العميد مناف طلاس قد يلعب في سوريا دور أحمد الجلبي في العراق

تلعب الاحتقانات الطائفية دورا اساسيا في ثورات المجتمعات المنقسمة والتي تكون أنفاسها انتهاكات الأنظمة، فيلجأ البعض الى اعتماد حلول منها تهيئة أحدى الشخصيات المعارضة البارزة لاستلام قيادة البلاد بعد سقوط نظامها، وهو الدور المرشح للعبه العميد السوري المنشق مناف طلاس.


لندن: يرى محللون ان من مشاكل دعم الثورات في مجتمعات منقسمة، تمزقها احتقانات طائفية، بغالبية ساخطة بعد عقود من انتهاكات نظام يكتم أنفاس مواطنيه، وصعوبة تشكيل حكومة قوية وطيدة بعد التطويح برأس النظام القديم.

وإحدى الطرق الشائعة للتعامل مع المشكلة لكنها طريقة نادرا ما تتكلل بالنجاح، هي ترويج شخصية من معارضة الخارج، وتهيئتها لقيادة الدولة بعد التغيير. وبالنسبة للولايات المتحدة في حالة العراق، كانت تلك الشخصية أحمد الجلبي الذي اتضح انه لا يتمتع بشعبية تُذكر في العراق، وانتهى به المآل رابطا حظوظه السياسية بايران ومدرَجا على القائمة السوداء بقرار من الاستخبارات الأميركية التي مر يوم كانت متولعة به تتلقف كل كلمة يتفوه بها، كما لاحظت صحيفة كريستيان ساينس مونتر مشيرة إلى ان مؤيدين نافذين لحرب العراق يدعون الآن إلى جولة ثانية في سوريا.

واليوم ترنو مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية الحائرة بأنظارها نحو العميد مناف طلاس، الذي انشق مؤخرا عن نظام الرئيس بشار الأسد. وكان العميد طلاس قائد لواء في الحرس الجمهوري السوري لكنه ينتمي إلى الأغلبية السنية. الده عمل وزيرا للدفاع في عهد حافظ الأسد والد بشار، وأسرته حققت مكاسب كبيرة من صفقات تجارية كبيرة في عهد الأسد. مع ذلك تعهد قبل أيام بالعمل على تدشين عهد ديمقراطي جديد. ومن مواصفاته الأخرى التي يتفائل بها مروجوه في الغرب، ان العميد طلاس يحب النبيذ الأحمر والسيكار الكوبي، وبالتالي فهو ليس صديقا للاخوان المسلمين، كما تلاحظ صحيفة كريستيان ساينس مونتر.

وبعد اسابيع من الصمت في فرنسا حيث هرب قبل ثلاثة اسابيع شرع العميد طلاس في الحديث لوسائل الاعلام واطلاق تصريحات مسجلة على اشرطة الفيديو. وزار تركيا حيث التقى وزير الخارجية احمد داود اوغلو واعدا بالعمل على توحيد المعارضة السورية.

وقبل يومين، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين لم تسمهم، أنهم يبحثون وضع العميد مناف طلاس في مركز عملية نقل السلطة وانه يمكن ان يسهم في إعادة النظام في دمشق، وتأمين ترسانة سوريا الكبيرة من الأسلحة الكيميائية.

وتشك غالبية المتابعين للأزمة السورية، في ان مقاتلي المعارضة الذين يخوضون مواجهات مع قوات النظام السوري منذ اوائل العام الماضي، سيفتحون أحضانهم للعميد مناف طلاس. ودعت صحيفة كريستيان ساينس مونتر المهتمين بالعميد وما يمثله إلى قراءة ما كتبه الباحث بسام حداد الذي التقى العميد طلاس قبل سنوات قليلة. ويكتب حداد:
quot;قُدِّمت تلك الليلة إلى مناف طلاس زوج تالا بوصفي quot;باحثا سورياquot; يدرس quot;الاقتصاد السوريquot;. وقتذاك كان مناف من أقوى رموز النظام يعمل جنبا إلى جنب مع ماهر الأسد، شقيق بشار الأصغر، قائد وحدات نخبوية في الحرس الجمهوري. وحال الظلام من تبين ملامحه بوضوح، وكان غالب ما رأيته الجمرة المتقدة في نهاية السيكار الذي بدا ملصَقا بأصابعه بعملية جراحية، إن لم يكن بشفتيه.

طرح بضعة اسئلة وأجبتُ بأدب. كنتُ أعرف من هو، وفكرت أنه من الغريب أن يتخالط بهذه الحرية.... وفي رحلة تالية، خلال حفلة عيد ميلاد في مطعم آخر، التقيتُ مناف مرة أخرى.... كان مناف صريحا تماما وبدا اكثر اهتماما بالدردشة منه بالمراقبة. ومع ذلك ترددتُ لبعض الوقت قبل أن ينصحني اصدقاء بألا أفوت اللقاء.
وقتذاك كان مناف نجما صاعدا ، شديد القرب من أسرة الأسد. إذ استعاد أركان النظام خيلاءهم بعد سنوات quot;من الترصينquot; الذي حدث في أعقاب توريث بشار الرئاسة. كان يوما للبدء بإعادة بناء سوريا من جديد، بقيادة أكثر شبابا وفطنة وإن كانت أقل خبرة. وكانت الموضوعة quot;تحديثاquot; اكثر منها اصلاح وquot;استمراريةquot; أكثر منها quot;تغييرquot;quot;.

ويجادل البعض بينهم الباحث جوشوا لانديس من جامعة اوكلاهوما الذي أقام سنوات في سوريا ولديه علاقات واسعة مع اقطاب النظام، بأن مناف طلاس هرب من سوريا لأنه كان يفضل استخدام قفاز حريري بدل القبضة الحديدية في التعامل مع الانتفاضة.

ولكن مناف طلاس هو في نهاية المطاف ابن جاه وسلطان شديد الارتباط بانتهاكات نظام الأسد ، لم يغادر السفينة إلا مؤخرا. ومن المستبعد أن يسطع نجمه بسرعة بين الثوار الليبيين كما سطع في صفوف نظام البعث الذي خدمه سنوات طويلة، بحسب صحيفة كريستيان ساينس مونتر.