يسعى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى بناء علاقة متينة مع جماعة الإخوان المسلمين، حيث أمر الخميس الماضي بتعديل قانون الانتخابات الذي أثار تحفظ الإسلاميين كما استقبل أيضا خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في اليوم ذاته.


عمان: يسعى الأردن الى بناء علاقة أفضل مع الحركة الإسلامية في المملكة بعد فوز القيادي في جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي بالانتخابات الرئاسية في مصر، الأمر الذي عزز ثقة الإسلاميين، حسب ما يرى محللون.

وأمر العاهل الأردني الخميس الماضي البرلمان بتعديل قانون الانتخاب الذي واجه لدى إقراره مؤخرا انتقادات واسعة من المعارضة خاصة الإسلامية منها التي لوّحت بمقاطعة الانتخابات إن اجريت بموجبه.

وفي اليوم نفسه، استقبل الملك عبد الله الثاني خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية (حماس)، التي خرجت من عباءة الاخوان المسلمين في الأردن عام 1987، في زيارة رسمية هي الثانية هذا العام.

ودعا الملك الاحد المعارضة وخصوصا الاسلامية منها الى المشاركة في الانتخابات النيابية المؤمل أن تجري قبل نهاية العام الحالي للوصول الى حكومة برلمانية.

ويرى عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية، ان quot;هناك انعطافة في الموقف الرسمي تجاه الإخوان المسلمين في الاردن في الايام القليلة التي أعقبت فوز مرسي بالانتخابات المصريةquot;.

مسيرة سابقة للإسلاميين في الأردن

ويضيف لوكالة فرانس برس ان quot;هناك قراءة لدى صاحب القرار بأن المنطقة دخلت العصر الاخواني ولا بد من التكيف مع معطيات هذا العصر فهم يحكمون الآن في عدد من الدول العربية ومرشحون للحكم او المشاركة في الحكم في عدد من الدول الأخرىquot;.

واعلن في 24 حزيران/يونيو رسميا في مصر فوز الاسلامي محمد مرسي بمنصب رئيس الجمهورية كأول رئيس منتخب منذ الاطاحة بنظام حسني مبارك في بداية 2011.

واعتبر الرنتاوي ان quot;اخوان الاردن يشعرون بمزيد من الثقة الآن كون الجماعة استلمت السلطة في دول عربية مؤثرة، ومع اقتراب التغيير في سوريا ستكون جماعة الاخوان جزءا مهما من آلية الانتقال لمستقبل سورياquot;.

ورأى ان quot;قدرتهم على طرح المطالب والشروط زادت وانفتحت شهيتهم، ونحن مقبلون على مرحلة جديدة في التعاطي بين الدولة وبينهم وبين الدولة والاخوان بصفة عامة في المنطقةquot;.

واكد ان quot;استقبال وفد كبير من الاخوان في سوريا، اضافة الى شخصيات ابعدت منذ عام 1999 عن الاردن وبينهم خالد مشعل، هو جزء من المعادلة الجديدةquot;.

اما حمزة منصور امين عام حزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسية للاخوان في الاردن، فيقول ان quot;فوز مرسي اضاف اضافة نوعية للشعب العربي بمجمله وارسل رسالة واضحة ان بامكان الشعب ان يختار من يمثله ويعبر عنهquot;.

واضاف quot;مشكلتنا في الاردن اننا نفتقر الى سياسات ثابتة وسياستنا اشبه بردات الفعل وليس الفعلquot;.

وانتقد quot;التلكؤ والتباطؤ الحكومي، وان كان هناك رسالة تهنئة من قبل الملك جبرت بعض الخللquot;.

وكانت الحكومة الاردنية رحّبت بخيار الشعب المصري ونجاح quot;العملية الانتخابيةquot; الا انها لم تذكر حتى اسم مرسي في بيانها، لكن العاهل الاردني بادر في اليوم التالي الى ارسال برقية تهنئة لمرسي بانتخابه رئيسا.

واشار منصور الى ان quot;الحركة الاسلامية ما زالت متمسكة بالمطالب التي تقدمت بها قبل ثمانية عشر شهرا مع الاحزاب السياسية والقوى الشعبية ولم تزد عليها او تنقص منهاquot;، رافضا الادعاءات بان فوز مرسي quot;فتح شهية الحركةquot; ورفع سقف مطالبها.

وتطالب المعارضة في تظاهراتها منذ كانون الثاني/يناير 2011 باصلاحات دستورية تفضي الى حكومة ومجلسي نواب واعيان منتخبين، ووفقا للدستور يعين رئيس الوزراء والأعيان من قبل الملك.

الا ان المحلل حسن ابو هنية، الخبير في شؤون الحركات والجماعات الاسلامية يرى ان quot;من الطبيعي ان يرتفع سقف مطالب الحركة الاسلامية في الاردنquot;.

ويقول لفرانس برس ان quot;ثقة جماعة الاخوان المسلمين في الاردن زادت بشكل كبير بعد فوز مرسي وهي ترى ان لها قدرة كبيرة على ادارة شؤون البلاد دون تحفظات او مخاوف مسبقةquot;.

واضاف quot;بالتأكيد ان هذه الثقة سترفع سقف مطالب الاخوان في الاردن وسقف تواجدهم وهذا الامر طبيعيquot;.

ويتفق الكاتب والمحلل السياسي لبيب قمحاوي مع ابو هنية فيرى ان quot;سقف توقعات اخوان الاردن سيعلو بشكل اكبر بعد فوز مرسي والكثير يتوقف على ما ستؤول اليه الاوضاع في سورياquot;.

الا انه اعتبر ان quot;عملية لجم واحتواء شهية الاخوان في مصر التي تتم بصورة ملحوظة قد تؤدي الى التخفيف من غلواء مطالب الحركات الاسلاميةquot;.

وعبر قمحاوي عن quot;الدهشة والصدمةquot; من quot;تصرف الدولة الاردنية بهذه الطريقة وبهذه السرعةquot; في اشارة الى الانفتاح على الاخوان المسلمين، مشيرا الى quot;ضغوطات نتيجة فوز مرسيquot;.

واعتبر ان quot;النية لا تتجه الى الاستجابة الى مطالب منطقية وعادلة للحركة الاصلاحية في الاردن بقدر ما هي دغدغة للاخوان المسلمين وارضاؤهمquot;.

اما في ما يتعلق بزيارة مشعل الاخيرة للمملكة فقال قمحاوي ان quot;الاردن لم يكن له اي مصلحة في اي يوم من الايام بإخراج حركة حماس من المملكة وهو موقف كان يخلو من الذكاء السياسي ويعكس عنجهية لم تفد الاردن بشيءquot;.

واعتبر ان quot;المعادلة الاردنية - الفلسطينية لن تكتمل الا بوجود دور اردني مع حركة حماسquot;.

اما ابو هنية فرأى ان زيارة مشعل هي quot;بالتأكيد جزء من محاولات التودد للحركة الاسلامية الذي له استحقاقات اكبر كون حماس جزءًا من الاخوان المسلمينquot;.

الا انه رأى ان quot;حجم المناورة محدود في هذا المجال لان الاردن مرتبط بمعاهدات والتزامات دوليةquot;.

والتقى العاهل الاردني الخميس مشعل الذي وصل الى المملكة في ثاني زيارة رسمية هذا العام بهدف تعزيز العلاقات مع الاردن، بعد اعوام من القطيعة السياسية.

وكانت عمان وعلى اثر تدهور العلاقات مع حماس، ابعدت خمسة من قادة الحركة بينهم مشعل من المملكة الى قطر في 1999 قبل ان يستقر مشعل لسنوات في سوريا.

وتأسست جماعة الاخوان المسلمين في الاردن عام 1945، اما ذراعها السياسية حزب جبهة العمل الاسلامي فتأسست عام 1992.

واقر البرلمان قبل نحو عشرة ايام مشروع قانون انتخاب جديدا الغى الصوت الواحد واعتمد مبدأ الصوتين: الاول للدائرة الانتخابية المحلية والثاني لقائمة وطنية خصص لها لأول مرة 17 مقعدا، كما زاد مقاعد النساء في المجلس من 12 الى 15.

ورفع القانون عدد النواب الى 140 بدلا من 120.

وتطالب المعارضة وخصوصا الحركة الاسلامية التي قاطعت انتخابات عام 2010 بقانون انتخاب عصري يفضي الى حكومات برلمانية منتخبة ويلغي نظام الصوت الواحد المثير للجدل والمعمول به منذ تسعينات القرن الماضي.

وتجري الانتخابات النيابية بحسب الدستور كل اربعة اعوام، الا ان الانتخابات الاخيرة جرت عام 2010 بعد ان حل الملك البرلمان.