اللواء عمر سليمان

دعا محامون مصريون إلى إجراء تحقيقات كاملة في ظروف وفاة رئيس المخابرات المصرية السابق اللواء عمر سليمان، والذي توفي في الولايات المتحدة، وسط اعتقاد من بعض المصريين بأن سليمان قتل في تفجيرات دمشق الأخيرة.


أثارت الوفاة المفاجئة للواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصري عاصفة من الجدل، لاسيما أنها جاءت متزامنة مع تفجيرات مقر الأمن القومي في دمشق الذي أسفر عن مقتل أربعة من كبار القادة الأمنيين في سوريا، وانتشرت أنباء تشير إلى أن سليمان لقي مصرعه في تلك التفجيرات، حيث كان مشاركاً فيها، لإنقاذ النظام السوري من الإنهيار. ورغم نفي تلك الأنباء إلا أن المصريين يصرون على تبني نظرية المؤامرة وتعرضه للقتل في سوريا، أو على الأقل تعرضه للإغتيال على أيدي الإخوان وإسرائيل وأميركا.

مقتل سليمان في سوريا
وانتشرت تلك الأنباء على نطاق واسع على شبكة الإنترنت، ولاسيما مواقع التواصل الإجتماعي، فنشرت صفحات معروفة بمعارضتها للمجلس العسكري ونظام مبارك تصريحات منسوبة إلى الإعلامي السوري فيصل القاسم جاء فيها أن: quot;بعض المصادر تقول إن نائب الرئيس المصري السابق عمر سليمان مات في تفجير دمشق مع المسؤولين السوريين وليس في أميركا وتم نقله لأميركا لمحاولة إنقاذه و لكن المحاولات فشلتquot;، وأضافت التصريحات المنسوبة للقاسم أنه: quot;نقل عن أحد شهود العيان في مستشفى كليفلاند في ولاية أوهايو الأميركية بأن جثة عمر سليمان وصلت الى المستشفى متفحمة، و كشفت مصادر من أسرة سليمان أن مقربين منه رفضوا طلب قيادات أمنية بتشريح الجثة للكشف عن سبب الوفاة المفاجئquot;.
وأضافت التصريحات التي نسبت للقاسم أنه تساءل: وفاة quot;بن شاميرquot; مدير العمليات الخارجية في الشاباك (جهاز الأمن الداخلي في إسرائيل) في النمسا، هل هي مصادفة أن يموت 3 من أهم رجال المخابرات في الوطن العربي في نفس توقيت تفجير المبنى في سوريا، أم انهم كانوا مجتمعين في المبنى وتم نقل جثامينهم الى دول عدةللتمويه؟

الجيش السوري الحر

الآلاف شاركوا في تشييع جثمان سليمان

لم تكن التصريحات المنسوبة للقاسم هي وحدها التي تروج لهذا السيناريو، بل انتشرت أنباء منسوبة للجيش السوري الحر يعلن فيها مقتل سليمان في التفجير الذي نفذه ضده القيادات الأمنية لنظام بشار الأسد، وجاء في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية من مصادر في الجيش، قولها : إن مصادر رسمية في الجيش السوري الحر كشفت أن اللواء عمر سليمان، نائب الرئيس المخلوع السابق ورئيس الاستخبارات المصرية السابق، قد قتل في تفجيرات دمشق، حيث كان سليمان حاضراً في اجتماع quot;خلية الازمةquot; السورية، قبل أيام، وأكدت المصادر أن سليمان قد تم نقله مصابًا بإصابات بالغة إلى الولايات المتحدة الأميركية، في محاولة لإنقاذ حياته، قبل أن يلقى حتفه هناكquot;. ونشرت صورة لسليمان مع هذا النبأ وهو مضرج في دمائه، ضمن تقرير منسوب إلى صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، غير أنه بالدخول إلى موقع الصحيفة لم يتبين لـquot;إيلافquot; مصداقية الخبر، ولم تكن الصورة موجودة، بل كانت صورة أخرى له وهو في هيئته التي عرف عليها، ويتحدث التقرير عن وفاة سليمان وتداعياتها على المشهد السياسي في مصر، سارداً تاريخه.

مطالب بالتحقيق
ورغم نفي الكثير من المقربين من سليمان تلك الأنباء، وغيرها من الأنباء التي تتحدث عن تعرضه للإغتيال، إلا أن المصريين يتداولونها على أنها حقيقة، ما دفع بعض المحامين إلى التقدم ببلاغات إلى النائب العام من أجل فتح تحقيقات عاجلة لتوضيح ملابسات الوفاة، وبيان عما إذا كانت جنائية أم طبيعية، وقال المحامي نبيه الوحش لـquot;إيلافquot; إنه تقدم ببلاغ حمل رقم 7935 لسنة 2012، للتحقيق في ملابسات وفاة عمر سليمان، وأضاف أنه ما دفعه لذلك هو انتشار شائعات كثيرة حول الحادث، منها أنه لقي مصرعه في تفجيرات دمشق، بالإضافة إلى انتشار شائعات حول تعرضه للإغتيال من جانب أسرائيل وأميركا والإخوان، ما أثار الكثير من مشاعر الشك والريبة في قلوب المصريينquot;.

وحمل الوحش اللواء حسين كمال سكرتير اللواء عمر سليمان المسؤولية عن انتشار تلك الشائعات بسبب تصريحات التي قال فيها إنه تحدث إلى سليمان قبل الوفاة بنحو خمس ساعات، وكان في صحة جيدة، ولم يكن يشكو من أية أعراض مرضية، وأنه كان يجري فحوصات طبية عادية في مستشفى كيفلاند في ولاية أوهايو الأميركية.

أكاذيب
غير أن اللواء حسين كمال مدير مكتب سليمان نفى في وقت لاحق تلك الأنباء، ووصفها في تصريحات تلفزيونية بأنها quot;أكاذيب لا تحتاج للرد عليهاquot;، متهماً مروجيها بمحاولة تشوية صورة سليمان، وتزييف تاريخه الوطني، ونفى أيضاً تعرضه للإغتيال من جانب أي جهات داخلية أو خارجية، مشيراً إلى أن وفاته جاءت طبيعية، نتيجة لإصابته بالهزال الشديد، بعد تدهور حالته النفسية حزناً على تدهور الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية في مصر، ولفت إلى أن السبب وراء انتشار تلك الشائعات يرجع إلى أن الوفاة حدثت في أميركا.

الأسد يكره سليمان
فيما قال أحمد عبد الكريم المعارض السوري في القاهرة، المقرب من قيادات الجيش السوري الحر أن الأنباء التي تواترت حول مقتل سليمان في تفجيرات مقر الأمن القومي في دمشق عارية تماماً من الصحة، وأضاف لـquot;إيلافquot; أن العملية جرى الإعداد لها قبل موعدها بأكثر من شهر، وكانت قيادات الجيش السوري على علم بالمجتمعين في خلية الأزمة، مشيراً إلى أن بشار الأسد لا يثق في أي شخص من خارج دائرة الثقة الخاصة بوالده أو شقيقه ماهر، أو دائرة الثقة الخاصة به شخصياً، وهم من الأقارب والأصهار، منوهاً بأن نظام بشار الأسد كان على عداء مع نظام حسني مبارك، وكان يكره سليمان بشكل شخصي، ويراه رجل إسرائيل في مصر، ويرجع كره بشار لسليمان إلى أنه كان يقف ضد انتشار المذهب الشيعي في مصر، ويقف ضد عودة العلاقات بين مصر وإيران، أو دعم حماس، مما يعود بالفائدة على دعم سوريا.

ومن جانبه، نفى رياض الأسعد قائد الجيش السوري الحر، تلك الأنباء أيضاً، وقال في تصريحات لصحيفة جزائرية إن عمر سليمان لم يقتل في التفجير الذي استهدف مبنى الأمن القومي في دمشق، بتاريخ 18 يوليو/ أيلول الجاري، وهو اليوم السابق على إعلان وفاة سليمان.
كل هذا النفي، لم يردع المصريين عن تداول الشائعات حول الوفاة الجنائية لسليمان، وصل الأمر إلى إتهام جماعة الإخوان المسلمين بالتورط في إغتياله، بالإشتراك مع أميركا وإسرائيل، لكن الأيام وربما السنوات القادمة وحدها سوف تكشف الغموض الذي أحاط بوفاة الرجل الذي طالما وصف بـquot;الرجل الغامضquot;.