرقابة على صياغة الدستور) التي منحه اياها الاعلان الدستوري المكمل الصادر في 17 حزيران/يونيو الماضي قبيل تولي مرسي الرئاسة.

وكتب في هذا الصدد في 1 تموز/يوليو في صحيفة القدس العربي ان نصوص الاعلان quot;انهت خرافة تسليم السلطة في 30 حزيران/يونيو فقد نقل المجلس العسكري السلطة من يده اليمنى الى يده اليسرى واقام حفل +تخرج+ للرئيس المنتخب ووضعه قيد الاقامة الجبرية في قصر الرئاسة (...) فالمجلس العسكري هو مركز السلطة الحقيقية والمشير (حسين) طنطاوي هو الرئيس الفعلي، بينما يبدو مرسي كرئيس افتراضي، وحتى اشعار آخرquot;.

وقد يرتبط الاشعار الاخر بمدى تمكن الرئيس الجديد من جهة وجماعة الاخوان المسلمين التي تأسست في 1928 من جهة اخرى، في التلاؤم مع ضوابط الدولة المصرية واسسها الاستراتيجية العميقة المستمرة منذ عهد محمد علي باشا الذي حكم مصر بين 1805 و1848.